حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,9 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3218

صايل خليفات يكتب: الاستثمار الحقيقي بين وهم المهرجانات ومشروعات النهضة الغائبة

صايل خليفات يكتب: الاستثمار الحقيقي بين وهم المهرجانات ومشروعات النهضة الغائبة

صايل خليفات يكتب: الاستثمار الحقيقي بين وهم المهرجانات ومشروعات النهضة الغائبة

09-11-2025 01:39 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ. صايل خليفات
تتجه أنظار بعض الجهات الرسمية في الأردن منذ سنوات، إلى استثمارٍ ظاهره الترفيه وباطنه العجز عن رؤية الأفق التنموي الواعي، والمنضبط تحت دستور الدين وعادات المجتمع وتقاليده.

قدَّموا لنا مهرجان جرش للفنون، ومن بعده مهرجانات العقبة والبتراء وعمان، على أنها تجسيد للنجاح الثقافي والسياحي، وأنها نافذة لترويج الأردن كوجهة حضارية سياحية منفتحة. غير أن هذا النفس الاستثماري ما هو إلا مسير على سكة العجزة في ميدان الإدارة والابتكار والتطوير، كما أنه يقبع في زاوية مظلمة محجوبة عن الرقابة والمحاسبة، إذ تغيب عنها الأرقام الدقيقة، والدراسات الاقتصادية، وأي تقييم محايد يثبت مردودها التنموي الفعلي.

فالإنفاق العام على هذه الحفلات لا يخضع لسلطة الرقابة الحقيقية، ولا تُنشر بياناتها لتوضح العائد السياحي أو المالي منها، في حين أن المؤشرات الواقعية تؤكد أنها مشاريع خاسرة بكل معنى واتجاه، إلا على فئة محدودة من المتنفذين والمنظمين والوسطاء، ممن يحوّلون المال العام إلى عمولات وأجور لا تخضع لميزان المساءلة. هذه ليست استثمارات في الثقافة، بل استثمارات في التفاهة، تسوّق لها وتروجها جهات متنفِّعة مارقة في مسيرة الوطن، وفي كل مسيرة تنموية، وتغيب عنها الرؤية الوطنية.

المفارقة المؤلمة أن هذا الحماس الرسمي تجاه هكذا خيبات، لا نراه في ميادين الاستثمار العلمي أو الصناعي أو التجاري.

فلم نسمع عن مهرجان أردني للصناعات الوطنية أو معرض عالمي للتكنولوجيا، أو مؤتمر إقليمي في السياحة المستدامة، أو في الزراعة والحصاد المائي والانتاج الغذائي، رغم أن تلك المجالات وحدها هي التي تبني اقتصاداً منتجاً وتصنع وطنا قويا، وتستقطب عقول الشباب التائه المهدورة طاقاته نحو العمل والابتكار، لا سيما أن لدينا طاقات شبابية ضخمة تتوق للعمل وتحلم به، وتريد أن تغير فعلا في الواقع، وتحمل هماً ذاتيا ومجتمعيا ووطنيا.

فالنهضة لا تصنعها الحفلات والرقص والصراخ ، بل يصنعها رجال ومؤسسات ارتقت بفكرها وهمومها نحو البناء الحقيقي في الفرد والمجتمع والوطن، وتعمل لذلك الليل والنهار، تخطط وتبتكر.

إن الإصرار على ربط الترفيه بالسياحة، وتمويه مسارات النجاح الحقيقي في معالجة الواقع، يكشف خللاً في البوصلة الإدارية والقيمية والتنموية.

فالدولة الرشيدة هي التي توازن بين الترفيه المسؤول والتنمية الجادة، وتوجه مواردها نحو ما يرسّخ الكفاءة الوطنية لا نحو ما يستهلكها.

والقيادة الواعية مطالبة اليوم بأن تعيد تعريف الاستثمار وتحدد مؤشراته ومجالاته.



أما الدعوات إلى حفلات يختلط فيها الضجيج بالضياع والتيه، فلا تُبقي أثراً سوى صور عابرة وذاكرة مثقلة بالخيبة، ولعنة تطارد أصحابها مدى الدهر.

لقد آن للسياسات العامة أن تنتقل من ثقافة التجميل الظاهري إلى ثقافة البناء الحقيقي، وأن تعيد الاعتبار لمبدأ الجدوى الوطنية في كل مشروع أو نشاط أو إنفاق.

فمقدرات الوطن لا يُروَّج لها بالغناء والرقص والاختلاط، بل بإظهار إمكانات عقول أبنائه وإرادتهم، وإيمانهم بأن الأردن يستحق أن يكون نموذجاً للنهضة لا منصة للعب وإضاعة المال وتبديد الطاقات.

تأملت كثيرا لمن أبعث مقالي هذا، فكلما وجهت وجهي تلقاء أحد تراءى أمام ناظري أن فاقد الشيء لا يعطيه، فقلت أبث شيئا إلى أذن الإعلام، وأعهد للرياح بما تبقى.











طباعة
  • المشاهدات: 3218
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
09-11-2025 01:39 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنتقل المعارك والمواجهات إلى الضفة الغربية بعد توقف الحرب بين "إسرائيل" وحماس في غزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم