حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,7 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3248

د. خالد الشقران يكتب: إسرائيل وصناعة الفوضى

د. خالد الشقران يكتب: إسرائيل وصناعة الفوضى

د. خالد الشقران يكتب: إسرائيل وصناعة الفوضى

06-11-2025 09:26 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. خالد الشقران
يشكل المشهد في الجنوب السوري اليوم أحد الملفات المرشحة لتكون الاكثر خطورة في الإقليم، بعدما تحولت الاراضي السورية إلى ساحة مفتوحة أمام التدخلات الإسرائيلية المتكررة، تحت ذرائع أمنية ظاهرها منع تمدد نفوذ خصوم إسرائيل، وباطنها تثبيت واقع جديد يهدد وحدة سوريا وأمن جوارها الإقليمي.

حيث يتعرض الجنوب السوري لاعتداءات متكررة وخطيرة من جانب إسرائيل، تتجاوز في شكلها ومضمونها حدود العمليات العسكرية التقليدية إلى محاولات منهجية لإعادة تشكيل خريطة النفوذ داخل الأراضي السورية، ومنع الدولة من بسط سيادتها الكاملة على حدودها الجنوبية، فخلال الأشهر الماضية، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية واستهدافها لمواقع الجيش السوري في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، في محاولة واضحة لإضعاف حضور الدولة في المنطقة، ومنع انتشار وحداتها العسكرية قرب الحدود، بما يتعارض مع قواعد القانون الدولي ومبدأ سيادة الدول.

تستند إسرائيل في روايتها الرسمية إلى حجة «منع تموضع اي قوات حتى تلك التابعة للدولة السورية» في الجنوب السوري قد تشكل خطرا على امنها، لكنها في الواقع تمارس سياسة مزدوجة تقوم على إضعاف مؤسسات الدولة السورية وتغذية الفوضى الأمنية، من خلال دعم مجموعات محلية مسلحة في محافظة السويداء، وتزويدها بكميات كبيرة ومتنوعة من السلاح والتمويل ودعم تجارة المخدرات بهدف خلق جبهة داخلية تعيق عودة الجيش السوري إلى كامل مناطق الجنوب، تحت ذريعة حماية الأقليات أو دعم «الإدارة الذاتية المحلية»، وهو ما يكرس واقع الانقسام ويهدد وحدة المجتمع السوري ويخلق شرخاً اجتماعياً خطيراً داخل مجتمع لطالما اتسم بتماسكه ووطنيته، وتحوله إلى ساحة تجاذب بين أطراف داخلية وخارجية، ما يهدد بانتقال الفوضى إلى مناطق أخرى من البلاد، وقد يتسبب كل ذلك في اعادة إنتاج الصراع السوري في صيغة جديدة تقوم على تفتيت الولاءات المحلية وتهميش الدولة، وهو ما يمثل في جوهره مشروعاً لتفكيك سوريا وإضعافها كركيزة أساسية في منظومة الأمن العربي.

الهدف الأعمق من هذا النهج يتجاوز الجنوب السوري ذاته، إذ تسعى إسرائيل إلى إقامة حزام أمني غير معلن يمتد على طول حدودها الشمالية، خال من أي وجود عسكري سوري، بما يمنحها عمقاً استراتيجياً إضافياً ويجعل الأراضي السورية مجالاً رخـواً يمكن التحكم به أمنياً وربما تسهيل تنفيذ مخططاتها المتعلقة بخلق ممر يتيح لها الوصول الى الاراضي العراقية وهو ما يشكل تهديدا لسيادة دولة اخرى في الاقليم، الامر الذي يزيد من تعقيد وخطورة هذا السلوك العدواني لدولة الاحتلال الاسرائيلي على استقرار الاقليم برمته، إذ إن استمرار استهداف الجيش السوري وتغذية التوتر الداخلي ينعكسان مباشرة على أمن دول الجوار، وخاصة الأردن ولبنان، اللتين تواجهان تداعيات أمنية متزايدة على حدودهما نتيجة الفراغ الذي تخلفه هذه الاعتداءات.

إن ما يجري في الجنوب السوري اليوم لا يمكن فصله عن مستقبل الاستقرار في الشرق الأوسط، فالتدخلات الإسرائيلية المتكررة، ومحاولات منع الجيش السوري من بسط سيطرته، وتغذية النزاعات المحلية، كلها تؤسس لمرحلة خطيرة من الفوضى العابرة للحدود، وإذا لم يتحرك المجتمع الدولي لإيقاف هذا المسار، فإن الجنوب السوري قد يتحول إلى بؤرة توتر دائمة تمتد تداعياتها نحو العديد من دول الاقليم الامر الذي تتزايد معه احتمالات انفجار الاوضاع الاقليمية مجددا بشكل قد يصعب احتواؤه.

لقد آن الأوان لأن يتعامل المجتمع الدولي مع هذه التطورات باعتبارها تهديداً مباشراً للاستقرار الإقليمي، فترك الجنوب السوري ساحة مفتوحة للعبث والغارات والاختراقات الاسرائيلية يعني القبول بتفكيك بطيء للدولة السورية، وفي مواجهة هذا الوضع ينبغي تشكيل موقف دولي حازم يرفض سياسات فرض الأمر الواقع ويعيد الاعتبار لسيادة سوريا ووحدة أرضها وشعبها، حمايةً لأمن المنطقة ومستقبلها المشترك ومنع احتمالات نشوب صراعات جديدة تجهض فرص السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط.











طباعة
  • المشاهدات: 3248
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
06-11-2025 09:26 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنتقل المعارك والمواجهات إلى الضفة الغربية بعد توقف الحرب بين "إسرائيل" وحماس في غزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم