بقلم : هاشم الخالدي

كالعادة كان يومي مزدحمًا بالمواعيد
من شفابدران إلى الجيزة صباحًا لحضور حفل مؤسسة إعمار الجيزة برعاية دولة فيصل الفايز، ومن الجيزة إلى السلط لتقديم واجب العزاء بوفاة ابنة شقيق الصديق الدكتور المحامي محمد أبو هزيم وشقيقه المحامي خلدون، ومن السلط إلى جبال يرقا لتقديم واجب العزاء بوفاة شقيق الأخ والصديق ناصر الرحامنة، ومن يرقا إلى وادي العش بالزرقاء لتقديم واجب العزاء بوفاة شقيق الدكتور حسن العايد الدعجة، ومن وادي العش إلى العودة ليلًا للمنزل في الشفا.

ساعات طويلة استغرقتها لأتمم هذه الواجبات، لكن المهم عندي أيضًا أن أتعلم شيئًا ما أو أن ألتقط حكمة من هنا أو هناك، فأنا مهما كبر بي العمر دائمًا أقول بأنني ما زلت أتعلم.

حين دخلت بيت العزاء في يرقا كان يقابلني معالي الصديق د. ممدوح العبادي، وهو بالمناسبة من الرحامنة، وإلى جانبي كان يجلس شيخ يلبس عباءة، دار بيني وبينه حوار، وعلمت فيما بعد عن طريق الصديق المحامي شاكر العبادي، رفيق دربي العتيق، بأن هذا الشيخ هو من وجهاء عباد، وأن جده شيخ معروف.

دون مقدمات، تعرف عليّ هذا الوجيه وابتدأ كلامه قائلًا لي: هي العباءة هالأيام قديه صار سعرها؟
صفنت لصيغة السؤال الذي اختصره الشيخ بكلمتين، لكن معناهما كبير وكبير جدًا.
أجبته ضاحكًا بعد أن عرفت ماذا يقصد: بعشر ليرات يا شيخ.
أجاب: وفي أقلّ سعر من هيك.
ثم تابع قوله: مشكلتنا يا أستاذ هاشم إن العبِي رخصِت، وصار كل واحد بده يغطي عيوبه يلبس عباءة.
يا الله، ما أجمل هذه الحكمة، وهذه الكلمات التي اختصرت وجعًا كبيرًا.
صدقت، والله صدقت، وما أجمله من كلام.
وجيه عباد اختصر المشهد بكلماته العفوية،
والسؤال الذي يطرح نفسه:
متى تغلى العبِي؟؟
(هاشم الخالدي - أبو زيد)