حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,26 يونيو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6379

هاني الهزايمة يكتب: ضربة "العديد": فصل جديد في المسرحية الإيرانية-الأمريكية .. أم مقدمة لانفجار إقليمي؟

هاني الهزايمة يكتب: ضربة "العديد": فصل جديد في المسرحية الإيرانية-الأمريكية .. أم مقدمة لانفجار إقليمي؟

هاني الهزايمة يكتب: ضربة "العديد": فصل جديد في المسرحية الإيرانية-الأمريكية ..  أم مقدمة لانفجار إقليمي؟

24-06-2025 08:37 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : هاني الهزايمة
مرة أخرى، تعود طهران وواشنطن إلى الخشبة. مسرح الأحداث هذه المرة: قاعدة "العديد" الجوية في قطر، القلب النابض للوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، والرمز الاستراتيجي الذي طالما ظنت الولايات المتحدة أنه محصن خارج نطاق "اللعب الخشن". ولكن ها نحن نسمع عن "رد إيراني" على القاعدة، ما يثير تساؤلات جدية وسخرية لاذعة في آنٍ معًا: هل هذه بداية حرب فعلية؟ أم مشهد آخر من دراما مستهلكة تحترف الإثارة دون عواقب حقيقية؟

المتابع للعلاقة بين طهران وواشنطن خلال العقود الماضية يعرف جيدًا أن ما يجري ليس صراعًا تقليديًا بمقدار ما هو "مسرحية سياسية طويلة الأمد"، يتكرر فيها السيناريو ذاته: طرف يضرب، الطرف الآخر يرد، التصعيد يبلغ ذروته، ثم فجأة تهبط الستارة مؤقتًا ليعود كل شيء إلى ما كان عليه. وكأن الطرفين اتفقا ضمنيًا على الحفاظ على مستوى محدد من التوتر: كافٍ لتحريك الإعلام، لكن دون أن ينفجر الموقف فعليًا.

قاعدة العديد ليست كأي هدف. هي مركز القيادة والتحكم للعمليات الجوية الأمريكية في المنطقة، ولها مكانة استراتيجية تجعل المساس بها أقرب إلى محاولة صفعة على وجه العم سام نفسه. استهداف القاعدة من قبل إيران – بشكل مباشر أو عبر وكلائها – يعد خروجًا عن النص التقليدي للمسرحية. إيران، التي عادةً ما تعتمد سياسة الرد غير المباشر عبر ميليشياتها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، تتجاوز هذه المرة "قواعد الاشتباك" المتعارف عليها، ما يطرح احتمالين: إما أنها أصبحت أكثر جرأة، أو أنها ببساطة قررت المجازفة في عرض خاص لجمهورها الداخلي بعد سلسلة من الضربات الموجعة من قبل إسرائيل.

الطريف في الأمر أن واشنطن تعرف تمامًا قواعد هذه اللعبة. تعرف متى تصعد، ومتى ترد، ومتى تكتفي بالتلويح بالعقوبات أو إرسال حاملة طائرات تجوب الخليج لالتقاط صور "الردع". وفي المقابل، طهران أتقنت فنّ "الرد القابل للتفاهم"؛ رد يبدو قويًا أمام جمهورها، لكنه محسوب كي لا يدفع واشنطن إلى رد فعل عنيف. إنها لعبة التوازن في حافة الهاوية، لكنها باتت أشبه بعرض مسرحي ممل، يعاد بثه كل عام، مع تغييرات طفيفة في الحبكة، دون تغيير حقيقي في النتائج.

لكن، ما يجعل استهداف قاعدة العديد خروجًا عن السياق، هو كونه يطال دولة خليجية تربطها بإيران علاقات قائمة على التوازن والحذر، كقطر. لطالما لعبت الدوحة دور الوسيط بين واشنطن وطهران، وسعت للحفاظ على خيوط التواصل قائمة مع جميع الأطراف. استهداف أراضيها يعقّد الأمور أكثر، ويضعها في موقف لا تُحسد عليه، خاصة إذا وجدت نفسها مضطرة للانحياز في معركة لا تريد أن تكون جزءًا منها.

الموقع الجغرافي للعديد، في قلب الخليج العربي، يضفي على هذا التطور بُعدًا جيوسياسيًا خطيرًا. فالمسرحية لم تعد تُعرض على مسرح ثانوي في العراق أو سوريا، بل باتت على خشبة المسرح الرئيسي. إيران – قد تكون أرادت إيصال رسالة بأنها قادرة على اختراق حصون الولايات المتحدة، حتى في أكثر مواقعها تحصينًا. أما واشنطن، فقد تجد نفسها مضطرة هذه المرة للرد الفعلي وليس الرمزي، وهو ما يهدد بتحويل المسرحية إلى فيلم أكشن بتصنيف R.

ورغم هذه المؤشرات الخطيرة، تبقى الأسئلة قائمة: هل نحن أمام تصعيد محسوب؟ هل أرادت طهران استعراض عضلاتها فقط دون نية للمواجهة الشاملة؟ هل تراهن على أن واشنطن، الغارقة في حملات انتخابية وملفات أوكرانيا وتايوان، لن تخاطر بتوسيع الجبهة؟

في المقابل، هل ترى واشنطن أن التهديد الإيراني هذه المرة تجاوز الخطوط الحمراء، ويستوجب "عرض عضلات" عسكري يذكر الجميع من هو سيد المسرح؟ أم أن الطرفين سيتفقان مرة أخرى على إعادة المشهد إلى الهدوء النسبي بعد أن ينتهي العرض وتصفق الجماهير المؤيدة لهما؟

الأرجح أن ما يحدث ليس بداية لحرب شاملة، بل حلقة جديدة في مسلسل طويل لا يريد أحد إيقافه، لأنه يخدم كل طرف داخليًا: إيران تستطيع القول إنها تصدت للعدوان، وأمريكا تؤكد أنها تقف بقوة في وجه التهديدات، وكلٌ يُطَمئن جمهوره أن الأمور تحت السيطرة.

لكن الخطر الحقيقي يكمن في أن هذا العرض، مهما كان منظمًا، قابل للانفجار. فخطأ تكتيكي واحد، أو صاروخ يضرب هدفًا بالخطأ، كفيل بأن يحوّل هذه المسرحية من دراما سياسية إلى كارثة إقليمية. وعندها، لن يكون هناك جمهور يصفق، بل شعوب تدفع الثمن.

إذا لم يُغلق الستار قريبًا، وإذا لم يتفق الكبار على إخراج جديد قائم على الحوار بدل البارود، فقد نجد أنفسنا نعيش المشهد الأخير في هذه المسرحية العبثية – ذلك المشهد الذي لا يخرج منه أحد منتصرًا، والذي سيكتب بدماء الأبرياء لا بحبر التصريحات.

الراي











طباعة
  • المشاهدات: 6379
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
24-06-2025 08:37 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم