09-11-2025 11:43 AM
بقلم : عقيد متقاعد محمد الخطيب
الدرس من الأمن العام: التحديث بلا إعلام… مشروع بلا روح
هل يمكن لأي إصلاح وطني أو تطوير مؤسسي أن يكتمل دون تحديثٍ إعلامي يوازيه ويترجمه إلى وعي عام وثقة مجتمعية؟
الإجابة تأتي من الواقع الأردني نفسه، ومن تجربةٍ ناصعةٍ عنوانها جهاز الأمن العام، الذي شكّل خلال العقدين الماضيين نموذجا فريدا في التحديث الإداري والتقني والعملياتي والإنساني، ورافقه إعلامٌ أمني حديث ومتجدد كان جزءا أصيلًا من هذه المسيرة.
لقد أدرك الأمن العام مبكرا أن التطوير لا يُقاس فقط بعدد الإدارات أو الأجهزة أو التقنيات، بل بمدى حضور المؤسسة في وعي الناس وثقتهم. ومن هنا جاء الإعلام الأمني الأردني ليكون مرآة التطوير وبوصلته، لا مجرد ناقلٍ للخبر أو وسيطٍ بين المؤسسة والمجتمع. فقد تطوّر الخطاب الإعلامي الأمني ليتجاوز لغة البيانات الجافة إلى لغة الوعي والطمأنينة، وليقدّم صورة الأمن الإنساني لا الأمن القاسي، وصوت الشراكة لا الصوت الواحد.
الحقيقة التي لا ينبغي تجاهلها، أن الإعلام هو الذي يمنح أي عملية تحديث مشروعيتها الاجتماعية. فهو الذي يشرح ما يجري، ويفسّر لماذا يجري، ويقرّب الفكرة من المواطن ليشعر أنه جزء من التحول لا متفرج عليه. وبدون إعلامٍ حديثٍ، محترفٍ، وشفاف، تبقى مشاريع التطوير حبيسة الأدراج أو أسيرة العناوين المؤقتة التي لا تلامس الوعي العام.
الإعلام الأمني الأردني، بفضل رؤيته واحترافيته، أصبح نموذجًا في الربط بين الميدان والعقل، وبين القوة والرحمة، وبين القرار والمعلومة. إعلامٌ يؤمن أن القوة الحقيقية لا تُقاس بعدد الدوريات، بل بثقة الناس، ولا تُبنى بالمؤتمرات، بل بصدق الكلمة.
وهنا، تبرز الحاجة لأن تحذو المؤسسات الرسمية والحكومية حذو جهاز الأمن العام في هذا النهج الواعي، وأن تستلهم تجربته في الجمع بين التحديث العملي والتواصل الفعّال مع المجتمع. فالحكومة اليوم، وهي تمضي في تنفيذ مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، مطالبة بأن تُدرج “التحديث الإعلامي” ضمن أولوياتها، لأن الإصلاح بلا إعلام واعٍ يشبه البناء بلا أساس.
هكذا سار الأمن العام والإعلام الأمني معا، يدا بيد، في مسيرة عنوانها: الأمن الوطني يبدأ من الوعي، وينضج بالكلمة المسؤولة.
فمع كل خطوة تحديث في الميدان، تطوّر الخطاب الإعلامي الأمني ليصبح أكثر وعيا واحترافًا وشفافية، يعكس وجه الأمن الأردني الإنساني قبل العسكري، ويقدّم للعالم صورة مؤسسةٍ وطنيةٍ تجمع بين الانضباط والتجدد، وبين الصرامة والرحمة.
لقد تحوّل الإعلام الأمني في الأردن من أداة تواصل إلى شريك في صناعة الصورة الوطنية، ومن قناة خبرية إلى مساحة وعي مجتمعي تحفظ العلاقة بين المواطن ورجل الأمن على أساس الاحترام والثقة.
وبذلك يمكن القول إنّ مسيرة تطوير جهاز الأمن العام لم تكن تقنيةً وإداريةً فقط، بل اتصالية وفكرية أيضا، أفرزت إعلاما أمنيا حديثا يليق بمستوى المؤسسة، وبصورة الأردن التي تزداد إشراقًا كل يوم.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-11-2025 11:43 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||