حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,16 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5145

زياد فرحان المجالي يكتب: التاريخ يُكتب بلغة القوة لا بلغة الاستجداء

زياد فرحان المجالي يكتب: التاريخ يُكتب بلغة القوة لا بلغة الاستجداء

زياد فرحان المجالي يكتب: التاريخ يُكتب بلغة القوة لا بلغة الاستجداء

14-09-2025 09:07 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : زياد فرحان المجالي
في الأمس القريب، اجتمع مجلس الأمن الدولي ليبحث العدوان الإسرائيلي الذي طال غزة والدوحة. لكن ما خرج من القاعة لم يكن قرارًا ملزمًا ولا حتى موقفًا صريحًا، بل بيان صحفي متردّد، خجول، يتهرّب من ذكر اسم إسرائيل كأنما المعتدي شبح مجهول. في تلك اللحظة، انكشفت حقيقة المنظومة الدولية أمام عيوننا: مجلس الأمن لم يعد مرجعًا للعدالة، بل واجهة عاجزة تكتفي ببيانات باردة.

مجلس الأمن… من منصة القرار إلى مسرح العجز
أنشئ مجلس الأمن ليكون سلطة عليا لحماية السلم العالمي. لكنه، في لحظات الحقيقة، ينكمش إلى ما يشبه "نقابة للصحفيين". يصدر بيانات مراوغة تخشى غضب الأقوياء، ويتجنّب تسمية المعتدي حتى لو كان واضحًا وضوح الشمس. هذه ليست حيادية، بل انحياز فاضح يبرّئ القاتل ويُدين الضحية بالصمت.
العدالة الانتقائية وانهيار الشرعية الدولية
ما حدث لم يكن سابقة. فكلما تعلّق الأمر بإسرائيل، تسقط العدالة الدولية في حفرة الانتقائية. نرى قرارات عاجلة إذا تعلق الأمر بأوكرانيا أو أي حليف غربي، لكن حين تُقصف غزة وتُستهدف الدوحة، يُكتفى بالبيانات الصحفية. القانون الدولي إذًا ليس ميزانًا للحق، بل أداة بيد الأقوياء.
الدوحة وغزة تفضحان عدالة العالم
العدوان على غزة الذي حوّل شوارعها إلى مقابر جماعية، والضربة الغادرة في قلب الدوحة، ليسا حدثين منفصلين، بل شاهدين على حقيقة واحدة:
أن إسرائيل محمية بحصانة مطلقة.
أن الغرب يتواطأ بالصمت أو التبرير.
أن مجلس الأمن صار شاهد زور على الدماء العربية.
غزة والدوحة لم تكشفا فقط وجه إسرائيل، بل فضحتا أيضًا عجز العالم وزيف شعاراته.
الرسالة الموجّهة للأمة: لا مكان للضعفاء
المشهد كان صريحًا: إذا لم يدافع العرب والمسلمون عن أنفسهم، فلن يحميهم أحد. العالم لا يبكي على القتلى، ولا يحزن لكرامة مهانة. مكانة الأمة تُصنع بالقوة، بالوحدة، وبامتلاك أوراق الردع. أمّا المتفرقون، فلن ينالوا سوى المزيد من الإذلال.
القوة ليست بندقية فقط
حين نقول إن التاريخ يُكتب بلغة القوة، فإننا لا نحصر القوة في البندقية وحدها. القوة متعددة الأوجه:
عسكرية: جيوش عقيدتها القتال من أجل الوطن، لا من أجل السلطة.
اقتصادية: النفط، الغاز، الأسواق، المقاطعة… أوراق ردع حقيقية.
إعلامية: الكلمة والصورة أقوى من الرصاص إذا عرّت جرائم الاحتلال.
شعبية: وعي الشعوب وإرادتها هما خط الدفاع الأول.
الأمة التي تملك هذه الأسلحة مجتمعة لا يمكن أن تُستباح.
من سايكس – بيكو إلى اللحظة الراهنة
التاريخ يذكّرنا دائمًا: من لا يملك القوة يُفرض عليه قدره. من سايكس – بيكو إلى نكبة فلسطين، كان الضعف هو المدخل لكل هزيمة. واليوم، إذا استمر العجز والصمت، فإن غزة والدوحة لن تكونا المحطتين الأخيرتين، بل البداية لسلسلة أشد مرارة.
الشعوب تتحرك… والحكومات تتردد
بين صوت الشارع العربي الغاضب، وصوت الحكومات الخجول، فجوة تتسع. الشعوب تعرف أن معركة غزة والدوحة ليست محلية، بل معركة الأمة كلها. الحكومات، في المقابل، تخشى المواقف الصريحة. وهنا تكمن الخطورة: إذا استمر هذا الانفصام، فستملأ القوى الأجنبية الفراغ.
الغرب وازدواجية المعايير
لا جديد في موقف الغرب. يرفع شعارات حقوق الإنسان حين يريدها ورقة ضغط، لكنه يصمت حين يكون القاتل إسرائيليًا. ازدواجية المعايير لم تعد بحاجة إلى تفسير، فهي أوضح من أن تُخفى: قانون دولي يُطبَّق على الضعفاء ويُعلّق أمام الأقوياء.
أدوات الضغط العربي الغائبة
من يراجع ميزان القوى في العالم يدرك أن العرب ليسوا بلا أوراق، لكن المشكلة أنهم يتركونها مكدسة على الطاولة، بلا استخدام.
النفط والغاز: في السبعينيات، استخدم العرب هذا السلاح فارتجفت الأسواق. اليوم، يُدار بلا أثر سياسي.
الأسواق والمال: استثمارات ضخمة بلا موقف موحد.
المقاطعة: ورقة مدنية أثبتت فعاليتها، لكنها غائبة عن التخطيط الرسمي.
السياسة الموحدة: غياب الجبهة العربية هو أعظم هدية لإسرائيل.
كل هذه الأوراق تنتظر قرارًا شجاعًا.
دروس من المقاومة: الإرادة أقوى من السلاح
المقاومة العربية والإسلامية قدّمت للأمة دروسًا لا تُنسى:
غزة صمدت رغم 22 شهرًا من العدوان.
لبنان 2006 أجبر إسرائيل على الانسحاب دون أن تحقق أهدافها.
العراق وأفغانستان أثبتتا أن الإرادة الشعبية تهزم أقوى الجيوش.
الدروس واضحة: لا قيمة للسلاح بلا إرادة، ولا وزن للضعف حتى لو امتلك أحدث الأسلحة.
: الطريق واضح لمن أراد أن يرى
لقد أثبتت جلسة مجلس الأمن الأخيرة أن العالم لا يحترم الضعفاء، وأن البيانات الصحفية لا تحمي شعبًا ولا تصون كرامة. أثبتت غزة والدوحة أن العدالة الدولية مجرد شعار أجوف. وأثبتت المقاومة أن الإرادة أقوى من الطائرات والصواريخ.
التاريخ لا يرحم، ولا يُكتب بلغة الاستجداء، بل بلغة القوة. ومن لا يريد أن يكون رقمًا في معادلة الآخرين، عليه أن يصوغ معادلته الخاصة، بقوته ووحدته وأدواته.
غزة والدوحة لم تكونا نهاية المشهد، بل بدايته. ومن لا يدرك أن زمن البيانات انتهى، سيدرك غدًا – متأخرًا أن زمن الذلّ لا يرحم أحدًا.
زياد فرحان المجالي











طباعة
  • المشاهدات: 5145
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-09-2025 09:07 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم