06-08-2025 08:45 AM
بقلم : زياد فرحان المجالي
في تطور خطير وغير مسبوق، أعلن رئيس لجنة الداخلية في الكنيست الإسرائيلي، عضو حزب "عظمة يهودية"، النائب يتسحاق كرويزر، عن نيّته عقد جلسة رسمية لبحث نقل جثمان الشيخ الشهيد عز الدين القسام، المدفون منذ قرابة قرن في المقبرة العسكرية في نحالال، بذريعة أنه لا يليق بدولة "إسرائيل" أن يُدفن من تعتبره رمزًا إرهابيًا في أرضها.
الطرح لم يكن عابرًا ولا ارتجاليًا، بل جاء ضمن تصريحات منظمة قال فيها بالحرف: "يجب نقل قبره أو استخدامه كورقة مساومة في ملف الأسرى مع حماس".
بهذا، تتحول المقابر في المنطق الإسرائيلي إلى أدوات سياسية، وتُستثمر ذاكرة الأموات كورقة ضغط على الأحياء.
الشيخ عز الدين القسام، السوري الأصل، خاض مقاومة مسلحة ضد الاحتلال البريطاني في فلسطين في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، واستُشهد عام 1935 في مواجهة عسكرية. لاحقًا أصبح رمزًا أساسيًا في الذاكرة الوطنية الفلسطينية، وسمّت حركة حماس جناحها العسكري باسمه.
محاولات سابقة لنقل جثمانه تعود إلى عام 1995، حين قُدّم التماس إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية، رفضه القضاة حينها محذّرين من أن هكذا خطوة ستُشعل توترًا واسعًا وتمسّ بمشاعر الجمهور العربي.
واليوم، لم تعد الحكومة بحاجة لحكم قضائي… بل وجدت في ساحة السياسة ملاذًا لتمرير ما رفضه القانون.
التوقيت أيضًا ليس بريئًا، بل يأتي في ظل عدوان على غزة، وانهيارات داخلية متسارعة في حكومة نتنياهو، ما يدفعه نحو إشعال معارك رمزية لتعويض فشله العسكري.
المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعلم أن عز الدين القسام ليس مجرد اسم أو قبر، بل رمز مركزي في الهوية الوطنية الفلسطينية والمشروع المقاوم، واستهدافه هو استهداف للرمز، والرمز في الوجدان الشعبي أهم من الموقع العسكري.
ما تفعله الحكومة الإسرائيلية هنا يتجاوز سياق "التحريض الرمزي"، ليصل إلى محاولة نزع الشرعية التاريخية عن رموز النضال الفلسطيني، وفرض رواية سياسية فوق القبور، بما يحوّل التاريخ نفسه إلى مساحة صراع قانوني وأمني.
من قبر القسام… نتنياهو يشعل معركة ضد الرمز الذي لا يموت
إننا، في مواجهة هذا الانحدار الأخلاقي، ندعو المجتمع الدولي والمنظمات المعنية إلى تحمّل مسؤولياتها.
محاولات المساس بجثمان الشيخ عز الدين القسام ليست شأناً إسرائيليًا داخليًا، بل قضية ترتبط بحرمة الموتى، وسيادة التاريخ، وحق الشعوب في الحفاظ على رموزها الوطنية دون تدخل أو انتقاص.
إن نقل القبور لغرض الابتزاز السياسي يرقى إلى جريمة أخلاقية وقانونية تمسّ بكرامة الأحياء والأموات معًا، وتشكل سابقة خطيرة في النزاعات الدولية.
وبناءً على ذلك، فإننا نطالب:
منظمة اليونسكو: بإدراج قبر الشيخ عز الدين القسام ضمن المواقع ذات القيمة التاريخية والثقافية.
مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: بفتح تحقيق في هذه النوايا المعلنة.
جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي: بالتحرك الفوري سياسيًا ودبلوماسيًا، ووقف هذا الانتهاك قبل أن يصبح سابقة مكرّسة.
السكوت عن تحويل المقابر إلى أوراق مساومة يُشرعن انتهاك حرمة الموتى في النزاعات، ويحوّل تاريخ المقاومة إلى رهينة داخل صفقة.
وإذا كان الاحتلال يعتقد أن محو الرموز يفتح له باب النسيان، فإن التاريخ أثبت أن الذاكرة لا تُهزَم…
بل تعود في كل مرة أقوى، وأوضح، وأخطر.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-08-2025 08:45 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |