حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,13 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 7630

زياد فرحان المجالي يكتب: الجزيرة… منبر الحقيقة الذي نقل غزة من حصار الصوت إلى عاصفة الصورة

زياد فرحان المجالي يكتب: الجزيرة… منبر الحقيقة الذي نقل غزة من حصار الصوت إلى عاصفة الصورة

زياد فرحان المجالي يكتب: الجزيرة… منبر الحقيقة الذي نقل غزة من حصار الصوت إلى عاصفة الصورة

11-08-2025 08:30 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : زياد فرحان المجالي
لم تعد قناة الجزيرة مجرد محطة إخبارية تبث من الدوحة، بل تحولت خلال حرب غزة إلى منصة عالمية لصناعة الوعي، وتغيير قواعد الاشتباك الإعلامي. فمنذ الأيام الأولى للعدوان، وضعت الجزيرة نفسها في قلب الحدث، لا على هامشه، وجعلت من شاشتها جسرًا يصل ما يجري في الأزقة المدمّرة إلى قاعات البرلمانات وميادين الاحتجاجات في عواصم العالم.

سلاح الصورة المباشرة
منذ اللحظة الأولى، أدركت الجزيرة أن الحروب الحديثة تُحسم في ميدانين: الميدان العسكري والميدان الإعلامي. بالكاميرات المباشرة، والمراسلين الذين تحدّوا الخطر، نقلت القناة مشاهد القصف والدمار والدموع بلا رتوش، لتصبح الصورة وثيقة حية تقف أمام كل رواية مضادة. كانت الشاشة أشبه بخط جبهة، حيث كل بث مباشر هو طلقة في معركة الحقيقة.

ثمن الحقيقة… دماء على طريق الخبر
لم يكن تأثير الجزيرة وليد قوة الصورة فقط، بل أيضًا ثمن الدم الذي دفعه صحفيوها. فمنذ انطلاقتها، كانت أول قناة عربية تقدّم شهداء في الميدان وهم يحملون الميكروفون والكاميرا. في حرب غزة الأخيرة، كان العالم شاهدًا على استشهاد عائلة الزميل وائل الدحدوح في قصف استهدف منزله، بينما هو على الهواء يروي للعالم ما يحدث. وقبلها، خسرنا شيرين أبو عاقلة، صوت فلسطين الذي اغتيل برصاص الاحتلال في جنين، وقد عرفتها شخصيًا لمدة ستة أشهر حين كنت مندوبًا للتلفزيون الأردني في رام الله، وشهدت شجاعتها وإخلاصها في أصعب المواقف.

ولم يكن المشهد جديدًا على تاريخ الجزيرة، فقد ودّعت القناة في حرب العراق أحد أبرز مراسليها، الذي استشهد في قصف استهدف مكتبها في بغداد، ليصبح اسمه شاهدًا على أن الميكروفون والكاميرا قد يكونان في بعض الحروب أخطر من البندقية. هذه الدماء، في غزة والعراق وساحات أخرى، لم تكن مجرد حوادث، بل رسائل بأن الصحفي ليس ناقلًا بعيدًا عن الخطر، بل جزء من المشهد، حاضر في خطوط التماس، مستعد لأن يدفع حياته ثمنًا لحق الناس في أن يعرفوا.

التأثير النفسي وتشكيل الرأي العام
لم تكن التغطية مجرد نقل أحداث، بل كانت عملية ممنهجة لصياغة رواية إنسانية وسياسية متكاملة. في أوروبا وأمريكا، صارت صور الأطفال تحت الأنقاض ومشاهد المستشفيات المدمرة مادة تتصدر نشرات الأخبار العالمية، وتحرّك جماعات الضغط والرأي العام. هذا التأثير النفسي اخترق جدران الإنكار لدى كثير من المتلقين، وفتح نقاشات لم تكن ممكنة قبل أن تتدفق صور غزة عبر شاشة الجزيرة.

الإشهار العالمي لغزة
قبل هذه الحرب، كانت غزة بالنسبة لكثيرين مجرّد اسم في نشرات الأخبار. لكن مع تغطية الجزيرة، تحولت إلى رمز عالمي للمقاومة والصمود. ملايين المشاهدين في العالم صاروا يعرفون أحياءها وشوارعها وأسماء شهدائها. لم يعد الحديث عن غزة محصورًا في المحافل السياسية، بل صار موضوعًا للجدل في الجامعات، والمقالات، والحوارات التلفزيونية عبر العالم.

إغلاق المكاتب… وفتح النوافذ
طوال مسيرتها، واجهت الجزيرة محاولات متكررة لإسكاتها: إغلاق مكاتبها، مصادرة معداتها، حجب بثها عن منصات متعددة. لكن هذه المحاولات غالبًا ما كانت تتحول إلى فرص لتوسيع الانتشار. اعتمدت القناة على شبكة مراسلين ومصادر بديلة، وبث عبر الإنترنت ووسائل التواصل، وأدخلت تقنيات البث المباشر من الهواتف والأقمار الصناعية المتنقلة، لتضمن أن الخبر يصل، ولو من نافذة صغيرة في جدار الحصار الإعلامي.

التوقيت واللغة… مفاتيح الوصول
إحدى نقاط القوة التي لا تُذكر كثيرًا هي إدارة التوقيت واختيار اللغة. التغطية لم تكن عشوائية، بل مدروسة بدقة، حيث يتم بث المشاهد الحاسمة في ذروة المتابعة العالمية، مع توفير ترجمة فورية محترفة، مثلما تفعل المترجمة نانسي قنقر التي أتقنت نقل روح الحدث إلى المشاهد الغربي بلغة مؤثرة ودقيقة، مما وسّع نطاق التأثير من العالم العربي إلى الرأي العام الدولي.

تحولات الإعلام الحربي… من غزة إلى العالم
تجربة الجزيرة في حرب غزة لم تكن حدثًا معزولًا، بل مؤشرًا على تحوّل عميق في مفهوم الإعلام الحربي. فاليوم، لم تعد الجيوش وحدها من تخوض المعركة، بل تشاركها غرف الأخبار، وفرق الإنتاج، والمراسلون الميدانيون، والمترجمون، ومنصات البث المباشر. في هذه المعادلة الجديدة، لم تعد الحقيقة تخرج من بيانات المتحدثين العسكريين، بل من الكاميرات التي تلتقط الحدث لحظة وقوعه، وتبثه إلى الملايين بلا وسطاء.

الجزيرة، بهذا النموذج، كسرت احتكار السرد الذي لطالما سيطرت عليه القوى الكبرى، ووضعت الرأي العام العالمي أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يرى ويشهد ويتخذ موقفًا، أو يتواطأ بالصمت. هذه المعادلة هي ما جعل تغطية الجزيرة لغزة حدثًا إعلاميًا مفصليًا، سيبقى علامة فارقة في تاريخ الحروب المعاصرة، وربما نموذجًا يُحتذى في ساحات أخرى، حيث الكاميرا قد تكون أحيانًا أقوى من المدفع. اضافه الخبر وانا تكتب هذا المقال استشهاد الصحفي الشهيد انس شريف ومحمد قريقع على هواء مباشر الذين لم يتوقف عن نقل الصوره والحقيقه











طباعة
  • المشاهدات: 7630
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
11-08-2025 08:30 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم