حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,13 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4554

د. رعد محمود التل يكتب: إستثمار بالثقة قبل رأس المال

د. رعد محمود التل يكتب: إستثمار بالثقة قبل رأس المال

د. رعد محمود التل يكتب: إستثمار بالثقة قبل رأس المال

13-07-2025 09:37 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. رعد محمود التل
يقود جلالة الملك مسارًا استراتيجيًا لافتًا من خلال زياراته وخطاباته الخارجية، في سعيه لتعزيز موقع الأردن كوجهة استثمارية تعتمد على الثقة كأصل اقتصادي، يُبنى عليه رأس المال لاحقًا. فالمستثمرون في عالم اليوم لا يبحثون فقط عن الحوافز المالية أو الامتيازات الضريبية، بل يضعون في مقدمة أولوياتهم الاستثمار في بيئات سياسية واقتصادية مستقرة وقابلة للتنبؤ. ومن خلال هذا التوجه الملكي، لا يقدّم الأردن نفسه كمجرد سوق أو ممر عبور، بل كشريك موثوق في قطاعات متنوعة.

بهذا المعنى وضمن هذا الإطار، جاءت زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى مقر صندوق تقاعد موظفي القطاع العام في ولاية كاليفورنيا، كجزء من دبلوماسية اقتصادية تستند إلى الثقة كمدخل رئيسي لجذب رأس المال العالمي. حيث يعد هذا الصندوق أكبر صندوق تقاعد في الولايات المتحدة بأصول تتجاوز 500 مليار دولار، يشكل منصة استراتيجية لترويج فرص الاستثمار في الأردن أمام كبار المستثمرين وصنّاع القرار المالي على المستوى الدولي.

هذه الزيارة لا يمكن فصلها عن السياق الأوسع الذي يتحرك فيه الاقتصاد الأردني، إذ تأتي في لحظة إقليمية تتسم بالتحديات الجيوسياسية، وفي ظل تباطؤ اقتصادي عالمي وتغيرات في أنماط سلاسل التوريد والاستثمار. مقابل ذلك، يتحرك الأردن لتثبيت موقعه كمركز جاذب للاستثمار، مستندًا إلى خطاب اقتصادي تقوده القيادة العليا، ويرتكز على مقومات محلية صلبة، وإصلاحات داخلية متسارعة، وانفتاح مدروس على الأسواق العالمية.

خلال الجلسة الرئيسية للملتقى الذي نظمه الصندوق، عرض جلالة الملك تصورًا استراتيجيًا للاقتصاد الأردني قائمًا على التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، في توازن دقيق بين الإصلاح الداخلي والانفتاح الخارجي. هذا الربط المتكامل يشير إلى قناعة بأن البيئة الاستثمارية لا تُبنى فقط بالتشريعات، بل بالاستقرار السياسي، وفعالية المؤسسات، والثقة العامة بالمسار الإصلاحي.

من الناحية الاقتصادية، أبرز جلالة الملك مجموعة من المزايا التنافسية التي تؤهل الأردن ليكون شريكًا جاذبًا في المنطقة، مثل الموقع الجغرافي الوسيط، والقطاع المالي المنظم، واتفاقيات التجارة الحرة التي تفتح الوصول إلى أكثر من مليار مستهلك حول العالم. إلا أن الأهم هو أن الخطاب الملكي تجاوز هذه النقاط التقليدية، وركّز على القطاعات عالية القيمة، مثل الطاقة المتجددة، والغاز، والمعادن، والزراعة الذكية. هذا التحول يعكس توجّهًا واضحًا نحو اقتصاد إنتاجي عالي التقنية، يستهدف القيمة المضافة لا فقط الكلف التنافسية.

في المقابل، لم يُغفل جلالة الملك الحديث عن التحديات، خصوصًا ما يتعلق بالأوضاع الإقليمية المحيطة، والتي تفرض ضغوطًا على الاقتصادات الصغيرة. لكن ما تم تقديمه في اللقاء لم يكن خطاب تبرير، بل تأكيد على أن الأردن، رغم تلك الضغوط، استطاع الحفاظ على استقراره، ومواصلة إصلاحاته، والاحتفاظ بموقعه كشريك آمن في منطقة تعاني من التذبذب.

ركيزة أساسية أخرى في الخطاب الملكي تمثلت في التركيز على رأس المال البشري. إذ شدد جلالته على أن الاستثمار في الشباب وتطوير مهاراتهم يمثل أولوية وطنية، من خلال التعليم المهني والتقني المتخصص في مجالات التكنولوجيا، والهندسة، والطاقة، والصناعة، والصحة. من منظور اقتصادي، فإن هذا التوجه يمثل استثمارًا طويل الأجل في تحسين الإنتاجية ورفع قدرة الاقتصاد على جذب استثمارات نوعية تعتمد على الكفاءات المحلية.

ما يميز هذا التحرك أن جلالة الملك يمارس دورًا مباشرًا في الترويج للاقتصاد الأردني، هذا الحضور القيادي في مشهد الاستثمار العالمي يعزز من مصداقية الأردن في نظر المستثمرين، ويعطي إشارة بأن الدولة بكل مؤسساتها ملتزمة بتوفير بيئة أعمال مستقرة، وعادلة، وشفافة.


الراي











طباعة
  • المشاهدات: 4554
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-07-2025 09:37 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم