05-05-2025 08:39 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
يحتدم النقاش– وهو نقاش صحي– حول الأثر الذي يمكن أن تتركه القضية الأمنية الأخيرة على الحياة الحزبية نظراً لارتباط جزء كبير من أبعادها بأحد الأحزاب الأردنية الممثل في البرلمان تحت عنوان آخر، ما بين معتقد بأن ما جرى يمكن أن يجهض الحياة الحزبية ومسيرة التحديث السياسي بأكملها، ومعتقد بأن الحياة الحزبية أصبحت الآن ثابتة وقوية، بل إن ما جرى سيعمق جذورها ويشد من عودها!
التعبير عن القلق في اتجاه كل ما من شأنه أن يعكر صفو المسيرة السياسية أمر طبيعي، وينبغي أن يكون حافزاً لإرساء قواعد التفكير والوعي الإستراتيجي من أجل فهم الأحداث على حقيقتها، ورؤية ما بعدها بشكل واضح لا لبس فيه، خاصة عندما تكون الظروف المحيطة أو الواقع الجيوسياسي على هذه الدرجة العالية من المخاطر والتحديات والأزمات المتفاقمة التي توجب علينا إظهار وحدة موقفنا من أجل حماية أمن واستقرار بلدنا، وضمان استمرارية مسارات التحديث التي يمضي بها إلى الأمام بالرغم من العقبات والعراقيل والمفاجآت التي تختبر من يوم إلى يوم قدرة الدولة على التعامل معها بالحكمة والخبرة والصمود .
هناك أمران مهمان لا بد من استحضارهما كلما أردنا الحديث عن واقع الأحزاب الوطنية في هذا الظرف الاستثنائي: أولهما ما أكده جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين من أن عملية التحديث السياسي هي (مشروع الدولة) وثانيهما أنه يمنح الضمانة الأكيدة لحماية التحول السياسي الذي قاده بنفسه ومهد له على مراحل، منذ الأوراق النقاشية الملكية، واللجنة الملكية للتحديث السياسي، وما أسفر عن ذلك من تعديلات دستورية، وقانون جديد للأحزاب وآخر للانتخاب، فضلاً عن التوجهات الخاصة بتمكين المرأة والشباب، وجميعها تصب في مفاهيم الديمقراطية الصحيحة وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار.
حين نضع واقع الحياة الحزبية في هذا الإطار يمكن أن ندرك معنى الثبات، وحين نفهم قوة الدولة المتمثلة في الرؤية السياسية، والقدرات الأمنية الفائقة، والإجماع الوطني على التصدي لكل أشكال التهديد مهما كان نوعه أو حجمه أو مصدره يمكن أن ندرك القوة الحقيقة للأحزاب الوطنية البرامجية في تأثيرها المباشر وفي مساهمتها لإيجاد بيئة سياسية جديدة قائمة على إستراتيجيات تحاكي قطاعات الدولة المختلفة، وعمليات الإصلاح والنهوض الاقتصادي والإداري، والتقدم ببرامجها الموضوعية كما لو أنها (حكومة الظل) سواء من خلال ممثليها في البرلمان وغيره من المجالس المنتخبة أو من خلال أدبياتها التي تنشرها وتعبر عنها بطرق عديدة.
دائما نتعلم من التجارب، ورب ضارة نافعة كما يقال حين تدفعنا التحديات والمخاطر لكي نحولها إلى فرص، وحين نكتشف نقاط الضعف في تجربتنا الحزبية الراهنة حتى نسدها فلا يخترقها المترصدون بنا، وحين نعرف نقاط القوة التي تمتلكها الأحزاب الوطنية حتى توظفها لتعزيز عناصر ثبات الدولة وقوتها.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-05-2025 08:39 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |