06-10-2025 12:16 PM
بقلم : م. محمد العمران الحواتمة
لن نسمح أبداً أن يقال لنا اصمتوا عن الوطنيه ، ولن نقبل ان تكمم افواهنا حين نتحدث عن عشقنا الاكبر ، عن الاردن الذي يسكن فينا قبل ان نسكن فيه . فالوطن ليس موضوعا يناقش ، بل هو عقيده نؤمن بها ودم يجري في العروق ، هو الفكره الاولى التي تنبت في القلب قبل ان يعرف الانسان معنى الكلام ، وهو الأمان الذي لا يشترى ولا يساوم بثمن .
نحن ابناء هذا الوطن ، نحمله في ملامحنا ولهجتنا وسكون أرواحنا ، نحمل ترابه في الذاكره كما يحمل الجندي بندقيته في الخندق ، لا يفرط بها مهما اشتد الخطر .
لن ادأتكلم اليوم الا عن الوطن ، لأن ما عداه مؤقت ، اما هو فباق ما بقيت السماء والارض .
لا املك غيره ، لا بيت لي في امريكا ، ولا مأوى في أوروبا ، ولا جواز آخر الوذ به ان ضاقت الارض . فان حدث للوطن شيء لا سمح الله ، فلن يكون لي من ملجأ الا حضنه ، حتى وان احترق ، سنبقى فيه نحترق معه ، لأن المركب ان غرق ، غرقنا كلنا .
هذا الوطن ليس خياراً ، انه قدرنا الجميل ، وواجبنا الذي لا يؤجل ، وشرفنا الذي لا يمس .
اعرف وطنك قبل ان تعرف نفسك ، واعرف ان للوطن حدوداً لا تتجاوز ، وحدود الوطن ليست على الخريطه فقط ، بل في الضمير ايضاً .
إن مس احد الوطن بكلمه ، فقد مسنا جميعا ، وان شكك احد في اخلاصنا له ، فقد انكر ضوء الشمس في كبد السماء .
لا شيء اعظم من ان تكون على حق مع وطنك ، ولا شيء اخس من ان تساوم عليه او تضعه في ميزان الحسابات الحقيره ، فالوطن لا يقاس بالمكاسب ، بل بالتضحيات .
قد يغريك المال ، وقد تبهرك المناصب ، وقد يغرك بريق الخارج ، لكن الوطن هو الحقيقه الثابته في زمن مليء بالزيف .
كل ما حولك يتبدل ، الا هو . الوطن لا يخذلك ، وان قسا عليك ، فكل قسوته حنان ، وكل المه عزه .
ان كانت الاوطان تشترى ، فاعذروا من باع ، اما نحن فلا نملك سوى الاردن ، نحتمي به من الرياح ، ونستمد من جباله الكبرياء ، ومن صحراوه الصبر ، ومن شعبه الرجوله التي لا تعرف الانكسار .
من السهل ان تجلس صامتاً كالشيطان الاخرس حين يساء للوطن ، لكن الصمت في حضره الخيانه جريمه لا تغتفر .
فلتعل ادأصواتنا دفاعاً عن كرامه بلدنا ، ولتكن كلمتنا سيفاً لا يغمد ، فالوطن لا يحميه الا رجاله ، ولا يرفعه الا افعالهم الصادقه .
لا ترفعكم كراسيكم ، بل أنتم من ترفعون الكراسي بافعالكم ، فالعظمه ليست في المنصب ، بل في الخدمه ، في العمل الذي ينقذ وطناً لا يريد ان ينحني .
يا ابناء الاردن ، انتم الحصن الذي لا يخترق ، والسور الذي لا يهدم .
ما زالت رايتكم ترفرف في السماء لانها رفعت بسواعد مخلصه ، وما زال اسمكم مهيباً لانكم لم تركعوا يوما الا لله .
لقد مرت على هذا الوطن عواصف كثيره ، وتكالب عليه الحاسدون والطامعون ، لكنه بقي واقفاً لان فيه رجالا يعرفون ان الانتماء لا يشترى ، وان الدفاع عن الارض واجب لا يطلب ، بل ينبع من القلب كما ينبع النبض من الحياه .
الاردن ليس مجرد مساحه جغرافيه ، بل حكايه مجد تروى منذ الاف السنين ، وطن حفر اسمه في التاريخ لا بالذهب ، بل بالدماء الزكيه التي سالت على ترابه لتكتب العهد الابدي بين الشعب والارض والقياده .
هذا الوطن الذي حملناه في قلوبنا ونحن نسير في دروب التعب ، يليق به ان نقدم له كل ما نملك دون انتظار مقابل .
فالوطن لا يساوم عليه ، ولا يناقش كانه قضيه عابره ، انه مصير ومن يفرط في مصيره لا يستحق الحياه .
تفضيل الوطن فوق كل اعتبار ليس خياراً بل واجبا مقدساً ، لان كل علاقه تهون امام العلاقه التي تربطنا بالارض التي انجبتنا .
كل مصلحه شخصيه تمحى حين يلوح الوطن بنداء الخطر ، وكل حساب صغير يتبخر حين يعلو صوت الحق الوطني .
فالمناصب زائله ، والكراسي لا تدوم ، اما الوطن فهو الباقي ، من اجله نضحي ، ومن اجله نعيش .
من يتحدث عن الوطن ليس من باب التفاخر ، بل من باب العهد ، لان الوطنيه ليست شعارات تقال ، بل مواقف تختبر في اصعب الظروف .
وحين تختبر النفوس ، يظهر معدنها الحقيقي ، فالوطن لا يطلب كلمات ، بل افعالاً ، لا يريد صخباً ، بل اخلاصاً .
ومن يبيع وطنه مقابل ثمن رخيص ، فقد باع نفسه اولاً .
الاردن باق ، مهما تبدلت الحكومات وتعاقبت الازمان ، لان في كل بيت فيه قصه وفاء ، وفي كل قلب نبضه تقول : هنا وطني ، وهنا سأبقى .
هذه الارض علمتنا ان الكبرياء لا يشترى ، وان الشرف لا يقايض ، وان الرجوله لا تقاس بالمال ولا بالمناصب ، بل بالثبات في الموقف ساعه المحن .
فلنقلها واضحه : هذا الوطن خط احمر لا يمس ولا يساوم عليه ، ولا يتلاعب بمصيره .
من يحب الاردن فليبرهن بحبه بالفعل ، ومن يحقد عليه ، فليعلم ان حقده سيبقى ضعيفاً امام جدار من الايمان والولاء لا يخترق .
سيبقى الاردن عصياً على الكسر ، قوياً بابنائه ، شامخاً بقيادته ، ثابتاً كالجبال التي تحرسه من الجهات الاربع .
وفي النهايه نقولها كما هي : نحن ابناء هذا الوطن ، لا نحمل سواه ، ولا نعرف غيره ، وان كتب القدر يوما ان نغرق ، فسنغرق فيه لا منه .
لان الانتماء ليس كلمه ، بل دم يجري في العروق ، ولاننا نؤمن ان الاوطان لا تحفظها الشعارات ، بل الرجال الذين اذا قالوا فعلوا ، واذا وعدوا اوفوا ، واذا دعي الوطن نادوه بارواحهم قبل اصواتهم .
هذا هو الاردن ، وهذا نحن ، لا نطلب منه شيئاً سوى ان يبقى بخير لان بقاءه هو بقاؤنا ، وعلوه هو عزنا ، ونوره هو الذي يبدد ظلام هذا العالم المتقلب .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-10-2025 12:16 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |