06-10-2025 12:19 PM
بقلم : م. أحمد يوسف الشديفات
زيارة سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، إلى المركز الوطني للأمن السيبراني مؤخراً لم تكن تفقداً روتينياً، بل خطوة استراتيجية تحمل دلالات عميقة حول مستقبل هذا القطاع في الأردن. فالزيارة عكست بوضوح أن ملف الأمن السيبراني أصبح في صدارة الأولويات الوطنية، باعتباره أحد أعمدة مشروع التحول الرقمي والإصلاح المؤسسي.
الأجواء التي أحاطت بالزيارة عكست شعوراً بأن المرحلة المقبلة ستكون مختلفة. فمع اقتراب نهاية العام، جاء توقيت الزيارة متزامناً مع اطلاع سموه على الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2025–2028 ومسار تنفيذها، في إشارة بالغة الدلالة بأن السنوات الماضية خُصصت لرسم السياسات وبناء الإطار التشريعي، أما الأعوام المقبلة فهي أعوام التنفيذ العملي وتحويل الرؤى إلى واقع ملموس.
وما يميز هذه الاستراتيجية أنها لا تقتصر على الجانب التقني فحسب، بل تتناول أربعة محاور متكاملة: بناء بيئة رقمية آمنة، تعزيز الحوكمة، تطوير القدرات الوطنية، وتوسيع الشراكات. وفي هذا السياق، جاء تأكيد ولي العهد على المورد البشري والوعي المجتمعي، باعتبار أن الأمن السيبراني لا يصنعه النظام وحده، بل الإنسان القادر على توظيفه وحمايته وتطويره.
كما أن الزيارة جاءت مع مرحلة انتقالية مهمة، بعد تعيين عطوفة السيد إيهاب الحناوي رئيساً للمجلس الوطني للأمن السيبراني، وتعيين عطوفة المهندس محمد الصمادي رئيساً للمركز الوطني للأمن السيبراني. والمطلعون يجمعون على أن هذا الاختيار جاء نتاجاً لخبراتهم الطويلة في الإدارة والعمل المؤسسي والقطاع التكنولوجي، ما يضمن قيادة قادرة على دفع مسيرة المركز بثقة وكفاءة، والمضي قدماً في ملف الأمن السيبراني والبناء على ما تم انجازه.
لكن ما هو أبعد من التفاصيل، أن حضور ولي العهد شخصياً إلى مقر المركز كان بمثابة إعلان أن الأمن السيبراني قضية سيادية، وجزء لا يتجزأ من منظومة الأمن الوطني الشامل. فالزيارة لم تُقرأ فقط كحدث بروتوكولي، بل كرسالة استراتيجية تقول بوضوح: إن مستقبل الأردن الرقمي لن يُبنى بالتصريحات، بل بالفعل؛ لن يُصان بالنيات، بل بالمؤسسات القوية؛ ولن يتحقق إلا حين يتحول الأمن السيبراني من ملف تقني إلى ركيزة وطنية توازي في أهميتها الماء والطاقة والغذاء.
إنها زيارة أغلقت مرحلة التمهيد، وفتحت الباب لمرحلة التنفيذ، وأعادت صياغة معادلة الأمن الوطني لتضيف إليها بعداً جديداً اسمه: الأمن السيبراني كأفق للدولة الحديثة. ومن يقرأ المشهد بعمق، يدرك أن ما جرى لم يكن مجرد زيارة، بل كان إعلاناً عن بداية حقبة جديدة، سيكون عنوانها: الأردن يدخل عصر الأمن السيبراني بثقة ووعي واستعداد لمواجهة المستقبل.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-10-2025 12:19 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |