حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,8 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 7943

جهاد المنسي يكتب: استعادة الهيبة

جهاد المنسي يكتب: استعادة الهيبة

جهاد المنسي يكتب: استعادة الهيبة

06-10-2025 09:14 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : جهاد المنسي
اختلقت نظرة الأردنيين إلى مجلس النواب ولم تعد كما في السابق، فقد تراجعت الثقة، وتضاءل الآمل بقدرته على حماية مصالح الناس ومحاسبة الحكومات، وفي قلب هذا المشهد، يقف رئيس المجلس المقبل أمام مهمة صعبة لكنها ممكنة، تتمثل في إعادة الهيبة والصدقية للمؤسسة التشريعية، التي تلاشت عبر سنوات، وإقناع الشارع بأن المجلس ما يزال قادراً بأن يكون صوتهم لا صدى غيره.

ما ينتظره الأردنيون ليس مجلساً مثالياً، بل مجلس حقيقي، يعترف بأخطائه ويعمل على تصحيحها، وما يريدونه من رئيس المجلس هو أن يعيد للمنبر التشريعي هيبته، وأن يجعل من الكلمة موقفاً، ومن الموقف التزاماً، لا مجرد ضجيج سياسي، فقد ملّ الناس الوعود والبيانات، ويريدون أداءً يُقنعهم ويعيد لهم الأمل الذي بدأ يتلاشى.
إذا فان المطلوب من الرئيس الجديد للمجلس هو إدراك أن الثقة لا تُشترى ولا تُفرض، بل تُستعاد بالفعل والموقف، وبقدر ما يكون المجلس مستقلاً في قراراته، حازماً في رقابته، منفتحاً في حواره، بقدر ما سيجد طريقه إلى استعادة الثقة والاستقرار في وجدان الناس، فقد تعب المواطن من المشهد الذي يرى فيه مجلسه النيابي متردداً أو صامتاً حين تتخذ الحكومة قرارات ذات أثر سلبي.
الحقيقة الثابتة أن رئيس المجلس هو ميزان المؤسسة، وضابط إيقاعها السياسي، وإدارة الجلسات بعدالة، ومنح الجميع حق التعبير، واستخدام أدوات النظام الداخلي، والدخول في مناقشة لتعديله بما يؤمن استمرار الإصلاح، وبذلك يمكن إعادة الاحترام للمجلس في الداخل والخارج، لكن إذا استمر الأمر، فلن يختلف الأداء ولن يتغير الانطباع العام مهما تبدلت الأسماء والوجوه.
الناخب وغيره ونحن كمراقبين يريدون رؤية المجلس النيابي يعمل بعقل مفتوح، والشفافية هنا هي كلمة السر في هذا التحول، وهذا يعني فتح الأبواب أمام الإعلام، وإطلاع الرأي العام على تفاصيل العمل التشريعي، ومصارحته بما يجري داخل اللجان والجلسات، لأن الغموض هو الذي من شأنه تغذية الشك، فالرئيس هو الذي يخط مبدا الوضوح والشفافية.
وليس ذاك فقط، فالرئيس عليه التعامل مع النواب كشركاء، فالمجلس لا يدار بالترضيات، بل بالحوار والإنصاف، وهذا يعني حماية حق النائب في مساءلة الحكومة، وعدم إسكات أي صوت يعبّر عن همّ الناس، لأن الصمت أخطر من المعارضة، والسكوت عن الخطأ مشاركة فيه، والقوة الحقيقية للرئيس ليست في قدرته على إخماد الخلافات، بل في توجيهها نحو إنتاج مواقف وطنية ناضجة.
وبالأثر فإن الرئيس عليه ترتيب البيت الداخلي للمجلس، من خلال تطوير عمل اللجان وإرساء معايير مهنية في اختيار أعضائها، فقد أصبح المواطن يدرك أن القوانين الكبرى لا تُناقش فعلاً في الجلسات العلنية، بل تُحسم داخل اللجان، وإذا لم تكن هذه اللجان كفؤة ومتخصصة، فسيظل التشريع ضعيفاً وغير مقنع، ولا تكتمل الصورة دون حضور القيم والسلوك الشخصي.
بالمجمل فان استعادة الثقة ليست شعاراً يرفع، بل مسار طويل يبدأ من اليوم الأول، والمسؤول الأول عن رسم هذا المسار هو الرئيس نفسه، فإذا اختار أن يكون قريباً من الناس، فسيعود المجلس إلى مكانه الطبيعي في قلب الدولة والمجتمع، أما إذا فشل في إدارة المشهد فإن الصورة لن تختلف وستظل المسافة بين الناس ومجلسهم تتسع أكثر.
فرئيس المجلس هو واجهة المؤسسة، وصورتها في الإعلام والشارع وهو القادر على تحديد موقف الناس من البرلمان ككل، لذلك فإن ضبط النفس، والابتعاد عن الاستعراض، أمور لا تقل أهمية عن إدارة الجلسات أو تمرير القوانين، فالرئاسة ليست امتيازا، بل مسؤولية تتطلب أن يكون صاحبها مشغولا بالمصلحة العامة وحدها.








طباعة
  • المشاهدات: 7943
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
06-10-2025 09:14 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تنهي خطة ترامب حرب "إسرائيل" على غزة وتدفع نحو إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم