حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 28662

قراءة في قرار التفسير حول حق المعلمين في الإضراب

قراءة في قرار التفسير حول حق المعلمين في الإضراب

قراءة في قرار التفسير حول حق المعلمين في الإضراب

20-10-2014 11:07 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. اشرف محمد عبد القادر سمحان
بتاريخ 16/10/2014 تم نشر قرار ديوان تفسير القوانين رقم (16) لسنة 2014 في الجريدة الرسمية والذي انتهى فيه الى تقريره ".. أنّ إضراب المعلمين ألحق ضرراً بمصلحة الطلبة وحقهم في التعليم وأنه أسلوبٌ غير مشروع في تبني مطالب المعلمين ويشكل مخالفة لأحكام قانون التربية والتعليم وقانون نقابة المعلمين ونظام الخدمة المدنية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
والناظر إلى قرار ديوان تفسير القوانين المذكور والصادر بالإجابة عن مدى مشروعية إضراب المعلمين يجده معيباً من الناحيتين الشكلية والموضوعية، وفيما يلي تبيان لوجه انتقادنا على تلكما الناحيتين على التوالي:
أولاً: من حيث الشكل:
بادئ ذي بدء نتحدث عن سوء الصياغة الجسيم الذي اعترى التساؤلات الموجهة الى ديوان تفسير القوانين، حيث ورد في القرار المذكور حرفياً: "إنّ المطلوب تفسيره على ضوء النصوص المشار إليها أعلاه هو :-
1. بيان فيما إذا كان الإضراب أثناء الدوام الرسمي يلحق ضرراً بمصلحة الطالب وحقه في التعليم. 2. وما إذا كان الإضراب يعد أسلوباً من الأساليب المشروعة لتبني مطالب المعلمين .
2. بيان فيما إذا كان الإضراب يشكل مخالفة لأحكام قانون التربية والتعليم ونظام الخدمة المدنية وقانون نقابة المعلمين".
وفيما يلي تفصيل كل سؤال من الاسئلة المذكورة:
1. فمن ناحية السؤال الاول فيما اذا كان الاضراب يلحق الضرر بمصلحة الطالب، فمثل هذا الامر تقدره الخبرة ويدخل ضمن اعتبارات المواءمة والملاءمة ولا يمكن بحال اعتبار الاجابة عليه بمثابة تفسير لنصوص القانون. في مقابل ذلك نجد ديوان التفسير الموقر يقرر صراحة ثبوت وقوع الضرر، وذلك بقوله انه "وبوصولنا إلى هذه النتيجة وما نجم عن الإضراب أثناء الدوام الرسمي من تعطيل للمسار التعليمي حسبما هو مقرر بالقوانين والأنظمة ، وتعطيل حق الطلبة في تلقي التعلم وتفويت فرصة التعليم عليهم في الأوقات المقررة وتعطل مرفق التعليم عن أداء مهامه وإخلال بسلامة وحسن سيره. مما يؤكد أنّ الضرر بالطلبة وبمرفق التعليم مفترض وقائم واقعاً .."، والتساؤل الذي يثور في هذا المقام ينصب على ما اذا كان من مهمة ديوان تفسير القوانين تقدير وقوع الضرر من عدمه، وما اذا كان لذلك الامر اية أهمية تذكر في تفسير نصوص القانون التي أوكلت اليه مهمة تفسيرها.
2. ومن ناحية السؤالين الثاني والثالث والمنصبين على البحث في مشروعية الاضراب ومدى مخالفته لاحكام القوانين المذكورة فهو يثير تساؤلاً جوهرياً فيما اذا كان قرار ديوان التفسير قرار تفسيري ام حكم قضائي؟ هو اقرب الى الحكم القضائي منه الى القرار التفسيري لانه اطلق حكماً بالمشروعية من عدمه على واقعة معينة بالذات هي اضراب المعلمين وهو ما يخرج بالحتم عن اطار مهمة التفسير اساساً ويتعداها ليدخل في نطاق مهمة القضاء. ذلك ان "التفسير" هو بيان ارادة المشرع (المجردة) من النص في حين ان "الحكم" هو اسقاط كلمة القانون المتمثلة في حكم على واقعة معينة بذاتها، وهذا الأخير هو ما فعله قرار ديوان التفسير، حيث جاء فيه صراحة انه ".. وحيث إنه بحدود ما هو معروض علينا من إضراب نقابة المعلمين وتبعاً لذلك إلزام المعلمين بالإضراب ، فإنّ هذا الإضراب هو في حقيقته امتناع عن أداء العمل في مرفق عام وامتناع المعلمين عن تدريس الطلبة وتعطيل المسار التعليمي في المدارس خلال السنة الدراسية المقررة". الا يعتبر هذا من قبيل اسقاط كلمة القانون على الواقعة المعروضة؟ الا يكون بذلك اقرب الى معنى الحكم القضائي منه الى التفسير المجرد لنصوص القانون، وهي –أي العمومية والتجريد- الصفة المتوجب توافرها في أي قاعدة قانونية وبالتالي –وبحكم التبعية في الحكم- يتوجب توافره في أي قرار تفسيري ينصب على تفسير نصوص القانون والتي يفترض فيها اتصافها بسمات العمومية والتجريد.
3. والاثر المترتب على ذلك هو انعدام قرار التفسير بما لا يعود معه مرتباً لاي اثر من أي نوع كان، ونقول منعدماً لا باطلاً باعتباره يشكل اعتداء صارخا ًعلى اختصاص القضاء، مما يشكل معه تجاوزاً لاختصاص سلطة بما يشكل افتئاتاً واضحاً بل وفاضحاً على الاختصاص المحفوظ لسلطة أخرى، سيما بما يكون الدستور هو السند المنشئ له. وفي ذلك نجد قرار محكمة العدل العليا رقم 34/2001 تاريخ 21/3/2001 والذي جاء فيه ان "القرار المنعدم هو الذي يصدر بصورة اغتصاب للسلطة كـأن تصدر السلطة التنفيذية قراراً من اختصاص السلطة التشريعية او اختصاص السلطة القضائية أو أن يصدر من شخص عـادي ليس مـن اختصاصه إصدار القرارات الإدارية ..." (منشورات مركز عدالة).
4. ولما كان قرار التفسير يندمج في النص المفسّر مكتسباً ذات قوته وطبيعته، فيكون من صلاحية المحكمة الدستورية النظر به وتقرير عدم دستوريته وتقرير انعدامه بالتالي وفقاً للنظرة الموسعة لاختصاص هذه المحكمة، باعتبار ان قرار التفسير تابع للنص المفسر ومن المعلوم ان "التابع تابع ولا يفرد به بحكم". الا ان القول بان تقرير انعدامه متروك للمحكمة الدستورية لا يعني البتة ترتيبه لأي اثر قبل الغائه، وهذا هو جوهر الفرق بين البطلان والانعدام، مما يعني انه والى ان تبت المحكمة الدستورية في امر انعدامه يكون لحميع سلطات الجولة ولجميع الجهات المعنية به من افراد ومؤسسات تجاهله بالكلية واعتباره كأن لم يكن والتعامل مع المسائل التي تضمنها هذا القرار بمعزل عن أي حكم ورد فيه.
5. وفي رأينا فإنه اذا كان انعدام قرار ديوان التفسير لا يستأهل تلقائية اختصاص المحكمة الدستورية (باعتبار ان اثارة الاختصاص وعدم تلقائيته من الاركان الاصيلة التي تصيب جوهر العمل القضائي)، نقول بأنه اذا كان ذلك كذلك، فإن انعدام قرار التفسير (وكذا انعدام القانون ذاته كما لو صدر بما يخالف الاجراءات الدستورية المتوجبة به) يستأهل بلا شك فتح باب الطعن او بالاحرى طلب تقرير البطلان لاية جهة اياً كانت -افراداً كانوا او مؤسسات، ولو من غير الجهات المحددة اصلاً بالنص (وهي مجلس الوزراء ومجلس الامة ومحكمة التمييز)، ذلك ان الانعدام مسألة ابلغ اثراً واشد خطراً من البطلان، فاذا كان أمر إثارة البطلان متروك لجهات معينة حصراً بالنص (وفقاً لاعتبارات الملاءمة والمواءمة السياسية -كمجلس الوزراء- او التشريعية –كمجلس الامة- او القضائية –كمحكمة التمييز)، فإن الانعدام يصل الى خطورة تتجاوز كل تلك الاعتبارات والمواءمات الخاصة بجزاء البطلان، مما لا يصح معه ولا يقبل عقلاً ومنطقاً ان يعلق امر تقرير انعدام القانون او قرار تفسير نص فيه لتقدير تلك الجهات ان شاءت أثارته وان شاءت تغاضت عن أمر وجوده –على كل ما فيه من علات- في جسد النظام القانوني للدولة.
6. وتقرير الانعدام لا ينصب على ذات قرار التفسير وانما ينصب على اثر اندماجه في النص المفسّر كأثر مباشر لصدوره، فيمنع من تريبه ذلك الاثر ومن تكوينه مع النص الذي وقع التفسير عليه واتخذ منه محلاً له وحدة واحدة لا تقبل التجزئة ولا الانفصام، وان كان القرار التفسيري يغدو بذلك مجرداً من اثره المباشر الذي يتخذ وظيفته من خلاله، ليكون بتقرير الانعدام مجرد واقعة مادية لا ترتب اثراً في ذاتها بالمطلق وانما بنا يمكن ان ترتبه في الواقع المادي من آثار لا أكثر، من ذلك مثلاً الحكم بناء عليه أي قبل تقرير انعدامه.


ثانياً: ومن حيث الموضوع:
اضافة الى العيوب الشكلية التي اعترت قرار ديوان التفسير والتي خلصنا بشأنها الى المناداة بانعدامه، نجد انه معيب في موضوعه ايضاً أي من حيث موافقة ما انتهى اليه قرار التفسير لصحيح الفهم القويم والسليم لنصوص القانون، وفي ذلك نجد ما يلي:
1. ان المادة (8/د) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 والمصادق عليه من قبل الأردن والمنشور لاحقاً بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (4764) تاريخ 15/6/2006 ، تقرر صراحة حق الإضراب للنقابات وان كانت اعتبرتها مشروطة بممارسته وفق قوانين البلد، بما يعني وفقاُ لما احتج به القرار المذكور "إنّ من حق الدولة وضع القيود على ممارسة هذا الحق لموظفي الإدارات العامة". وهنا نصل الى مربط الفرس فالقرار المذكور –مع كامل الاحترام والتقدير- لم ينتقل بعد ذلك الى البحث في المسألة المترتبة منطقياً على ذلك، والمتمثلة في التساؤل عما اذا كان هنالك في القوانين الاردنية ما يقيد الحق في الاضراب ام انها تحظره بالمطلق مقررةً عدم مشروعيته في جميع الاحوال واياً كانت صورته والاجراءات التي سبقته كسبق الانذار والمدة المضروبة للاضراب والتدرج في تصعيده من حيث الوقت الذي يستغرقه في كل مرة وما الى ذلك.
2. ولا بد في هذا المقام من الاشارة الى ما لاحظه البعض من اغفال قرار ديوان التفسير لما تضمنه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بهذا الخصوص على الرغم مما اوجبه التعليق العام رقم 2 لعام 1990 والصادر عن لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيث جاء فيه: "إن مجموعتي حقوق الإنسان لا تتجزآن ومترابطتان. وهذا يعني أنه ينبغي للجهود المبذولة لتعزيز إحدى مجموعتي الحقوق أن تأخذ في اعتبارها بالكامل المجموعة الأخرى أيضاً .." (في ذلك لطفاً انظر: الاستاذ يحيى شقير، مقالة بعنوان "تعقيباً على قرار ديوان تفسير القوانين بعدم مشروعية إضراب المعلمين"- العرب اليوم- عدد يوم الخميس 2/10/2014).
3. وبالعودة الى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمصادق عليه بذات العدد من الجريدة الرسمية المذكورة، وبقراءة قراءة مشتركة وكوحدة واحدة مع العهد الاول نجده يضع الضوابط والمحددات التي تتيح بقدرها تقييد الحق في الاضراب حيث تقرر المادة (22/2) منه ما يلي: [لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق].
4. وبالتفسير الصحيح والمشترك لكلا النصين نجد انه لا يجوز تقييد ممارسة أي من الحقوق النقابية الا بالقدر اللازم لحماية وصيانة الاعتبارات المذكورة في النص، وذلك فيما خلا الافراد المنتمين لطائفتي القوات المسلحة والشرطة، والذين اطلقت المادة المذكورة للسلطات الوطنية تقييد حقوقهم لاعتبارات تقدرها هذه الدول وفقاً لما هو متروك للاعتبارات التي تراها تلك السلطات مناسباً وفقاً لمطلق تقديرها (وهذا التفسير هو بخلاف ما ذهب اليه الاستاذ يحيى شقير في مقاله المذكور حيث ذهب الى اطلاق حق موظفي الادارة في الاضراب دون قيد، وذلك فيما عدا رجال الامن العام والقوات المسلحة الذين اعتبر القيود المذكورة قاصرة عليهم).
5. وعليه، فما يقبل العهدان الدوليان المذكوران بوجودها هي القوانين المقيدة للحق في الاضراب أي تلك الناظمة لممارسته بما يضمن تعظيم ثماره ومنافعه وتدارك وتجنب مضاره ومساوئه على المجتمع او على الاقل الحد قدر المستطاع من السلبية من آثاره. من ذلك تنظيم المشرع البحريني لأحكام الإضراب في قانون النقابات العمالية رقم (33) لسنة 2002، والذي يشمل العاملين الخاضعين لقانون العمل أو أنظمة الخدمة المدنية، حيث وضعت المادة (21) منه عدة ضوابط لذلك هي:
- موافقة ثلاثة أرباع الأعضاء الذين تتألف منهم الجمعية العمومية للنقابة من خلال الاقتراع السري.
- منح صاحب العمل مهلة لا تقل عن أسبوعين قبل الشروع في الإضراب، وإخطار الوزارة بذلك.
- أن يكون الهدف من الإضراب تحقيق مطالب اقتصادية واجتماعية خاصة بالعمال.
- عدم المساس بأموال الدولة وممتلكات الأفراد وأمنهم وسلامتهم.
- عدم جواز اللجوء للإضراب إلا بعد تعذر الحل الودي بين العمال وصاحب العمل.
كذلك فقد استثنت الفقرة (هـ) من ذات المادة (21) المذكورة بعض القطاعات الهامة والحساسة من الإضراب وهي: الأمن – الدفاع المدني – المطارات – الموانئ- المستشفيات – المواصلات – الاتصالات السلكية واللاسلكية – الكهرباء – الماء.

6. من ناحية أخرى، فاذا كان ما درج الفقه والقضاء المقارنين على منعه وتحريمه هو تستر القوانين الناظمة للحريات بالتقييد لتصل من خلالها الى المنع بأن تفرض على الحرية شروطاً تجعل من ممارستها في محصلة الأمر مجرد مسألة نظرية فيما تكون ومن ناحية واقعية او فعلية امراً لا جدوى منه تنتظر ولا فائدة منه ترجا. نقول: اذا كان ذلك كذلك، وفرض الفقه والقضاء والمقارنين للحرية سياجاً لا يجوز لسلطة في الدولة –اياً كانت- ان تقترب منه بداعي التقييد والتنظيم، فمن باب أولى ان يكون الحظر الصريح لها محظوراً هو ايضاً في ذاته، فكيف يستقيم عقلاً ومنطقاً قول ديوان التفسير الموقر بان ممارسة الحق في الاضراب مقيد بان يكون موافقاً لما تفرضه القوانين الوطنية من قيود، وانه وبما أن القوانين الوطنية جعلت منه امراً محظوراً بالمطلق فلا يكون في ذلك مشروعاً بالمطلق ايضاً؟ هل يستقيم مثل هذا القول لابسط مقتضيات العقل والمنطق وحسن التطبيق السليم والقويم لقواعد القانون؟ الناظر الى المادة (68/ج) من نظام الخدمة المدنية لسنة 2013 –والتي استند اليها القرار التفسيري المذكور- نجدها تحظر بشكل مطلق على الموظفين الاشتراك في أي مظاهرة أو إضراب أو اعتصام، دون ان تقتصر على تقييد ممارسة الحق في الاضراب. والتساؤل الاكثر مشروعية في هذا المقام: كيف يكون الحق حقاً في الاصل ثم تعمد اية جهة اياً كانت الى تحريم ممارسته بشكل مطلق.
7. مما سبق، نخلص الى ان النصوص التي استعرضها قرار ديوان التفسير تصطدم وبشكل مباشر مع كل من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الامر الذي يتوجب معه المفضالة فيما بينها تبعاً لقوتها في سلم التدرج الهرمي في جسد النظام القانوني للدولة. ولما كانت المعاهدات الدولية في مرتبة أسمى من القوانين العادية فيكون من المتوجب بالتالي اعلاؤها عليها وتقديمها في اولوية التطبيق باعتبارها أعلى قيمة وأسمى درجة من القوانين العادية ومن باب اولى من الانظمة.
8. أخيراً، فنشير الى ما سبقني غيري في الحُسنى بالإشارة اليه مما قرره القضاء المصري العظيم ممثلاً بمحكمة أمن الدولة عليا طوارئ المصرية من براءة 38 متهماً من عمال السكك الحديدية اضربوا عن العمل بتاريخ 7/7/1986، وذلك في سابقة تاريخية استندت فيها المحكمة المذكورة في تبرئتها للمتهمين العمال بالقول بأن مصر دولة طرف في العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي ينص في المادة الثامنة منها على أنه ... ان هذا النص قاطع الدلالة في أن على الدولة المنضمة للاتفاقية الالتزام بأن تكفل الحق في الإضراب بمعنى أنه صار معترفا به كحق مشروع من حيث المبدأ ولا يجوز العصف به كليا وتحريمه على الإطلاق والا فإن ذلك مصادرة كاملة للحق ذاته وما تملكه الدول المنضمة للاتفاقية لا يعدو أن يكون مجرد تنظيم ذلك الحق المقرر بحيث تنظيم التشريعات الداخلية طريقة ممارسة ذلك الحق وهناك فرق بين نشأة ووضع قيود على ممارسته، وعدم وضع تنظيم لذلك الحق لا يعنى على الإطلاق العصف به أو تأجيله لحين وضع تلك النظم والا لاستطاعت أية دولة التحلل من التزامها بعد وضع تنظيم لممارسة ذلك الحق .." لتنتهي المحكمة في قرارها المذكور الى القول بأن "... من المقرر فقها وقضاء بأنه متى قرر الشارع حقا اقتضى ذلك حتما إباحة الوسيلة إلى استعماله أي إباحة الأفعال التي تستهدف الاستعمال المشروع للحق وكذلك النتائج المترتبة على هذا الاستعمال سواء للحصول على ما يتضمنه من مزايا أو لمباشرة ما يخوله من قواعد القانون إذ يصدم المنطق أن يقرر الشارع حقا ثم يعاقب على الأفعال التي يستعمل بها فيكون معنى ذلك التناقض بين قواعد القانون وتجريد الحق من كل قيمة".
ذلك ما كان من أمر اجتهادي في هذه المسألة، ورأيي يبقى صواباً يحتمل الخطأ ورأي غيري يحتمل الصواب، فإن أصبت فمن الله وتوفيقه، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، فعسى أن أكسب باجتهادي هذا الأجرين لا الأجر الواحد، والله من وراء القصد، وشكراً.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 28662
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم