سرايا - مع التقدم في العمر، تبدأ أجسامنا بإرسال إشارات صامتة لا ترى بالعين المجردة، لكن يمكن كشفها بوضوح في قطرة دم واحدة، وبينما يتجه الكثيرون نحو الأجهزة الذكية والتطبيقات لتتبع مؤشرات الصحة، يبقى اختبار الدم الوسيلة الأبسط والأدق لمراقبة التغيرات الحيوية داخل الجسم خصوصا بعد سن الأربعين، حيث تبدأ بعض الوظائف الحيوية بالتراجع التدريجي.

الخبراء يؤكدون أن هذه الخمسة اختبارات الأساسية يمكن أن تحدث فارقا حقيقيا في جودة الحياة والوقاية من أمراض العصر.



اختبار الكوليسترول.. توازن الدهون مفتاح صحة القلب
الكوليسترول ليس عدوا كما يعتقد دائما، بل هو عنصر ضروري لإصلاح أنسجة الجسم، لكن الخطر يكمن في اختلال التوازن بين نوعيه:

الكوليسترول "النافع" (HDL) الذي ينتجه الكبد ويساعد في تنظيف الشرايين،

والكوليسترول "الضار" (LDL) الذي يؤدي تراكمه إلى انسداد الأوعية وزيادة خطر أمراض القلب.

توصي هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS) بالحفاظ على مستوى HDL عند 1.2 ملجم/ديسيلتر أو أعلى، ومستوى LDL أقل من 3 ملجم/ديسيلتر،وبعد الأربعين، تقل قدرة الجسم الطبيعية على التخلص من الدهون الضارة، لذا ينصح بممارسة التمارين الهوائية، وتناول أطعمة غنية بالألياف مثل الشوفان والفاصوليا والتفاح، إلى جانب الدهون غير المشبعة كالمكسرات والأسماك الزيتية،الفحص بسيط ويمكن إجراؤه في العيادات أو في المنزل باستخدام أطقم تحليل متوفرة تجاريا.



اختبار الغدة الدرقية.. المحرك الصغير الذي يضبط طاقة الجسم
تقع الغدة الدرقية الصغيرة في مقدمة الرقبة، لكنها تتحكم في كثير من العمليات الحيوية كالأيض، وحرارة الجسم، ومعدل ضربات القلب.

اختلالها، سواء بزيادة أو نقص إفراز هرموناتها (T3 وT4)، يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن، والإرهاق، وتقلب المزاج.

تشير الدراسات إلى أن ما يقارب 10٪ من الأشخاص يعانون من قصور في الغدة الدرقية، وترتفع النسبة بين النساء فوق الستين إلى نحو 20٪.

إجراء الفحص بانتظام يساعد على اكتشاف الخلل مبكرا، ويمكن إدارة الحالة عبر تعديلات غذائية ونمط حياة صحي، أو باستشارة طبيب الغدد الصماء لتحديد العلاج المناسب.



اختبار التستوستيرون.. هرمون الحيوية لدى الرجال والنساء
يظن كثيرون أن هرمون التستوستيرون يهم الرجال فقط، لكنه أساسي أيضا لصحة النساء، إذ يؤثر في الطاقة والمزاج والكتلة العضلية،يبدأ التستوستيرون في الانخفاض تدريجيا بعد سن 35 إلى 40 عاما، بمعدل 1٪ سنويا لدى الرجال، فيما تبدأ النساء بفقده من الثلاثينيات،نقص التستوستيرون يؤدي إلى الإرهاق، انخفاض الرغبة الجنسية، وتراجع الثقة بالنفس.

النطاق المثالي لمستوى الهرمون يختلف من شخص لآخر، لكن القاعدة العامة أن يشعر الشخص بانخفاض في الأداء الذهني أو الجسدي عند تراجع مستوياته إلى ما دون 15 نانومول/لتر لدى الرجال.

استشارة طبيب مختص تساعد في تحديد السبب ووضع خطة علاج آمنة، تشمل أحيانا تعديلات غذائية أو دعما هرمونيا مراقبا،اختبار فيتامين (د): ضوء الشمس الغائب،في البلدان قليلة التعرض للشمس، مثل بريطانيا، يُعد نقص فيتامين (د) من أكثر المشكلات شيوعا، إذ تشير التقديرات إلى أن 85٪ من الأشخاص يعانون من مستوياته المنخفضة.

فيتامين (د) أساسي لصحة العظام والمناعة والعضلات، ومع التقدم في السن تقل قدرة الجلد على إنتاجه، حتى يصل الفقد إلى 50٪ بحلول سن الثمانين،توصي NHS بتناول مكملات فيتامين (د) طيلة أشهر الشتاء أو على مدار العام لمن لا يتعرضون لأشعة الشمس الكافية،يمكن قياس مستواه في الدم بسهولة، كما أن الجرعات اليومية المعتدلة من المكملات آمنة وفعالة لمعظم الناس.



اختبار السكر التراكمي (HbA1c).. نافذة على التمثيل الغذائي
رغم أن المقال الأصلي لم يذكره، إلا أن معظم الخبراء يُجمعون على أن اختبار الهيموجلوبين السكري التراكمي (HbA1c) ضروري بعد الأربعين، فهو يظهر معدل السكر في الدم خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

يساعد هذا الفحص على الكشف المبكر عن مقاومة الإنسولين أو مرحلة ما قبل السكري، مما يتيح التدخل السريع بالنظام الغذائي أو النشاط البدني قبل تطور الحالة إلى مرض مزمن.

عندما نصل إلى الأربعين، لا يعود الاهتمام بالصحة رفاهية، بل ضرورة للعيش بوعي وجودة حياة أفضل، قد لا تخبرك المرايا أو الميزان بما يحدث داخل جسمك، لكن اختبار الدم يفعل ذلك بدقة،إن إجراء هذه الفحوصات الخمسة بانتظام هو استثمار في عمرك القادم لأن المعرفة في هذه الحالة ليست مجرد قوة، بل وقاية من أمراض يمكن تجنبها بسهولة.