بقلم : الدكتور فارس العمارات
يُشير مصُطلح "المُرتزقة السيبرانيون " إلى مجموعة متنوعة من الشركات التي تعمل في مجال الأمن السيبراني، حيث تقوم بتطوير وبيع أجهزة ومعدات، وخدمات إلكترونية تُستخدم لاختراق أجهزة الضحايا وغالبًا ما تضم قائمة عملاء هذه الشركات بعض الحكومات والأجهزة الأمنية، أو حتى الشركات التي تسعى للحصول على ميزة ضد مُنافسين .
وشهد سوق المُرتزقة السيبرانيون نموًا هائلًا خلال السنوات الأخيرة، حيث تُشير بعض التقديرات إلى أن قيمته تخطت 12 مليار دولار عالميًا، ويعود جزء كبير من هذا النمو إلى الحكومات التي تبحث عن أدوات وخدمات متطورة تُستخدم في عمليات التجسس الإلكتروني، ضمن ما يمكن وصفه بساحة معركة سيبرانية جديدة ، وتتمثل هذه الأهداف المُعلَنة لهذه العمليات في محاربة الإرهاب والجماعات الإجرامية الكبرى.
وُتُعد إسرائيل من أبرز الدول المصدرة لهذا النوع من الشركات والتقنيات التجسسية. إذ قامت 56 حكومة بشراء برمجيات وتجهيزات إلكترونية من شركات إسرائيلية أو ذات صلة بها ، وإحدى هذه الشركات المشهورة هي (NSO Group)، والتي تقف وراء تطوير برمجية التجسس "بيغاسوس" (Pegasus).
وفي كثير من الأحيان، تستخدم الأنظمة الاستبدادية والحكومات مثل هذه الأدوات لاستهداف الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، والمعارضين السياسيين ، وكشف تحقيق أجرته شركة "ميتا" عام 2021 أن مجموعات المرتزقة السيبرانيون استغلوا منصات مثل: فيسبوك وإنستغرام لاستهداف ما يقرب من 50 ألف شخص من أكثر من 100 دولة حول العالم ، ومن بين هذه المجموعات، برزت "مجموعة أطلس للاستخبارات" باعتبارها مختلفة عن غيرها ، والميزة الفريدة لمجموعة سيبرانية تكمن في قدرتها على توظيف مرتزقة سيبرانيون لتنفيذ مهام محددة ضمن حملات هجومية أكبر ، وهذا النهج يجعله نموذجًا مختلفًا عن معظم المجموعات في هذا المجال.
واكتسبت مجموعة شهرة كبيرة العام الماضي، حيث كانت تروّج لخدماتها عبر قنوات شهيرة على تطبيق تلغرام، بالإضافة إلى قنواتها الخاصة ، وقد استهدفت هجمات المجموعة عددًا من الدول حول العالم أبرزها الولايات المتحدة، باكستان، إسرائيل، وكولومبيا ،ووفقًا لتقرير صادر عن شركة الأمن السيبراني (Cyberint) فإن ما يجعل تلك المجموعة مميزة هو أسلوب عملها المنظم ، وعلى عكس المجموعات الأخرى التي تعتمد على مشاركة جميع أفراد الفريق في تفاصيل الهجمات، فإن المجموعة السيبرانية تُبقي غالبية مسؤوليها بعيدًا عن التفاصيل الدقيقة. وحدهم القادة والمسؤولون الكبار لديهم معرفة شاملة بعملية الهجوم في حين يتم تجنيد مرتزقة لإنجاز مهام محددة داخل الحملة عبر قنواتهم على تلغرام .
وهذا النظام يحافظ على السرية ويضمن تنفيذ المهام بدقة دون الكشف عن الخطط تتخصص تلك الشركة في تقديم مجموعة متنوعة من الخدمات ضمن هذا المجال، ومن أبرزها التصدي لهجمات الحرمان من الخدمة الموزعة (DDOS)، التي تُعد من بين أكثر الهجمات الإلكترونية شيوعًا، ففي هذا النوع من الهجمات، يقوم المهاجم بإرباك خادم الشركة عبر إغراقه بطلبات مرور هائلة، ما يؤدي إلى تعطيل وصول المستخدمين إلى الخدمات والمواقع المرتبطة بهذا الخادم. كما تشمل الخدمات الشائعة في هذا السياق تسريب البيانات، حيث يبدو أن تلك المجموعة السيبرانية لا تقتصر على استهداف منطقة أو قطاع محدد، بل تركز على أي بيانات قد تكون ذات قيمة للمشترين المُحتملين.