بقلم : محمد علي الزعبي
في الدولة الأردنية، تبقى النصوص الدستورية هي البوصلة التي تحدد المسار وتضمن استقرار البناء المؤسسي. ومن أبرز هذه النصوص ما يتعلق بصلاحيات جلالة الملك، إذ يمنحه الدستور حق اختيار وتعيين الوزراء وإجراء التعديلات الوزارية بالتنسيق مع رئيس الوزراء، دون إلزام بإجراء مشاورات حزبية أو فتح قنوات تفاوض مع القوى السياسية.

التعديل الوزاري الأخير جاء ليؤكد هذه الحقيقة، حيث أعتقد — بل وأجزم — أن دولة الدكتور جعفر حسان لم يفتح باب التشاور مع الأحزاب أو الأوساط السياسية في عملية الاختيار، بل اعتمد بشكل كامل على قناعته الشخصية بخبرة وكفاءة من وقع عليهم الاختيار. هذه القناعة استندت إلى ما قدمه الوزراء الجدد في مسيرتهم المهنية من إنجازات ملموسة وإسهامات حقيقية، وليس إلى التوازنات السياسية أو المجاملات الظرفية.

هذا النهج يعكس فلسفة واضحة في إدارة الدولة، تقوم على معيار الكفاءة أولًا، وعلى الإيمان بأن المرحلة الراهنة تتطلب فريقًا وزاريًا قادرًا على التنفيذ والعمل الميداني، لا مجرد حضور شكلي على طاولة مجلس الوزراء.

ولعل الرسالة الأهم في هذا التعديل أن الدولة، وهي تدخل مئويتها الثانية، ماضية في ترسيخ مفهوم الدولة المؤسسية التي ترتكز على الدستور، وتعتمد على الانتقاء النوعي للقيادات، بعيدًا عن أي ضغوط أو مساومات. فالمسؤولية الوطنية تحتم أن يكون الوزير قادرًا على الإنجاز وتحقيق الأهداف، لا أن يكون نتاج تسويات سياسية قد تعيق مسار العمل الحكومي.

إن الرهان اليوم على الكفاءة والخبرة، وعلى وزراء يملكون القدرة على تحويل خطط الحكومة إلى واقع ملموس، بما يواكب تطلعات جلالة الملك ورؤى التحديث الثلاث.