حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,11 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5559

نادية سعدالدين تكتب: خطة احتلال غزة .. المخفي أعظم

نادية سعدالدين تكتب: خطة احتلال غزة .. المخفي أعظم

نادية سعدالدين تكتب: خطة احتلال غزة ..  المخفي أعظم

11-08-2025 11:02 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : نادية سعدالدين
خطة احتلال غزة تشكل جزءا من ترتيبات إقليمية أوسع في المنطقة، تخص الأمن والتطبيع معاً، أسوّة بالجاري في لبنان وسورية، في إطار مساعي إحياء مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، الذي يعتقد «نتنياهو» بمقدرته على استحضاره مرّة أخرى، سبيلاً لإطالة أمدّ حرب الإبادة الصهيونية ضد القطاع، وبالتالي، منح عمرّه السياسي وقتاً إضافياً، أو هكذا هي تخيلاته.


تتجاوز خطة «نتنياهو» ساحة غزة نحو محاولة إعادة تشكيل الخريطة السياسية الفلسطينية برمتها، من خلال تكرار مشهد التنكيل والتهجير في الضفة الغربية، عقب استكمال تنفيذهما بالقطاع نحو تحييده من المشروع الوطني الفلسطيني، وربما تفريغه من بعده السياسي والديمغرافي، توطئة لادماجه في مشاريع إقليمية، على شاكلة «الاقتصاد مقابل الأمن»، ضمن مساعي تصفية القضية الفلسطينية.

ومنذ بدء العدوان على غزة؛ سعى «نتنياهو» لفرض الوقائع الجديدة في القطاع، رغم تصريحات «الانسحاب بعد إنجاز المهمة» التي يُطلقها في كل مرّة، إذ تؤشّر التحركات الميدانية إلى توجّه لتكريس وجود صهيوني دائم أو غير مباشر في القطاع، عبر إقامة مناطق عازلة داخل غزة تمتد لعدة كيلومترات، وتفكيك البنية التحتية الإدارية والتنظيمية فيها، مما يخلق فراغاً سياسياً يصعب ملؤه فلسطينياً، ومحاولات فرض نظام «حكم محلي بديل» عبر قوى عشائرية أو فصائيلية غير تابعة لحركة «حماس».
وبعد فشله في تحقيق أهدافه المُعلنة؛ يجد «نتنياهو» نفسه أمام احتمالين؛ إما الاحتلال المباشر طويل الأمد لغزة، بما يُرضي ائتلافه اليميني المتطرف، مقابل معارضة أمنية بسبب كلفته الميدانية والدولية، ولأنه يعيد تجربة الاحتلال في لبنان، ويُعرض حياة أسراهم للخطر. وإما الاحتلال غير المباشر عبر ما يسميهم «وكلاء محليين»، لإيجاد بيئة فلسطينية معادية «لحماس» لكنها غير مرتبطة بالسلطة الفلسطينية في رام الله أيضاً.
ورغم التنديدات الدولية الواسعة لخطة احتلال قطاع غزة، إلا أنها ما تزال غير كافية لممارسة الضغوط اللازمة لتراجع «نتنياهو» عنها. إذ بدلاً من المطالبة بالوقف الفوري للحرب؛ فإن الحديث يدور حول مرحلة «ما بعد حماس»، والاحتياجات الإنسانية، وإعادة الإعمار بعد انتهاء العمليات العسكرية العدوانية، مما يحمل ضمنياً قبولاً بإعادة تشكيل الوضع في غزة، حتى وإن تطلب الأمر تدخلاً عسكرياً طويل الأمد.
إن الخطاب الأميركي – الغربي ينسجم مع الرؤية الصهيونية لإدارة مرحلة ما بعد الحرب في غزة، ويشي بأن خطة احتلال القطاع، أو تفكيكه تدريجياً على الأقل، ليست فكرة صهيونية بحتة، بل جزء من تفاهمات إقليمية أوسع مرتبطة بإعادة رسّم خريطة الشرق الأوسط وبضغوط التطبيع مع الكيان الصهيوني، مما يجعل المنطقة على حافة تصعيد إقليمي خطير يريده «نتنياهو» لإيجاد بيئة الفوضى وعدم الاستقرار الحاضنة «لحُلمّه» المنشود «بتغيير وجّه الشرق الأوسط» وفرض الهيمنة عليه وتبؤو الكيان المحتل لمكانة «الدولة» المركز فيه.
ومع ذلك؛ ليس بالضرورة أن ينجح «نتنياهو» فيما فشل في تحقيقه منذ 7 أكتوبر 2023، فالتحديات كبيرة أمام خطته؛
أولاً: صمود الشعب الفلسطيني وصلابة المقاومة، باعتبارهما الأساس الثابت الذي يقف دوماً بالمرصاد العتيّد ضدّ الخطط الصهيونية في فلسطين المحتلة. مثلما تصطدم الخطة بالموقف الأردني، وكذلك المصري، الصلب الرافض لاحتلال غزة وتهجير الفلسطينيين، والمطالب بوقف الحرب فوراً.
ثانياً: الخلل في إدارة المعركة؛ تبعاً لمؤشر تغير الأهداف المعلنة وتعديلها المستمر، بدءاً بالقضاء على «حماس» ونزع سلاحها مع الاختلاف حول وضع غزة بعد الحرب وضبابية الخطوة التالية، إزاء فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العسكرية ذات الطبيعة الاستراتيجية، نظير سقفها المرتفع ولكونها بعيدة المنال.
ثالثاً: ما يزال مشهد اندحار الاحتلال من قطاع غزة، عام 2005، تحت وطأة ضربات المقاومة المُوجعّة، حاضراً في أذهان الكيان الصهيوني، بما يجعل عودته لاحتلاله بالكامل، أسوة بالفترة الممتدة منذ عام 1967 حتى «الانسحاب»، محفوفة بمخاطر تعزيزها مجدداً وتعميق الانقسامات الداخلية على خلفية التكلفة العالية المرجح أن يتحملها حال توليه إدارة القطاع، في ظل تراجع التأييد الشعبي الداخلي لاستمرار الحرب.
رابعاً: خشية الكيان المًحتل من عزلة دولية أوسع نطاقاً في حال تنفيذ الخطة، بما يُراكم التحول الملفت في توجهات الرأي العام العالمي والموقف الدولي؛ عبر تصاعد حجم الاحتجاجات المساندة للفلسطينيين والمنددة بجرائم الاحتلال، وتزايد عدد النخب الفكرية الناقدة له، واستقرار صورته المشوهة في الوجدان العالمي، أمام استخدام التجويع في عدوانه المتواصل ضد قطاع غزة.
يسعى «نتنياهو» للإجهاز على ما تبقى في غزة، بخطة لا تخدم إلا بقائه السياسي، كجزء من أطماع صهيونية توسعية في فلسطين المحتلة والمنطقة. ولكن ما فشل في تحقيقه سابقاً لن يستطيع إنجازه لاحقاً، أمام الصمود الفلسطيني الأسطوريّ الذي يقف دوماً عقبة كؤود في طريق تمرير أهدافه الصهيونية.











طباعة
  • المشاهدات: 5559
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
11-08-2025 11:02 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم