حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,7 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2094

أ. د. ليث كمال نصراوين يكتب: الحاجة الدستورية لإقرار القوانين المؤقتة

أ. د. ليث كمال نصراوين يكتب: الحاجة الدستورية لإقرار القوانين المؤقتة

أ. د. ليث كمال نصراوين يكتب: الحاجة الدستورية لإقرار القوانين المؤقتة

06-07-2025 09:15 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
أشارت تقارير صحفية قبل أيام إلى رغبة الحكومة في تقديم مشروع قانون جديد لتنظيم المدن والقرى الأردنية ليحل محل القانون المؤقت الحالي لعام 1966، وذلك من أجل تجويد النصوص التشريعية ذات الصلة بما يتناسب مع احتياجات التنمية الحضرية المتزايدة والتحديثات التي طرأت على أسلوب الإدارة العامة.

إن القرار الحكومي بإصدار قانون عصري جديد لتخطيط المدن والقرى الأردنية يتوافق مع الرغبة الملكية السامية في الدفع قدما بعمليتي التحديث الاقتصادي والإداري، كما أنه يحقق مكسبا دستوريا على درجة عالية من الأهمية يتمثل بالتخلص من أحد أقدم القوانين المؤقتة التي لا تزال سارية المفعول في النظام التشريعي الأردني.

إن القانون الحالي لتنظيم المدن والقرى والأبنية الحالي رقم (79) لسنة 1966 قد صدر كقانون مؤقت في ظل المادة (94) من الدستور بحلته القديمة قبل تعديلها، والتي كانت تعطي مجلس الوزراء الحق بإصدار قوانين مؤقتة في الأمور التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير أو تستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأجيل. فحالات الضرورة قبل تعديل الدستور في عام 2011 كانت مرنة وفضفاضة، أعطت مجالس الوزراء السابقة سلطة تقديرية واسعة بإصدار قوانين مؤقتة، مستغلة غياب مجالس النواب للحل أو لعدم الانعقاد.

وعلى الرغم من الجهود الدستورية الإصلاحية بإدخال جملة من التعديلات على الأحكام المتعلقة بالقوانين المؤقتة، فإن أحد أبرز هذه المعضلات لا تزال قائمة، والتي تتمثل بعدم إقرار القوانين المؤقتة التي صدرت قبل عام 2011. فمن أبرز التغييرات الإيجابية التي طرأت على القوانين المؤقتة في عام 2011 تحديد حالات الضرورة التي تجيز للحكومة إصدار قوانين مؤقتة على سبيل الحصر لتشمل الكوارث العامة، وحالة الحرب والطوارئ، والحاجة إلى نفقات مستعجلة لا تتحمل التأجيل والتي صدر بحقها قرار تفسيري في عام 2013 وضح ملامحها والمقصود بها.

كما فرضت التعديلات الدستورية لعام 2011 مدة زمنية على مجلس الأمة للرقابة على القوانين المؤقتة التي تصدر في غيابه، فألزم المشرع الدستوري مجلسي الأعيان والنواب بأن يبتا في هذه القوانين وأن يحددا مصيرها إما بقبولها أو تعديلها أو ردها، وذلك خلال دورتين عاديتين متتاليتين، أي خلال سنتين من تاريخ قيام الحكومة بإحالة هذه القوانين المؤقتة إلى مجلس الأمة.

أما السؤال الأبرز حول مدى انطباق هذا الحكم الدستوري المستحدث القاضي بإقرار القوانين المؤقتة خلال سنتين متتاليتين على القوانين التي صدرت قبل عام 2011، فقد أجاب عليه المجلس العالي لتفسير الدستور في قراره رقم (2) لسنة 2012 بالقول "إن القوانين المؤقتة التي أحيلت على مجلس الأمة قبل نفاذ التعديلات الدستورية لعام 2011 مستثناة من تطبيق الحكم الدستوري الذي يوجب على مجلس الأمة البت في القوانين المؤقتة خلال الدورتين العاديتين المتتاليتين من تاريخ إحالتها، وإن هذه الفقرة تنطبق فقط على ما يحال من القوانين المؤقتة على مجلس الأمة بعد تاريخ نفاذ هذه التعديلات الدستورية ولا تنطبق على القوانين المؤقتة التي أحيلت إلى مجلس الأمة قبل نفاذ تعديل الدستور لسنة 2011".

وقد أعادت المحكمة الدستورية التأكيد على النطاق الزمني المباشر لسريان التعديل المتعلق بمدة إقرار القوانين المؤقتة، وذلك في قرارها رقم (2) لسنة 2018 المتعلق بالطعن بعدم دستورية قانون الكهرباء العام المؤقت رقم (64) لسنة 2002. فقد اعتبرت المحكمة أن عدم إقرار مجلس الأمة لهذا القانون المؤقت خلال سنتين من سريان التعديلات الدستورية لعام 2011 لا يوثر على صحة نفاذه، كونه قد صدر قبل إقرار المادة (94) المعدلة من الدستور.

إن هذا الاجتهاد الدستوري قد أعطى مجالس النواب السابقة ومعها الأعيان المعينين الجواز الشرعي بإبقاء القوانين المؤقتة التي صدرت قبل عام 2011 حبيسة الأدراج وعدم الاهتمام بفرض ولايتها التشريعية عليها. فهناك عدد لا بأس به من القوانين المؤقتة القديمة التي لا تزال تحمل صبغة تنفيذية محضة باعتبارها قد صدرت عن الحكومات المتعاقبة ومطبقة منذ عقود من الزمن، ولم تأبه المجالس النيابية المتتالية بها وبضرورة ممارسة دورها التشريعي عليها.

فإلى جانب قانون تنظيم المدن والقرى الأردنية المؤقت لعام 1966، هناك قوانين مؤقتة أخرى قديمة لا تزل تحمل صفة "التأقيت"، أهمها قانون مراقبة العملة الأجنبية رقم (95) لسنة 1966، وقانون مخصصات أعضاء مجلس الأمة المؤقت رقم (17) لسنة 1947، الذي له أهمية قصوى في تحديد طبيعة المركز القانوني لأعضاء مجلسي الأعيان والنواب. فقد استندت المحكمة الدستورية على هذا القانون المؤقت الذي صدر قبل سريان الدستور الحالي في قرارها التفسيري رقم (2) لسنة 2014، الذي قضت فيه بعدم استحقاق الأعيان والنواب لرواتب تقاعدية، وذلك لعدم إمكانية اعتبارهم موظفين عموميين.

إن المطلوب من مجلس النواب اليوم أن يستغل عطلته البرلمانية، وأن يقوم بحصر جميع القوانين الوطنية التي لا تزال "مؤقتة" بطبيعتها، وأن يضع جدولا زمنيا واضحا محددا للتعاطي معها وذلك بالتنسيق مع الحكومة، التي قد يكون لديها الرغبة في إلغاء البعض منها والاستبدال بها تشريعات جديدة، كما هو الحال بالنسبة لقانون تنظيم المدن والقرى والأبنية المؤقت لعام 1966.











طباعة
  • المشاهدات: 2094
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
06-07-2025 09:15 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم