بقلم : الدكتور فارس العمارات
وزراء عدة بل كُثر سبقوك في الحديث عن السياحة العلاجية ، وكيفية جلبها وجذبها والحفاظ على مستواها بل زيادة وتيرتها ، الا انهم وللأسف لم يفلحوا في ذلك ، فازمات وحروب مرت خلفت كثير من الجرحى والمرضى حولنا ، ولم نستفد منها كما استفادت دولا ابعد منا ، وهذا بالطبع يعود الى اسباب كثيرة ومُتعددة ومعقدة وعابرة جراء اجرءات لا طائل منها سوى خسارة استقبال هولاء المرضى .
ولا يمكن تحقيق سياحة علاجية مُتقدمة دون ترسيخ مبدأ الشفافية في الأجور والتكاليف، والبُعد عن الجشع والطمع والاستغلال والاجحاف . فالمريض القادم من الخارج يضع المصداقية على رأس أولوياته، ويسعى للحصول على تفاصيل دقيقة حول التكاليف منذ البداية بعيدًا عن أي مفاجآت قد تؤثر سلبًا على ثقته. لذلك، تُعدّ أنظمة التسعير الواضحة والموحّدة خطوة ضرورية لتعزيز الثقة بقطاع الرعاية الصحية لدينا. ووجود قاعدة بيانات شاملة لم يعد خيارًا بل ضرورة. وتوفير معلومات دقيقة حول التخصصات الطبية، وأسماء الأطباء وخبراتهم، يُعدُّ أساسيًا للمريض الذي يبحث عن أفضل الخدمات. وإنشاء منصة إلكترونية رسمية وحديثة تضمن للمريض الوصول السريع إلى الطبيب المناسب لحالته، ما يُسهم في رفع كفاءة وسرعة تقديم الرعاية الصحية. وتعزيز التعاون بين الأطباء هو مفتاح لإنقاذ الأرواح وتحقيق أداء طبي متميز. ولتجاوز العقبات الحالية، يجب أن يسود مبدأ العمل الجماعي بين الأطباء، بحيث يتم تحويل الحالات إلى المُتخصصين الأنسب. وهذا التعاون ليس فقط واجبًا مهنيًا وأخلاقيًا، بل هو أيضًا انعكاس لصورة متحضّرة عن الطب في الأردن ويضمن تقديم أفضل رعاية ممكنة. وخطوة إقامة مكاتب تمثيلية متخصصة للقطاع الصحي الأردني في المطارات والسفارات تمثل فكرة مبتكرة توفر حلولًا ملموسة للمرضى . وهذه الخدمات التي تُقدم على مدار الساعة تساعد المرضى في ترتيب إجراءات العلاج بكل كفاءة. إذا تم تنظيم هذه المبادرات بشكل فعّال، فمن شأنها أن تعزز مكانة الأردن كرائد إقليمي في السياحة العلاجية وتغرس الثقة والراحة لدى المرضى منذ بداية رحلتهم. أما بالنسبة لإجراءات إصدار تأشيرات الدخول والموافقات اللازمة للمرضى، فلا يزال هناك حاجة مُلحّة لتبسيط وتسريع هذه العمليات باستخدام تقنيات حديثة وطرق إبداعية. بحيث يكون هناك استثناء في التأشيرات للمرضى ومُرافقيهم بعيدا عن التعقيد والتأخير ، بل يمكن لهم السفر مباشرة مجرد ان قدموا تقريرا طبيا من مُستشفى اردني حتى لا يبحثوا عن وجهة أخرى علاجية تتميز بالسرعة والتحفيز والجذب العلاجي وتحسين هذه الإجراءات سيزوّد الأردن بميزة تنافسية كبيرة ويُتيح للمرضى تجربة علاجية مُريحة منذ لحظة اتخاذهم قرار القدوم وحتى وصولهم لتلقي العلاج.
معالي الوزير يتمتع الأردن بجميع المقومات التي تؤهله ليكون الوجهة الأولى للسياحة العلاجية في المنطقة، بفضل ما يزخر به من كفاءات طبية متميزة وبنية تحتية مُتقدمة وموقع جغرافي استراتيجي. ومع ذلك، يتطلب تحقيق نقلة نوعية في هذا القطاع المزيد من التنظيم والشفافية والتعاون بين مختلف الأطراف المعنية لدفعه نحو آفاق أوسع وأكثر تطورً، بعيدا عن كل تعقيد وبيروقراطية لا نفع ولا نتاج منها ، فالسفينة لا تجري على اليبس .