حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,21 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4676

د. علي فواز العدوان يكتب: "الحروب الغبية"

د. علي فواز العدوان يكتب: "الحروب الغبية"

د. علي فواز العدوان يكتب: "الحروب الغبية"

21-05-2025 08:42 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور علي فواز العدوان
تحولات جيوسياسية بإعلان ترامب من الرياض ايقاف الحروب الغبية والخاسرة بالشرق الأوسط ودور القوى الإقليمية والدولية
شكّل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من العاصمة السعودية الرياض عن نيته "إيقاف الحروب الغبية أو الخاسرة" للولايات المتحدة نقطة تحول مفصلي في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، خاصة في ظل الأزمة المستعرة في غزة والمواقف المتضاربة تجاه الحرب الدائرة هناك. جاء هذا الإعلان خلال القمة الأمريكية الخليجية التي جمعت ترامب بقادة من مجلس التعاون الخليجي، حيث أكد أن إيران "لن تصل للسلاح النووي" ووعد بالوقوف إلى جانب أصدقاء واشنطن في وجه التهديدات . لكن الأكثر إثارة كان التلميح إلى مراجعة جذرية للسياسات الأمريكية في المنطقة، بما فيها التعامل مع الحروب المستعصية مثل الحرب في غزة.
على الرغم من خطاب ترامب حول إنهاء "الحروب الغبية"، فإن إدارته أظهرت تناقضاً صارخاً في تعاملها مع الأزمة في غزة. فمن ناحية، أكد ترامب على "ضرورة الإفراج عن جميع الرهائن" وتحدث عن رغبة واشنطن في "رسم مستقبل آمل لشعب غزة" لكن من ناحية أخرى، قامت إدارته برفع العقوبات عن المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية، وهو ما اعتبره مراقبون "منحاً للضوء الأخضر لإرهاب المستوطنين" كما أن تصريحات مسؤولي الخارجية الأمريكية أكدت أن الأولوية هي لإنهاء الحرب قبل الحديث عن أي حلول سياسية مثل الدولة الفلسطينية .
يأتي إعلان ترامب في وقت يجد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه في موقف حرج، حيث تواجهه معارضة واسعة داخل الجيش الإسرائيلي لاستراتيجيته في غزة، والتي فشلت في تحقيق الأهداف المعلنة رغم الدمار الهائل والخسائر البشرية الفادحة. الصحف الإسرائيلية مثل هآرتس وصفت سياسات نتنياهو بأنها "متهورة" وتخدم فقط الحفاظ على الائتلاف الحكومي كما أن استمرار الحرب دون تحقيق نتائج واضحة زاد من عزلة نتنياهو دولياً، حتى من الحلفاء التقليديين لإسرائيل.
في مواجهة استمرار الحرب، برز دور عربي واضح تمثل في تشكيل جبهة دولية للمطالبة بوقف إطلاق النار. قاد جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين جهوداً دبلوماسية مكثفة نتج عنها تحالف دولي يضم دولاً أوروبية وعربية لمطالبة إسرائيل بوقف الحرب. هذه الجهود تزامنت مع تصاعد الغضب الشعبي العربي من السياسات الإسرائيلية في غزة، مما وضع ضغطاً غير مسبوق على القادة الغربيين لإعادة تقييم مواقفهم.
و رداً على استمرار الحرب، بدأت دول أوروبية باتخاذ إجراءات تصعيدية ضد إسرائيل، منها:
- فرض قيود على التبادل التجاري مع المستوطنات.
- تجميد بعض اتفاقيات التعاون العسكري.
- دعوات لعقوبات فردية ضد مسؤولين إسرائيليين.
هذه الخطوات، وإن كانت محدودة حتى الآن، إلا أنها تعكس تحولاً في الموقف الأوروبي الذي كان تقليدياً أكثر انحيازاً لإسرائيل.
في ظل التراجع النسبي للدور الأمريكي المباشر في المنطقة كما هو واضح من خطاب ترامب، بدأت الصين تعزز حضورها كوسيط محايد. عرضت بكين مبادرات لإنهاء الحرب في غزة، مستفيدة من علاقاتها الجيدة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. هذا الحضور الصيني المتزايد يثير تساؤلات حول إمكانية تحول الصين إلى لاعب رئيسي في الصراع العربي الإسرائيلي، خاصة في ظل سعيها لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط ضمن إطار مبادرة الحزام والطريق.
سياسة ترامب التي تتبنى شعار "أمريكا أولاً" بدأت تظهر آثارها على التحالفات التقليدية فبينما يعزز ترامب علاقاته مع دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات ، فإنه يبدي أقل اهتماماً بالصراعات التي لا يراها تخدم المصالح الأمريكية مباشرة. هذا النهج قد يفتح الباب أمام المزيد من التدخلات الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط، في ظل غياب القيادة الأمريكية التقليدية.
إعلان ترامب من الرياض ليس مجرد خطاب عابر، بل يعكس تحولاً استراتيجياً في السياسة الأمريكية له تداعيات عميقة:
- تراجع الدور الأمريكي المباشر في فض النزاعات لصالح نهج أكثر براغماتية
- تصاعد الدور العربي الموحد بقيادة شخصيات مثل الملك عبد الله الثاني
- بروز الصين كوسيط محايد في الصراعات الإقليمية
- زيادة العزلة الدولية لإسرائيل ونتنياهو رغم الدعم الأمريكي
الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت هذه التحولات ستؤدي إلى إنهاء "الحروب الغبية" كما وصفها ترامب، أم أنها ستمهد لمرحلة جديدة من عدم الاستقرار في منطقة تبقى الأكثر تأثراً بالتقلبات الجيوسياسية العالمية.











طباعة
  • المشاهدات: 4676
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
21-05-2025 08:42 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم