بقلم : أ. علي الزينات
لم أكن أظن أنني سأشهد يوما أن تتحوّل فيه الجامعة الأردنية — أم الجامعات وواجهة التعليم في الاردن — إلى ساحة قتال مفتوحة، يختلط فيها صدى الكتب بصوت الصراخ، وتتحول طفايات الحريق إلى أدوات "بطولة " ويغدو الطالب مقاتلًا لا باحثا عن العلم ، لكنها اليوم حدثت، وها نحن أمام ما يمكن وصفه دون مبالغة بـ "غزوة الجامعة الأردنية في القرن الحادي والعشرين " .
حقيقة وارجو ان تعذروني ان المشهد لا يليق بمحراب العلم
في يوم كان يفترض أن يكون يوما دراسيا كغيره، ونهاية اسبوع تكون فيه الأنفس مطمئنة ، اشتعلت الفوضى داخل الحرم الجامعي. مشاجرة بين طلاب سرعان ما اتخذت طابعا جماعيا، وتطايرت الطفايات وكأننا في تمرين ميداني لا في قاعة دراسية.
انتشرت مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحول الحدث إلى مادة للسخرية، بينما وقفت الجامعة أمام مشهد يختصر مأساة التعليم حين يفقد هيبته، وحين يتحول “طالب العلم” إلى متفرغ للفوضى.

عندما تنتصر العصبية على العقل ، ما جرى ليس مجرد “خلاف طلابي” بل ظاهرة ثقافية مقلقة تعبر عن تراجع منظومة القيم داخل الحرم الجامعي ... حين يدخل بعض الطلاب بعقلية “القبيلة” لا “الجامعة” فإننا أمام جيل يقدس الانتماء الضيق على حساب الانتماء الوطني، ويستحضر منطق العصبية في مكان يفترض أن يعلي من شأن الفكر والنقاش الحر.

لقد هزمت اليوم “الجامعة” أمام “العشيرة”، وانتصرت “الهوية الفرعية” على “العقل الجمعي” وما لم نواجه هذه الحالة بشجاعة تربوية ومجتمعية، فسنستمر في إنتاج أجيال ترفع الشعارات في المدرجات، وتلوح بالأيدي في المشاجرات، وتظن أن الرجولة تقاس بعدد الصيحات لا بعدد الإنجازات.
اعتقد جازما انه لا بد من اجراء تأديبي صارم ، يعيد لجامعاتنا الهيبة والمكانة العلمية المنشودة، بعيدا عن التعاطف والمحسوبيات التي اوصلتنا الى هذه المشاهد، والتي اعتقد انها نتائج ساهمت العديد من الجهات مسؤولية وصولنا اليه.