25-08-2025 03:01 PM
بقلم : د. دانييلا القرعان
بات من الضروري، وفي ظل ما نشهده الآن سواء في الصحافة التقليدية أو الالكترونية تحديدًا، وبعد التطور التكنولوجي والتقني، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أن يتم طرح مساق دراسات متقدمة في التشريعات الإعلامية في جميع الجامعات الأردنية كمتطلب إجباري وليس اختياري ولجميع التخصصات، ولا يقتصر هذا الأمر فقط على طلاب كلية الصحافة والإعلام وكذلك طلاب كلية القانون، بل يتم طرحه لجميع التخصصات الأدبية والعلمية؛ حتى يتمكن طلابنا من الإطلاع على كافة التشريعات الإعلامية الناظمة لحرية الصحافة والإعلام، وذلك نظرًا للأهمية الكبيرة التي يشملها هذا المساق، أسوة بجامعة العلوم الإسلامية العالمية التي كانت السبّاقة في طرح هذا المساق لطلبة كلية القانون تخصص دكتوراه القانون العام وكذلك تخصص دكتوراه القانون الخاص، مشكورة. ويجب أن يكون هذا المساق لجميع طلبة البكالوريوس في الجامعات الأردنية، وليس فقط لطلبة الدكتوراه. إن استحداث هذا المساق يأتي أولا تنفيذًا لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم التي وردت في الاوراق النقاشية في تطبيق سيادة القانون والعدالة والجدارة، وتوجيهات جلالته لتطوير التعليم بكل جوانبه ومجالاته، ومواكبة التطورات التي تحدث الآن خصوصًا بعد التطور التكنولوجي والتقني والرقمي، الذي دخل حياتنا دون استئذان. مساق دراسات متقدمة في التشريعات الإعلامية يتضمن تقديم أهم القوانين الناظمة لحرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة التي تعد مظهر من مظاهر حرية الرأي والتعبير، والتي تعد عصب الحقوق والحريات في المجتمع. ومن بين الأمور الأخرى التي يجب التركيز عليها ضمان حق الحصول على المعلومات للأردنيين وغير الأردنيين من الجهات المعنية ضمن ضوابط وشروط وإجراءات محددة تم النص عليها في قانون ضمان حق الحصول على المعلومة، وكذلك جميع الأمور التي تتعلق بالتنظيم القانوني والرقابة الإدارية والقضائية وأهم الضمانات الدستورية والقانونية والقضائية والدولية، وتوفير الحماية المدنية والجزائية، والضوابط والقيود التي ترد على كل ما يتعلق بالتشريعات الإعلامية والصحفية، والتي من المهم أن يطّلع طلابنا من كافة التخصصات والدرجات على أهم القوانين الناظمة لحرية الصحافة والإعلام سواء على المستوى الوطني وكذلك المواثيق والدساتير والاعلانات الدولية، وكذلك الاطلاع على المعلومات، والتوعية القانونية والاعلامية للطلبة، وما تضمنه الدستور الاردني وهو الضامن الأساسي للحقوق والحريات بشكل عام والحرية الصحفية والإعلامية بشكل خاص، وكذلك الإطلاع على كافة الحريات الشخصية وحريات الفكر، والحقوق والواجبات الشخصية والاجتماعية والثقافية والدينية والسياسية، وما تتضمنه القوانين والتشريعات الاردنية والقوانين العالمية كالاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الدينية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من القوانين، وبيان الأسس السليمة والصحيحة في كيفية التحليل للنصوص القانونية الواردة في التشريعات الناظمة لحرية الصحافة والإعلام، والربط ما بين هذه القوانين، وبيان القصور التشريعي والعقبات والعوائق التي وردت بين ثنايا هذه القوانين، والاقتراح على المشرع النظر لها لتفاديها في التعديلات القادمة. ويجب التركيز ألا يقتصر الأمر على بيان الأسس التي ترتكز عليها حرية الصحافة والإعلام، بل الغوص أيضًا بكل جزيئات القوانين الناظمة والتشريعات الاعلامية، حتى يستطيع طلابنا وهم الركيزة الأساسية في المجتمع، وهم قادة عمليات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في كل المجتمعات الديمقراطية، وهذا الأمر يأتي من أهمية الدور الكبير الذي تقوم به التشريعات الإعلامية والصحفية، والتي بات الكثير ينظر ويقيس مدى وجود مجتمع ديمقراطي بالنظر إلى وجود حرية صحافة حرة تخضع بقيود ضوابط تشريعية. مساق دراسات متقدمة في التشريعات الإعلامية سيركز على أهمية الاعلام المهني المسؤول في ظل العولمة، والانفتاح الاعلامي، وتعدد وسائله سواء أكانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة أو إلكترونية، إضافة الى قنوات التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة. إضافة لذلك هذا المساق سيركز أيضًا على التقدم الإعلامي في الاردن، وتعدد وسائله مع وجود قوانين ناظمة له، وهيئة المرئي والمسموع التي تنفذ هذه القوانين والانظمة، وتنظم الاعلام في المجتمع الأردني. وهذا المساق سيشجع طلبة الجامعات الأردنية على التفكير الناقد البنّاء والمسؤول بعيدًا عن الاشاعة غير المبنية على الحقائق وبعيدًا عن التشهير، وبعيدًا عن نقد الشخصيات العامة الذي يبعد عن الأسس السليمة في النقد البنّاء. في الحقيقة هذه التشريعات الإعلامية هي ضامن حقيقي لممارسة حرية الرأي والتعبير، وكذلك الغاية من وجود هذه التشريعات الإعلامية لتنظيم العمل الإعلامي بما يضمن المسؤولية والمهنية، وحماية حقوق الأفراد من المساس بالخصوصية والسمعة، ومكافحة الاستخدام الضار للإعلام مثل نشر الشائعات أو نشر خطاب الكراهية والعنف والتحريض، لذلك لا بدّ من وجود دراسات متقدمة في التشريعات الإعلامية في جميع الجامعات الأردنية لبيان مدى تنظيم ممارسة الفرد لحرية الرأي والتعبير، ولكن ضمن أطر وقواعد قانونية تضمن عدم المساس بالخصوصية المقررة للأفراد والاخرين وحماية المصلحة العامة في الدولة. ويجب التركيز خصوصًا في ظل العصر الرقمي والتطور التكنولوجي والتقني على التحديات التي تواجه التشريعات الإعلامية في ظل هذه التطورات مثلا من المسؤول عن المحتوى الإلكتروني؟ وهل تخضع مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم الصحافة التقليدية؟ وكيف نحمي الخصوصية الرقمية؟ وهنا يجب الإشارة إلى قانون الجرائم الإلكترونية وقانون حماية البيانات الشخصية، والتركيز على أهم النصوص القانونية التي وردت في هذه القوانين والتي تجيب في العديد من الأحكام والنصوص الواردة فيها على هذه التساؤلات.وكذلك بيان التحديات الأخرى التي تواجه التشريعات الإعلامية والمتمثلة في مدى التوفيق ما بين حرية الإعلام واحترام القيم الدينية والاجتماعية، وحماية الصحفيين في ظل التوترات الأمنية والسياسية.
نحن بحاجة اليوم فعلا لمنهج مقوّم يضع عجلات القطار السريع على السكة القويمة، تسير بها العربات بآمان وطمأنينة، دون أن تكون خائفة من الارتطام أو الاصطدام أو التوقف. وأتصور أن يكون المنهج شاملا لتشريعات وأخلاقيات الإعلام بالدرجة الأولى الناظمة للحقوق، والداعمة للحريات بعيدًا عن مخاوف التنمر الإلكتروني، وانتشار الإشاعات، والتطاول على الشخصيات. الأمر الذي يتطلب أيضًا إدراج تحليل المحتوى ودراسة البيانات في وصف المساق المقرر.
هذه المحتويات الإعلامية في غاية الدقة والأهمية والحداثة، والمطلوبة لتوجيه الشابات والشباب في جامعاتنا الأردنية إلى منطقة نظيفة في الحوار والاختلاف، وقبول الآخر ونشر الأخبار، عبر وسائلهم المتعددة في التواصل. ويجب أن يكون الأمر جادًا وحقيقيًا وملزمًا ومدروسًا من النواحي كافة، يترجمه أداء قادر على إيصال المساق المقرر من قبل الأساتذة المكلفين بتدريسها، وأذكر هنا الأستاذ الدكتور أحمد أبو صباح وهو أحد أعمدة جامعة العلوم الإسلامية العالمية، وهو أحد أهم أستاذة القانون العام في كلية الشيخ نوح القضاة للشريعة والقانون، والذي يقوم بتدريس مساق دراسات متقدمة في التشريعات الإعلامية لطلبة الدكتوراه سواء في تخصص القانون العام أو القانون الخاص، والذي يركز بالدرجة الأولى على أهم النصوص القانونية الناظمة لحرية الصحافة والإعلام في الاردن والمواثيق الدولية، بشكل تحليلي بعيدًا عن السرد، والذي يعطي هذا المساق بناءًا على التعديلات الحديثة التي تناولتها أهم التشريعات الإعلامية والصحفية، وبيان أوجه القصور التشريعي وبعض العقبات والعوائق التي نتمنى على مشرعنا الاردني الإنتباه لها. وهذا الدور الكبير الذي يقوم به الاستاذ الدكتور أحمد أبو صباح ما هو إلا نتيجة عمل دؤوب ومتواصل مع عميد كلية الشيخ نوح القضاة للشريعة والقانون الاستاذ الدكتور جهاد الجراح، اللذان يعملان سوية إلى جانب بقية الأساتذة والاداريين كخلية نحل لا تتوقف. لذلك ومن باب حرصنا على نشر المعلومة والثقافة القانونية والإعلامية، نتمنى على الوزارة المعنية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، والوزير المعني أخذ هذه الأمور على محمل الجد؛ حتى تصل الثقافة الإعلامية لجميع طلابنا من كافة التخصصات والدرجات ومن كافة الكليات في الجامعات الأردنية، ولأن الصحافة والإعلام إذا وجدت صحيحة،فإن ذلك ينعكس على قوة وتماسك المجتمع الاردني خصوصًا في ظل الأوضاع التي تعيشها المنطقة. ومن جانب آخر أتمنى على الجهات المعنية الأخرى من وزارات ونقابات إقامة العديد من الورشات التدريبية سواء داخل حرم الجامعات أو خارجها، من قبل أكاديميين، ومختصين وطنيين من الإعلاميين والحقوقيين والتربويين، تنتج على إثرها مخرجات تعليمية عملية وليست نظرية فقط، ترفع من مستوى المساق وتوصل أهدافه المحددة بمهنية وسلاسة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
25-08-2025 03:01 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |