27-11-2025 09:21 AM
بقلم : حسين هزاع المجالي
ما جرى في الرمثا ليس حادثًا أمنيا معزولًا، ولا مجرّد مواجهة مع مطلوبين خارجين عن القانون، بل هو فصل واضح من فصول الصراع مع فكر متطرّف يرى في الدولة والمجتمع خصما وجوديا، ويؤمن بأن العنف وسيلته الوحيدة لفرض تصوراته.
التعامل مع هذه الفئة لا يمكن اختزاله في توصيف أمني تقليدي؛ فنحن أمام عقيدة مغلقة تُنتج العنف، وتعتبره فعلًا مشروعا، بل واجبا، متى ما توهّمت أنها تمتلك “الحقيقة المطلقة”.
الخطورة الحقيقية لا تكمن في السلاح الذي تحمله هذه العناصر، بل في العقل الذي يحرّك الزناد.
هذا الفكر لا يعترف بحدود، ولا يميّز بين رجل أمن ومدني، ولا بين قريب وبعيد، ولا يتورّع عن استخدام أي وسيلة متاحة للوصول إلى غايته، بما في ذلك التمويه، الكذب، أو استغلال الروابط الأسرية.
ما يحسب للأجهزة الأمنية الأردنية أنها لا تنتظر الجريمة لتقع، بل تقرأ الإشارات المبكرة، وتتحرك في التوقيت الذي يمنع الخطر ويقلّل كلفته. الاحتراف هنا ليس في القوة، بل في حسن التقدير، والقدرة على الموازنة بين إنفاذ القانون وحماية المجتمع.
وقد أثبتت التجربة أن الحزم المبكر مع هذا الفكر هو الخيار الأقل كلفة على الدولة والمجتمع معا.
التصدي للفكر التكفيري لا يكون بالسلاح وحده، بل بمنظومة متكاملة تشمل: خطابًا دينيًا واضحًا لا يقبل التأويل المنحرف، وعيًا مجتمعيًا يرفض التبرير والتساهل، دورًا فاعلًا للأسرة والمدرسة والإعلام، وتعاونًا صريحًا مع الأجهزة المختصة، فالتطرّف غالبًا لا يولد فجأة، بل ينمو في الظل، ويتغذى على الصمت أو التغاضي.
الأردن دولة قانون، ويثبت في كل مرة أنه لا يساوم على أمنه، ولا يسمح لأي فئة بأن تفرض منطقها بالعنف أو التكفير.
والتحية واجبة لرجال الأجهزة الأمنية الذين يؤدّون واجبهم بصمت، ويدركون أن حماية الوطن ليست شعارًا، بل مسؤولية يومية.
سيبقى الأردن قويًا… ما دام يعرف أن مواجهة التطرف تبدأ من العقل، ولا تنتهي عند حدود القوة.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-11-2025 09:21 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||