حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,8 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4143

نوفل يكتب: بوادر ردع عربي جديد

نوفل يكتب: بوادر ردع عربي جديد

 نوفل يكتب: بوادر ردع عربي جديد

08-11-2025 08:48 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الصيدلي عدوان قشمر نوفل
أولًا: حرب لم تنتهِ بعد – صدام بين واشنطن وتل أبيب
في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الحرب على غزة انتهت وأن وقف إطلاق النار بات مستقر إلى حد ما، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليؤكد العكس تمامًا، معلنا أن "الحرب لم تنتهِ بعد"
ليست هذه مفارقة لغوية فحسب، بل هي تعبيرٌ عن تصادمٍ عميق بين المصالح السياسية للبيت الأبيض والاعتبارات الأمنية والعسكرية لتل أبيب.
فترامب يسعى إلى تسويق " انجاز دبلوماسي" يعيد له صورة صانع السلام للعالم، ويظهر واشنطن كقوة قادرة على إيقاف نزيف الحروب، بينما يرى نتنياهو في إعلان النهاية خطرا يقيد حركته ويعرضه للمساءلة الداخلية. لذلك تبنى استراتيجية : لا حرب شاملة، ولا سلام كامل، مع استمرار السيطرة على نصف قطاع غزة تقريبا، واشتراط إعادة الإعمار بنزع السلاح واستعادة جثامين الجنود المتبقبه.

بهذه المعادلة، تحافظ إسرائيل على يدٍ عسكريةٍ و سياسية ثابتة في المشهد، وتلقي بعبء التهدئة وإدارة المعابر على الوسطاء العرب (مصر وقطر وتركيا) بينما تحتفظ بحقها في الضربات المحددة (كما تفعل في لبنان) كلما أرادت الضغط أو الردع.

ثانيًا: واشنطن تغير أدواتها في الاقليم– التحالف العربي يعود إلى المسرح.
وسط هذا المشهد المتأزم، ظهرت خطوة مفصلية: دراسة وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) طلب السعودية شراء 48 طائرة F-35 الشبحية المتقدمة.
للوهلة الأولى قد تبدو صفقة تسليحية عاديه فحسب، لكنها في الواقع إشارة استراتيجية لإعادة هندسة و ترتيب التحالفات الإقليمية.
فوفقا لتقارير "رويترز" و"واللا" الإسرائيلية، فإن الإدارة الأمريكية دفعت بهذا الملف إلى مرحلة متقدمة داخل البنتاغون قبيل زيارة ولي العهد محمد بن سلمان إلى واشنطن. الخطوة تُفسر في إسرائيل على أنها تحول غير مسبوق في سياسة واشنطن التقليدية القائمة على الحفاظ على “التفوّق النوعي” العسكري الإسرائيلي منذ اكثر ستين عامًا. وقد عبر رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت عن قلقه قائلا: "للمرة الأولى منذ عقود، تفوقنا النوعي في خطر."
لكن خلف هذه المخاوف الإسرائيلية تكمن رؤية أمريكية مختلفة: واشنطن تريد تحالفا عربيا قويا قادرا على موازنة النفوذ الإيراني دون الاعتماد الكامل على إسرائيل، كما تريد بناء شبكة ردعٍ عربية تشارك في حفظ الأمن الإقليمي وتخفف الضغط عن الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط.

ثالثًا: ميلاد "ردع عربي" جديد
لم يعد ميزان القوى كما كان. فالمعركة الأخيرة في غزة كشفت هشاشة العقيدة العسكرية الإسرائيلية حين واجهت مقاومة محدودة الإمكانيات لكنها عالية الإرادة. عندها بدأت واشنطن – كما ورد في تقارير الملف – تدرك أن قوة إسرائيل كانت “دعائية أكثر منها واقعية”، وأن الاعتماد الحصري عليها لم يعد كافيا لحماية المصالح الأمريكية في المنطقة.
هنا ولدت فكرة "التحالف الموازي": مصر والسعودية في محور واحد، مدعومتان تكنولوجيا وتسليحيا من واشنطن، بما يجعل الكفة العسكرية والسياسية أكثر توازنا.
هذا التحول لا يعني مواجهة عربية مباشرة مع إسرائيل، بل ردعا استراتيجيًا عربيا جديدا يقوم على ثلاثة مرتكزات:
1. الردع التقني: دخول سلاح الجو السعودي – في حال تمت الصفقة – إلى نادي “الجيل الخامس” سيكسر الاحتكار الإسرائيلي للتكنولوجيا الشبحية، ويخلق معادلة توازن.
2. الردع السياسي: عودة القرار العربي إلى طاولة الأمن الإقليمي، بحيث تصبح الرياض والقاهرة شريكتين في صنع القرار لا مجرد وسيطتين.
3. الردع الرمزي: استعادة الثقة في الذات العربية وقدرتها على التأثير في المعادلات الكبرى دون المرور عبر بوابة تل أبيب.

رابعا: إسرائيل فقدت التفوق
التحدي الأكبر أمام إسرائيل لم يعد فقط عسكريا، بل معنويا وسياسيا. ففقدان التفوق الجوي سيعني فقدان أداة الضغط التي طالما استخدمتها لإملاء الشروط، كما أن استمرار الحرب في غزة يستنزف صورتها كـقوة لا تهزم.
وفي المقابل، تزداد قناعة واشنطن والعواصم العربية بأن الضمان الحقيقي للاستقرار في المنطقه هو التوازن لا التفوق المطلق.
لذلك فإن التحالفات الجديدة لا تنذر بحرب عربية-إسرائيلية تقليدية لأن امريكا لاتريدها، بل بولادة نظام ردع متبادل يحد من اندفاع تل أبيب في الاقليم، و يجبرها على التفكير ألف مرة قبل أي مغامرة عسكرية، خصوصًا إذا أصبحت الطائرات التي تحلق فوق البحر الأحمر تحمل نفس البصمة التقنية التي تملكها إسرائيل.

بينما يصر ترامب على أن الحرب انتهت، يصر نتنياهو على أن بابها لم يغلق بعد. لكن الحقيقة أن ما انتهى فعلاً هو الزمن الذي كانت فيه إسرائيل اللاعب الأوحد في المنطقة.
اليوم تتشكل تحالفات جديدة من القاهرة إلى الرياض ومن واشنطن إلى تل أبيب، تحالفات تعيد الاعتبار لفكرة الردع العربي الجماعي بعد غياب طويل.
قد لا تكون الحرب انتهت في غزة، لكنها فتحت أبواب مرحلة جديدة: مرحلة الردع العربي – الأميركي المشترك الذي يضغط على إسرائيل بدل أن يدور في فلكها.











طباعة
  • المشاهدات: 4143
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
08-11-2025 08:48 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنتقل المعارك والمواجهات إلى الضفة الغربية بعد توقف الحرب بين "إسرائيل" وحماس في غزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم