سرايا - عادت خوارزمية توصيات المحتوى، التي تُشغّل منصة الفيديوهات القصيرة تيك توك، إلى دائرة الضوء مجددًا بعد أن وقّعت شركة بايت دانس الصينية مالكة التطبيق اتفاقيات ملزمة لتأسيس مشروع مشترك يمنحه إدارة عمليات تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة إلى مستثمرين أميركيين وعالميين، من بينهم شركة الحوسبة السحابية أوراكل.

وفيما يلي ما نعرفه حتى الآن عن مصير هذه الخوارزمية، عقب إنشاء المشروع المشترك.

في حين يُعد إنشاء هذا الكيان الجديد خطوة كبيرة نحو تجنب حظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، فضلًا عن تخفيف التوترات التجارية والتكنولوجية بين واشنطن وبكين، لا تزال هناك حالة من الغموض تحيط بملكية خوارزمية التوصية، التي تُعد جوهرة التاج في تيك توك.

قال راش دوشي، الذي شغل منصبًا في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، في تصريح له على منصة إكس، إنه من غير الواضح ما إذا كانت الخوارزمية قد نُقلت أو رُخّصت أو ما زالت مملوكة وتسيطر عليها بكين، مع اقتصار دور "أوراكل" على "المراقبة" فقط، بحسب ما أوردته "رويترز".

وتُعد الخوارزمية عنصرًا أساسيًا في النجاح العالمي لتيك توك، وحتى قبل بضعة أشهر، كان موقف "بايت دانس" أنها تفضل إغلاق التطبيق في الولايات المتحدة على بيعه.

لكن في سبتمبر، أفادت رويترز، نقلًا عن مصادر، أن "بايت دانس" ستحتفظ بملكية عمليات تيك توك التجارية في الولايات المتحدة، لكنها ستتنازل عن السيطرة على بيانات التطبيق ومحتواه وخوارزميته لصالح المشروع المشترك.

ووفقًا للمصادر في ذلك الوقت، سيعمل المشروع المشترك كمنصة تشغيل خلفية للشركة الأميركية، وسيتولى التعامل مع بيانات المستخدمين في الولايات المتحدة والخوارزمية، بينما ستواصل وحدة منفصلة، مملوكة بالكامل لـ"بايت دانس"، السيطرة على الأنشطة التجارية المُدرّة للإيرادات مثل التجارة الإلكترونية والإعلانات.

وقال مصدران مطلعان، لرويترز يوم الجمعة، إن هذه الترتيبات شكّلت الإطار العام للصفقة التي أُعلن عنها يوم الخميس، وأوضحا أن كيان " تيك توك الولايات المتحدة" الخاضع لسيطرة "بايت دانس" سيظل الجهة المُولّدة للإيرادات، في حين سيحصل المشروع المشترك الجديد على جزء من هذه الإيرادات مقابل خدماته التقنية وخدمات البيانات.

ولم تُعلن الحكومة الصينية حتى الآن موقفها من الصفقة الموقعة. وكانت بكين قد أجرت تعديلات على قوانين التصدير في عام 2020 تمنحها حقوق الموافقة على أي تصدير للخوارزميات أو الشيفرات المصدرية، ما يضيف طبقة من التعقيد أمام أي محاولة لبيع أعمال التطبيق في الولايات المتحدة أو فصلها عن الشركة الأم.

ما سر قوة الخوارزمية؟
يقول المحللون إن النجاح العالمي لتيك توك لا يكمن في الخوارزميات فحسب، بل يشمل أيضًا كيفية عملها جنبًا إلى جنب مع صيغة مقاطع الفيديو القصيرة.

لكن "تيك توك" أثبت أن الخوارزمية القائمة على فهم اهتمامات المستخدم قد تكون أكثر فعالية. فبدلًا من بناء خوارزميتها على "الرسم البياني الاجتماعي" كما تفعل "ميتا"، أوضح مسؤولو تيك توك التنفيذيون أن خوارزمية المنصة تعتمد على "مؤشرات الاهتمام".

وتُتيح صيغة الفيديو القصير لخوارزمية "تيك توك" أن تكون أكثر ديناميكية، بل وقادرة على تتبع التغيرات في تفضيلات واهتمامات المستخدمين مع مرور الوقت، وصولًا إلى مستويات دقيقة للغاية، مثل ما قد يفضله المستخدم في فترة زمنية معينة من اليوم.

علاوة على هذا، فقد صُمم تيك توك كتطبيق مخصص للهواتف المحمولة منذ البداية ما منحه ميزة تنافسية على المنصات المنافسة التي اضطرت إلى تكييف واجهاتها من شاشات الكمبيوتر.

كذلك، منح الدخول المبكر لـ"تيك توك" إلى سوق مقاطع الفيديو القصيرة الشركة ميزة الأسبقية؛ إذ لم تطلق "ميتا" ميزة الفيديوهات القصيرة "ريلز" على إنستغرام إلا في عام 2020، بينما أطلقت شركة ألفابت ميزة الفيديوهات القصيرة "شورتس" على منصة يوتيوب في عام 2021، وكلاهما يتخلف عن "تيك توك" من حيث سنوات البيانات المتراكمة وخبرة تطوير المنتجات.

ماذا تكشف الدراسات عن الخوارزمية؟
يُوصي تطبيق تيك توك بانتظام بمحتوى لا يندرج ضمن اهتمامات المستخدمين، وهو ما أكدت إدارة الشركة مرارًا وتكرارًا على أهميته لتجربة المستخدم.

وخلصت دراسة نشرها باحثون من الولايات المتحدة وألمانيا العام الماضي، إلى أن خوارزمية تيك توك "تستغل اهتمامات المستخدمين في 30% إلى 50% من مقاطع الفيديو المُقترحة"، وذلك بعد تحليل بيانات 347 مستخدمًا وخمسة برامج آلية.

وكتب الباحثون في ورقة بحثية بعنوان "تيك توك وفن التخصيص": "تشير هذه النتيجة إلى أن خوارزمية تيك توك تُفضل اقتراح عدد كبير من مقاطع الفيديو الاستكشافية، إما في محاولة لفهم اهتمامات المستخدم بشكل أفضل، أو لزيادة معدل الاحتفاظ به من خلال اقتراح العديد من مقاطع الفيديو التي لا تندرج ضمن اهتماماته (المعروفة)".