09-11-2025 08:30 AM
بقلم : عمر النادي
في خطوة وُصفت بأنها رمزية أكثر منها استراتيجية، أعلنت كازاخستان انضمامها إلى اتفاقيات أبراهام، في مشهد يعكس محاولات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لإظهار نفسه لاعبًا فاعلًا في الساحة الدبلوماسية الإقليمية والدولية. إلا أنّ قراءة متأنية للحدث تكشف أنه لا يحمل أي وزن حقيقي في ميزان السياسة الدولية، بقدر ما يعكس مأزق الاحتلال المتفاقم وعزلته المتزايدة على الصعيد العالمي.
رغم أن كازاخستان دولة ذات موقع جغرافي مهم في آسيا الوسطى، فإن تأثيرها في موازين القوى الدولية يظل محدودًا، ما يجعل من انضمامها إلى هذه الاتفاقيات تحركًا رمزيًا أكثر منه تحولًا استراتيجيًا. ويبدو أن الاحتلال يدرك ذلك تمامًا، غير أنه يسعى من خلال هذا الإعلان إلى خلق انطباع مصطنع بوجود توسع في دائرة التطبيع، وتقديم الخطوة على أنها "إنجاز دبلوماسي" يضيف إلى رصيده المتآكل.
تأتي هذه الخطوة في ظل تراجع الصورة الدولية لإسرائيل نتيجة استمرار عدوانها على الشعب الفلسطيني، ولا سيّما في قطاع غزة والضفة الغربية. فبدلًا من أن تُحدث اتفاقيات أبراهام اختراقًا في علاقات الاحتلال مع العالم، أصبحت وسيلة لتلميع صورةٍ باتت ملطخة بالدماء والانتهاكات، ومحاولة للهروب من واقع الإدانة الدولية المتصاعدة.
يُلاحظ كذلك أن الإعلان عن انضمام كازاخستان تزامن مع حملة دعائية مكثفة تهدف إلى إيهام الرأي العام العالمي بأن الأوضاع في غزة قد هدأت، وأن إسرائيل استعادت مكانتها الطبيعية في المجتمع الدولي. غير أن هذه الرواية لا تصمد أمام الواقع الميداني، حيث ما زالت المجازر مستمرة، والمعاناة الإنسانية تتفاقم، ما يجعل أي محاولة لتسويق صورة مغايرة أشبه ببروباغندا سياسية قصيرة الأمد.
إنّ جوهر الأزمة لا يكمن في شكل الاتفاقيات أو عدد الدول المنضمة إليها، بل في السلوك الممنهج للاحتلال الذي يقوم على العدوان، والتمييز، وانتهاك القوانين الدولية. فطالما استمر هذا النهج، ستبقى محاولات التطبيع مجرد غطاءٍ دبلوماسي هشّ لا يُغيّر من حقيقة العزلة الأخلاقية والسياسية التي يعيشها الاحتلال في نظر العالم.
من المرجح أن لا تُحدث هذه الخطوة أي تأثير جوهري في مسار العلاقات الإقليمية، إذ لم يعد التطبيع بحد ذاته مؤشرًا على قوة دبلوماسية أو قبول سياسي، بقدر ما أصبح أداة تكتيكية قصيرة المدى تستخدمها إسرائيل لتخفيف الضغط الدولي المتصاعد. كما أن البيئة الدولية الحالية، التي تشهد تحولات في موازين القوى ومراجعة شاملة للسياسات الغربية في الشرق الأوسط، تجعل من الصعب أن تجد مثل هذه التحركات صدى واسعًا أو دعمًا حقيقيًا.
وعليه، يمكن القول إن انضمام كازاخستان إلى اتفاقيات أبراهام لا يتعدى كونه محاولة لتجميل المشهد الخارجي للاحتلال الإسرائيلي، دون أن يغير شيئًا من جوهر الصراع أو الواقع الميداني في الأراضي الفلسطينية. فالقضية الفلسطينية، بما تمثله من بعد إنساني وسياسي وقانوني، ما زالت تختبر صدقية العالم، وتُظهر أن التطبيع لا يمكن أن يكون بديلًا عن العدالة أو السلام الحقيقي.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-11-2025 08:30 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||