بقلم :
غرِيبةٌ هِي تِلك التـّـعدِيلات المُرسَلَة مِن الحُكومة لِمجلِس النوّاب و التي تعلّقت بِقوانين سِتّ ، يُرادُ إسقاط شَرط عدَم إِزدِواج الجِنسيّة في ثلاثٍ مِنـها ، دُون أيّ ذِكرٍ للمَحكمةِ الدّستورِيـّـة .

و هـذا الإجــراءُ بِلا شكّ مَدعَـاةٌ للتـّـساؤلِ و الحَيرة و الإستِغرَاب ، فلِمَ يُسمحُ للشخصِ ذو الجنسيّة المُزدَوَجة أن يكونَ رئيسـاً للمجلس القضائي و بالتّالي يكونُ رئيســاً لِمحكَمة التّمييزِ حُكــماً ، و لكن يُحظَر عليهِ أن يكونَ رئِيسـاً أو عُضـواً في المَحكمَة الدُّستورِية ؟

تقولُ القاعِدة القانـُـونيّة بِأنّ " المُطلق يجرِي على إِطلاقِهِ إذا لَم يقم دلِيلُ التـّـقييدِ نصّاً أو دَلالَة " ، و حَيثُ نصّت المادّة ( 6/ ب ) مِن قانونِ المَحكمة الدُّستورية على ( وُجُوب ) أن يكونَ مِن بينِ أعضَاء المحكمَة أحدُ المُختصّين الذين تنطبقُ عليهِم شروطُ العُضويّة في مَجلس الأعيَان ، مُورِدةً قيداً واحِداً فقَط على تِلك الفِئة و هي أن يَكون عُمرَهُ تجاوَز الخَمسين عاماً ، و أبقـَـت الأحكَـام التي تـُحدِّد صلاحيّة الشّخص للعضويـّـة بمجلس الأعيان كمــا هِي و مِن بينِها إِباحَة الإزدِواجِ بالجنسيّـةِ وفقا للتــّـعدِيل الدُّستوريّ الأخِير .

و هـذا بِلا شكّ يخلِقُ تعارُضاً بينَ فقراتِ المادّةِ السّادسة ذاتِها مِن قانونِ المَحكمة الّتي ذكَرَت صرَاحةً شرط َعدَم الإزدواجيّة في البنـدِ ( أ / 1 ) و أقرّت بـِه ضمناً كمـا أسلفنـا في الفرع ( ب ) مِنـها و التي تخالف أيضا ما ورد في المادّة ( 61 ) من الدّستور التي حظرت على هذه المحكمة إزدواج الجنسية ، و هَذا كلّه يتناقضُ مّع مبادِئ قانونيّة راسِخة تَسير عليهَـا التشريعَـاتُ كقاعِدة " الفرعُ يتبعُ الأصل " و كذلك " خُضوعُ القاعِدةِ الأدنى لِلقاعِدَة الأعلى " .

أتســائَلُ حقيقَة مـا العِلّةّ و المانِع في أن يُؤتمَن شخصٌ على تبوّءِ موقِعٍ عامّ كمجلِس الوُزراء أو الأمّة أو كذلِكَ القضائيّ و يُمنَعُ ذاتُــُــهُ مِن رِئاسَة أو عُضويّـة المّحكمة الدُّستوريـّـة ؟ أينَ ذلِك مِن القاعِدة الأصوليّــة " مَن يملُك الأكثر يملُك الأقلّ " ؟
أوَليسَ الشـّـخصُ ذاتــُـه في ميادِينِ الإباحَة يكونُ مُراقِباً على الدّستُورِ و مُشرِّعاً لَهُ ؟

أنا شخصيّاً لا أحبّذ فِكرة إزدِواج الجِنسيّة في العَمَل العامّ سِوى في حُدودِ الضّرورة ، لكنــّـي أعتقِدُ أنّــنــا حَقيقةً نحتاجُها في مِضمار القانونِ و الدّستورِ تحدِيداً لِنستفيدَ مِن خِبرات أبناءِ وَطنِنــا المُكتـَـسَـبَةِ مِن الخــارِج ، لنـُـقوّي مَنظومَتــَـنا التشريعيّـة و نُثريهــا بِإضافاتٍ نوعِيـّـةٍ نَحنُ أولَى بِهــا .

كــانَ الأصحّ بِرأيي أن تُرسَل سَبعُ نُصوصٍ دُستوريّة لِلتعديل و سبعَةُ قوانِينَ بدلاً مِن سِتّ ، و إذا ما إعتُــبِـرَت هيئاتُ المُستقلَّة للإِنتِخاب و النّزاهة في حُكمِ الوِزارَة و بالتـّالي شمَلَهُنّ التــّعدِيل ماذا تــُــعتبرُ الدُّستوريّـة إذَن ؟ كمــا أنّ القوانين قد سـاوَت في الدّرجـاتِ و الإمتيازاتِ بينَ مَجلِسيّ المُستقِلّة للإنتِخـاب و الدّستورِية فلِم عُدّلَت واحِدة و إستُــثنِيت أخــتَــهــا ؟
رُغمَ غِيــابِ العِلّة في الحَالتَين ، أتَـمَـنّـى ألّا يَكونَ ذلِك قد سَقَطَ سَهــواً .
حمَى اللهُ الأردنّ قيــادةً و شعبــاً .

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا