23-07-2025 05:05 PM
بقلم : ماجد الفاعوري
عجيب أمر هؤلاء الذين يكتبون في الصحافة العبرية حين يتنبأون بسقوط النظام في الأردن وكأنهم يقرأون الفنجان على فوهة بركان وهم لا يعرفون أن من يحكم هذا الشعب ليس حاكماً بل زعيماً تجتمع عليه القلوب قبل البيعات وتلتف حوله القبائل قبل البيانات فحين تكتبون أن النظام الأردني سيسقط أسرع مما تتوقعون فأنتم لا تعرفون أن ما سقط هو رهانكم على وهن الأردن وما تهاوى هو فهمكم لبنية هذه الدولة التي بُنيت على ترابها مدرسة خاصة تُعلّم الجنود كيف يكتبون الكرامة وتُدرب المعلمين على الوقوف في الصفوف الأولى ساعة الصد والمواجهة فلا تخيفنا عناوينكم ولا تحرك فينا سوى السخرية من عجز التحليل ومن فراغ التنبؤ
لا تعلمون أن هذا البلد وإن كان صغيراً على الخريطة إلا أنه كبير في ذاكرة الأمة وأنه وإن عانى من ضيق الحال الاقتصادي فإنه لا يضيق بالرجال ولا بالوفاء وأنه إن اهتزت جيوبه فإن جيشه لا يهتز وإن ضاقت عليه الموارد فإن موارده الحقيقية من رجاله الذين يحمونه من القصر إلى الكرك ومن المفرق إلى معان ومن السلط إلى جرش رجال ينتمون لا يتلونون يعرفون ترابهم ويعرفون قائدهم ولا يرتبكون أمام موجات التحريض التي تصنعونها في غرف الأخبار الصفراء
أنتم لا تعرفون كيف يعمل العقل الأردني هذا العقل الذي تربى على أن يكون المعلم فيه مقاتلاً والمقاتل فيه مربياً وأن النظام فيه ليس سلطة منفصلة بل نسيج حي في الشارع والسوق والمدرسة والجامع وأن الملك في الأردن لا يحكم فقط بل يسير مع الناس في الميدان يشاركهم همّهم ويكاشفهم بالحقائق ولا يختبئ خلف الأوهام أو المزايدات أو المنصات الإعلامية المدفوعة
كتبتم أن النظام الأردني سيسقط ولكنكم نسيتم أن النظام الأردني حين تعرض لهزات من الجوار لم يتزحزح وحين حاصرت العواصف حدودنا لم نغلقها خوفاً بل أعددنا جنودنا وفتحنا قلوبنا وصدورنا للجار والصديق واللاجئ كتبتم أن النظام سيسقط ولكنكم لم تشاهدوا كيف خرج الأردنيون في كل مرة قال فيها الملك كلمة حاسمة وكيف وقفت العشائر الأردنية من الطفيلة إلى إربد تقول نحن هنا سيدي نحن درعك وسيفك وحصنك وحكمتك
أيها المتنبئون من فوق مقاعدكم الوثيرة في أبراج التمنيات لا تعرفون كيف تبنى الدول فلا تكتبوا عننا كما لو أننا نبتة صحراوية ستهلك عند أول شتاء نحن البدو الذين حفروا الآبار بالصخر والحضر الذين عمّروا المدن بلا استعلاء والريف الذي روى الأرض بالعرق لا بالشكوى ولا بالضجيج نحن الذين نقول الكلمة ونسير خلفها لا نبدل المواقف ولا نساوم على الثوابت ولا نقرأ الوطن كخريطة مرسومة بل نعيشه كهوية راسخة في دمنا
نحن أبناء دولة إذا خُيّرنا بين الخبز والكرامة اخترنا الكرامة وإذا خُيّرنا بين الأمن والفوضى اخترنا الأمن وإذا خُيّرنا بين منصاتكم المشروخة وصوت راعٍ من البادية يهتف باسم مليكه اخترنا الراعي واخترنا الملك لأننا نعرف أن هذه القيادة الهاشمية لا تحتاج إلى ترويج بل إلى تذكير وأن هذا الملك ليس رجل مكتب بل ابن ميدان وابن سلاح وجندي قبل أن يكون قائد
أما حديثكم عن الشقاق الشعبي فهو هراء من خلف الحواسيب لأنكم لا ترون ما نراه ولا تسمعون ما نسمعه ولا تعيشون ما نعيشه نحن نرى الأردني في رمضان يتقاسم الإفطار مع جاره ويرسل ابنه ليحمل الزاد لأسرة محتاجة نحن نراه في صيف اللهيب يحمل مياهاً باردة لجندي على حاجز أمني أو لطبيب منهك في مستشفى حكومي نحن نراه يختار البقاء مع بلده حتى في أحلك الظروف ولا يهاجر إلى سراب الأمنيات الغربية التي أغرت غيرنا ولم تغرنا
أما قبائلنا فهي ليست شتاتاً قابلاً للتفكيك بل هي جذور تمتد في الأرض وفي العهد وفي الدم وهي لا تتلقى الأوامر من خارج الوطن بل من ضميرها الجمعي الذي يقول دائماً إن هذا البيت الذي بناه الهاشميون يجب أن يبقى مصاناً من الداخل قبل أن يُحرس من الخارج
هذه المقالة ليست رداً فقط بل هي درس لكم ولمن على شاكلتكم في فهم معنى الصمود في دولة مثل الأردن الذي رغم ضيق موارده لم يبع موقفاً ولم يساوم على شقيق ولم يخذل قضية ولم يغير جلده مع تقلب الأيام والأحلاف
وسيبقى النظام الأردني قائماً لا لأنكم تخافونه بل لأن شعبه اختاره ولأن جيشه بايعه ولأن قبائله وضعته في سويداء القلب ولأن العلم الأردني ليس مجرد راية بل شرف لا يسقط ولا ينتكس حتى وإن هبّت الرياح العاتية من صحافتكم المرتبكة
سيسقط تحليلكم وسيسقط عنوانكم وسيسقط وهمكم وسنبقى نحن هنا كما كنا دائماً حجر الزاوية في شرق لا ينهار ودرعاً منيعاً في وجه الغدر مهما تنوعت منصاته ومقالاته
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-07-2025 05:05 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |