حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,27 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 8275

ماجد الفاعوري يكتب: غربة في الوطن… من صادر هوية الأردني؟

ماجد الفاعوري يكتب: غربة في الوطن… من صادر هوية الأردني؟

ماجد الفاعوري يكتب: غربة في الوطن… من صادر هوية الأردني؟

27-07-2025 08:22 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : ماجد الفاعوري
لماذا الأردن مرة أخرى؟

لماذا الأردن سؤالٌ لم نطرحه من فراغ ولم نكرره من عبث فالسؤال بات لازمة وطنية تتردد في كل بيت وفي كل شارع وعلى كل منبر يتحدث باسم هذا الوطن الأردنيون يطرحونه اليوم أكثر من أي وقت مضى الأردنيون يتساءلون بكل صدق وبكل وجع لماذا الأردن لماذا كل هذا الهجوم المنظم والمتواصل لماذا كل هذا الاستهداف الممنهج لهذا الكيان الذي ظل على الدوام في موقع التوازن والصبر والاعتدال

لقد كتبنا في السابق وتحدثنا عن استهداف الأردن وفتحنا ملفات قد لا يجرؤ على فتحها الكثيرون تساءلنا من هي الجهات التي تستهدف الأردن ولماذا يُستهدف الأردن أساساً ولماذا هذا التوقيت ولماذا تتزامن الهجمات مع كل منعطف وطني أو لحظة حساسة من عمر الدولة الأردنية لكننا لم نتلق أي رد واضح لم نسمع صوتاً رسمياً يوضح أو يرد أو يطمئن لم يخرج علينا مسؤول ليقول نعم هناك استهداف نعم نحن نرصد جهات وتنظيمات تريد بالأردن سوءاً لم تخرج الدولة لتقول لشعبها إن هناك يداً خفية تعبث وإن هناك أنياباً تنهش في الجسد الوطني وإن على الأردنيين أن يكونوا على وعي ويقظة بل وجدنا أنفسنا أمام صمت مطبق صمت لا يليق بدولة بحجم الأردن ولا بشعب بحجم الأردنيين ولا بتاريخنا الوطني الذي كتبناه بالدم والتضحيات والعرق

الخطير في الأمر أن الاستهداف لم يعد قادماً من الخارج فقط بل بات له أدواته الداخلية بات هناك من يعيش بيننا ويتحدث بلساننا ويرفع شعاراتنا ويمارس فعلاً يخدم خصوم الأردن وأعداء الدولة ولعل أخطر ما في المشهد الوطني اليوم أن بعض أبنائنا للأسف باتوا أدوات في معركة ليست معركتهم باتوا وقوداً لصراعات لا يدركون عمقها ولا يعلمون خلفياتها ولا يعرفون من يديرها

ما الذي حدث حتى تنقلب الساحة الوطنية الأردنية بهذا الشكل كيف تحول بعض من أبناء الوطن إلى مهاجمين لجيشه وأجهزته الأمنية كيف أصبح بعض الأردنيين يرددون شعارات تسيء للوطن وتضر بمصالحه وتستثير مشاعر الغضب في نفوس الأردنيين ما الذي حدث حتى نسمع في شوارعنا من يطعن في مؤسساتنا الوطنية ويشكك في كل ما بنيناه كيف أصبحنا فجأة هدفاً للحملات الإعلامية المنظمة من داخل الأردن قبل خارجه وكيف أصبحت السوشال ميديا منبراً لكل من يريد أن يصب الزيت على النار من دون أن يجد من يرد أو يوضح أو يضع الأمور في نصابها الصحيح

في الأسابيع الماضية شهدنا كيف تحولت ساحات الحوار إلى ساحات تحريض وكيف جرى استخدام مشاعر الناس وآلامهم ومطالبهم لتمرير أجندات مشبوهة سمعنا شعارات تنال من رمزية الجيش الأردني ومن شرف مؤسساته الأمنية رأينا كيف تم استهداف جهاز الأمن العام علناً وكيف سُمّي علناً وبوضوح وكيف خرجت مقاطع مصورة من وسط مدننا تحمل ألفاظاً وإهانات لم تكن يوماً من ثقافة الأردنيين ولم تكن أبداً من أدوات الاحتجاج المشروع فهل هذه عفوية وهل هذا تعبير بريء عن ألم اقتصادي أو سياسي أم أن في الأمر ما يستحق التوقف والتفكير

في لحظة من اللحظات وقف الأردنيون جميعاً على قلب رجل واحد عندما تعرضت البلاد لمحاولة زعزعة الاستقرار يومها هب الأردنيون دفاعاً عن الوطن والقيادة واليوم يتساءلون لماذا تتركونهم في مواجهة الحملات من دون تفسير ولماذا تصمت الدولة في الوقت الذي تعلو فيه الأصوات التي تسعى لخلخلة الثقة بالمؤسسات بل وتزرع بذور الفتنة بين الناس وبين أجهزتهم الأمنية والعسكرية

نعم هناك مشكلات ونعم هناك ملفات تحتاج إلى حلول وهناك واقع اقتصادي متعب وهناك بطالة وفقر وغلاء وهناك احتقان اجتماعي غير مسبوق لكن كل هذا لا يمكن أن يكون سبباً لتدمير الوطن ولا مبرراً للطعن في ثوابته ولا ذريعة للمساس بكرامة جيشه أو رمزية أجهزته ولا عذراً للتشكيك في نوايا الدولة تجاه أبنائها

هناك من يتحدث اليوم في الشارع الأردني عن غربة داخل الوطن غربة تصنعها سياسات خاطئة وتراكمات لم يتم التعامل معها بجدية وشعور بأن المسؤولين لا يسمعون وأن الدولة باتت بعيدة عن نبض الشارع وأن هناك طبقات تعيش في عالم آخر لا ترى ولا تسمع ولا تحس بما يعانيه المواطن الأردني وهذه الغربة لا تُحل بالصمت ولا تعالج بالتجاهل بل تحتاج إلى حضور حقيقي ومصارحة صادقة وخطاب مسؤول يضع الحقائق أمام الناس ويضع الدولة في صف شعبها لا في موقع الخصومة معه

الشارع الأردني يغلي اليوم كما لم يغلي من قبل والغضب لم يعد خفياً ولم تعد أسئلته بحاجة إلى تفسير بل أصبحت صريحة وواضحة هل تدرك الدولة هذا الغليان وهل هناك من يستمع وهل هناك من يخطط لإطفاء هذا اللهيب أم أن الأمور تُترك للصدفة وللارتجال كما تُركت كثير من القضايا سابقاً حتى انفجرت

ما جرى في الأشهر الأخيرة من حملات ممنهجة ضد الأردن يتطلب أن يكون هناك رد وطني رسمي وشعبي يتطلب أن تخرج الحكومة عن صمتها وأن تتواضع الأجهزة لتسمع أبناءها لا لتخيفهم وأن تعود الدولة إلى الميدان لا إلى المكاتب المكيفة وأن تُستعاد الثقة بين المواطن ومؤسساته لأن كل ما يُبنى دون ثقة سيتهاوى أمام أول عاصفة

ما حدث من استهداف للأجهزة الأمنية لا يمكن السكوت عنه وما تم بثه من شعارات تسيء لكرامة الجيش الأردني لا يمكن اعتباره حرية رأي وما نُشر على منصات التواصل الاجتماعي من تحريض مباشر ووقح ضد الدولة ومؤسساتها هو مؤشر خطير على أن هناك من يعمل على إشعال فتنة بين الأردنيين وبين دولتهم وهذا أمر لا يجب أن يُترك من دون مواجهة ولا يُسكت عنه بحجة ضبط النفس أو الحفاظ على الهدوء

الأردنيون أوفياء بطبعهم لكنهم اليوم يشعرون بأن وفاءهم يُقابل بالتجاهل وبأن صبرهم يُفهم ضعفاً وبأن صوتهم لا يُسمع إلا إذا تحول إلى صراخ وهذا وضع لا يليق بدولة مثل الأردن ولا يليق بشعب مثل الأردنيين

في هذه اللحظة الحرجة من عمر الدولة الأردنية مطلوب أن تتصرف الدولة كأم لا كخصم مطلوب أن تعود إلى الشارع وإلى الناس لا أن تراقبهم من خلف الشاشات مطلوب أن تُفتح قنوات حقيقية للحوار لا منصات للتوجيه والخطابة مطلوب أن يشعر الأردني بأن دولته تحبه وتخاف عليه لا فقط منه

الاستهداف الذي يتعرض له الأردن اليوم ليس عادياً ولا عفوياً ولا بريئاً بل هو استهداف عميق ومنظم ومتكرر ومتعدد الأشكال والمصادر ويكفي أن ننظر إلى حجم التشويه الإعلامي الذي يتعرض له الأردن في وسائل إعلام معروفة بارتباطها بجهات خارجية ويكفي أن نرى كيف يتم تضخيم كل مشكلة داخلية وتشويه كل موقف وطني وتشكيك في كل قرار

من المعيب أن يشعر الأردني بأنه غريب في وطنه من المعيب أن يجد نفسه في مواجهة دولة لا ترد ولا توضح ولا تبادر من المعيب أن يُترك الشباب الأردني فريسة للفراغ والشكوك والتأويلات وأن لا يجد أحداً يشرح لهم ما يجري ومن يهاجمهم ولماذا

الدولة التي لا تحمي سرديتها الوطنية تترك شعبها فريسة للروايات الزائفة والدولة التي لا تمتلك القدرة على مواجهة الحملات ضدها بالحقيقة والشفافية والخطاب المسؤول تفقد بالتدريج رصيدها من الثقة والمشروعية والدولة التي لا تسمع أبناءها لا تبقى قوية ولا آمنة

ربما ما يحتاجه الأردن اليوم أكثر من أي وقت هو مصارحة وطنية كبرى تعيد تعريف العلاقة بين الدولة وشعبها وتضع النقاط على الحروف وتعترف بما يجب الاعتراف به وتوضح ما يجب توضيحه وتفصل بين من يعارض من باب المحبة والغيرة على الوطن وبين من يهاجم من باب الحقد والتخريب

لماذا الأردن لأن الأردن رئة الاستقرار في منطقة مختنقة لأنه آخر الحصون التي ما زالت تقاوم الطوفان لأنه دولة متماسكة في إقليم يتفكك ولأن استقلال قراره وحرية مواقفه لا تروق للكثيرين هذه هي الحقيقة التي يجب أن تُقال وهذه هي الإجابة التي ينتظرها الشارع الأردني ولا يليق بالدولة أن تؤجلها أكثر

فهل من مجيب











طباعة
  • المشاهدات: 8275
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-07-2025 08:22 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم