23-06-2025 08:27 AM
بقلم : نضال منصور
في ظل العدوان الذي شنته إسرائيل على إيران، وتعاظم المخاوف من توسع نطاق الحرب في الإقليم اختار الملك أن يوجه رسائله للعالم من على منصة البرلمان الأوروبي.
البرلمان الأوروبي قد يكون المكان الأمثل لإعادة طرح القضايا الإنسانية، والحقوقية على الطاولة، بعد أن أصبحت الانحيازات الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب مقلقة، ومستفزة جدا، وساهمت في إطلاق شرور دولة الاحتلال لتستمر في حرب الإبادة على غزة، ولتفتح طاقة الجحيم في حرب لا يعرف حدودها مع إيران، والحقيقة الواضحة أن الأردن في قلب العاصفة.
تحكم دول الاتحاد الأوروبي مجموعة مصالح، ولكن هذا التكتل السياسي الأكبر يعلن في خطابه التزامه بالقانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وإن كانت ممارسات بعض دوله تغرد خارج هذه المنظومة أحيانا، لكن برلمانه الذي يمثل مصالح الناس يبدي قدرا كبيرا من الالتزام بمنظومة أخلاقية عند معاينته للصراعات، ولديه بوصلة في اتخاذه للمواقف.
في هذا الوقت العصيب لم يتحدث الملك للبرلمان الأوروبي عن المصالح المشتركة بين أوروبا والأردن فقط، وإنما علق الجرس محذرا من تساقط المنظومة الأخلاقية، وتآكلها، وركز في خطابه على مجموعة نقاط لا بد من إعادة عرضها، والتعليق عليها.
يقول الملك «نحن نعيش موجة تلو الأخرى من الاضطرابات دون توقف، فلا عجب أننا نشعر بأن عالمنا قد ساده الانفلات، وكأنه قد فقد بوصلته الأخلاقية، فالقواعد تتفكك والحقيقة تتبدل كل ساعة، والكراهية والانقسام يزدهران، والاعتدال والقيم العالمية تتراجع أمام التطرف الأيديولوجي».
ويضيف جلالته بشكل واضح، وصريح «في خضم هذه الفوضى، يهددنا خطر نسيان هويتنا وقضايانا التي ندافع عنها، ولكن هذه المنعطفات التاريخية هي فعليا اللحظات الحرجة التي تتطلب منا أن نتشبث بقيمنا ولا نتخلى عنها، فعندما يفقد العالم قيمه الأخلاقية، نفقد حينها قدرتنا على التمييز بين الحق والباطل، وبين ما هو عادل وما هو قاسٍ، الأمر الذي يولّد الصراع».
ويتابع «استنتجت أوروبا في أعقاب الحرب أن الأمن الحقيقي لا يكمن في قوة الجيوش، بل في قوة القيم المشتركة، وأن السلام الذي تفرضه القوة أو الخوف لن يدوم أبدا».
ويقدم الملك الحقيقة الموجعة حين يتحدث عما جرى في غزة «اليوم يتجه هذا العالم نحو انحدار أخلاقي، إذ تنكشف أمامنا نسخة مخزية من إنسانيتنا، وتتفكك قيمنا العالمية بوتيرة مروعة وعواقب وخيمة، يتمثل هذا الانحدار بأوضح أشكاله في غزة، التي خذلها العالم، وأضاع الفرصة تلو الأخرى في اختيار الطريق الأمثل للتعامل معها».
منذ السابع من اكتوبر تحرك الأردن ليكشف المخاطر المتزايدة من اليمين الصهيوني في إسرائيل الذي داس بأقدامه على الاتفاقيات الدولية، وصار القتل اليومي للفلسطينين نهجا، ولم يعد هناك أي أثر محتمل للسلام، فهذا لم يعد من أبجديات القيادة الحاكمة في دولة الاحتلال.
يسعى الملك في خطابه أمام البرلمان إلى بناء تحالف دولي يحاول أن يفرمل جنون القوة الذي يسيطر على دولة الاحتلال الإسرائيلي، فيرى أنه لا ضوابط لاستخدام قوتها لتغيير العالم وفق مصالحها، وهو ما يتبجح به نتنياهو علنا، وزاد غروره بعد الضربات الموجعة التي وجهها الطيران الإسرائيلي لطهران وتسبب في قتل العديد من قادته.
يدرك الأردن أن خطابة أمام البرلمان لن يصنع وقائع جديدة بين ليلة وضحاها، ويذكر الملك أنها ليست المرة الأولى الذي يدق فيها ناقوس الخطر، ويكشف الغطاء عن الاختلالات الجوهرية في منظومة القيم العالمية حين تتعاطى مع القضايا العادلة، فتطغى المصالح على المبادئ، وفلسطين نموذجا صارخا للمعايير المزدوجة، والانتقائية.
الملك يعمل على حماية مصالح الأردن أولا، وتعظيم المنافع التي تحقق التنمية والازدهار لشعبه، لكن نفخر حين تكون البوصلة لقيادتنا السياسية وفي مقدمتها الملك أخلاقية، إنسانية، حقوقية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-06-2025 08:27 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |