حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,27 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 24764

درويش شهادة شعر على ورق الزيتون

درويش شهادة شعر على ورق الزيتون

درويش شهادة شعر على ورق الزيتون

16-08-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 
 بعد يوم سيكون جسد الشاعر العربي الكبير محمود درويش قد عاد إلى وطنه بعد هجرة طويلة ظل يغازل بشعره كل شجرة فلسطينية ويعيد لطفولته حرمانا ما كانت سنواته الست قادرة على استيعابه عندما غادر مهجرا من أرضه دون أن يعرف السبب سوى أنه ودع عصفورته وحمل رغيفا من خبز أمه وعانق شجرة زيتون كانت مغروسة مع أجداده، وقرر أن يكون من يومها منتميا إلى عشيرة جديدة سيخاطبهم كأقاربه مهما اختلفت الأنساب بينهم أنهم " العابرون " . ماذا سيحدث للقصيدة الفلسطينية بعد محمود درويش ؟
 
 هذا السؤال الذي ظل يتعايش معي كلما فتحت أحد دواوينه وتصفحت ما يكتب، وما ينشر،ولم يصل لذلك الرونق العجيب الذي أسسه محمود درويش للقضية وحولها إلى مغناة تصل إلى كل قلوب الدنيا حتى إلى المغتصبين ليخبرهم أن للقضية بكاءً وأن هناك دموع لا تستطيع الصراخ ، ولم يرها العالم لأنهم نسوا النظر إلى جفون المهجرات. كان محمود درويش لا يريد أن يحرك عواطفنا شعريا نحو فلسطين ولم يود أن يكتب قصيدة ثورية بل أراد أن يخرج الشعر من خطابه التقليدي ويزيح دموعه وهمه كي لا يخل بالشعر لأجل العاطفة فترك الشعر بفصاحته يعبر ويتكلم بانسجام تعبيري لم يوجد عند غيره ، ومع أن المئات حاولوا تقلديه إلا أنهم فشلوا باستنساخ هذه الحالة النادرة في الشعر العربي الحديث . هويته نبعت من شجر الزيتون الذي فارقه طفلا وعاد بعد عام ليسجل حكاية الزيتون المغتصب ويسجل أنه عريي عاش هنا وولد فلما يطرد نحو المجهول ،فلم يشتم أو يسب لأن هذا الذي يتدفق منه ليست خطابات أو أصوات الرصاص إنما شعرا . فقدم أوراق الزيتون في عام 1964 كمعنى تاريخي لشهادة ارض لا يمكن أن تكذب فيها الشجيرات عن حق العيش معها. كان درويش بأشعاره يسعى نحو أحقية السلام في أرض خرج منها الأنبياء وحاول دوما من مهجره أن يبقي الهوية الفلسطينية المتشتتة محافظا على جذورها التراثية المنسجمة مع تاريخ الأرض وهذا السؤال الشعري المخلد بالقصيدة لم يكن سطحيا بل واعيا لما يدور حوله مدركا انه أمام مستقبل ضياع مليء بالمعاناة فقد سجل بأول قصائده : بايعت أحزاني .... وصافحت التشرد والسغب غضب يدي غضب فمي ودماء اوردتي عصير من غضب يا قارئي لا ترج مني الهمس .... هذه الابيات حددت وعي درويش المبكر لما سيعايشه كفلسطيني مشرد قبل أن يكون شاعرا سوف يعيد زمن شعر إلى افقه وسيفتح سوق عكاظ جديد في كل زقاق المخيمات عله ببعض الكلمات الجميلة يشفع لأمه من غدر حزن أو صرخة محتل ويذكرها من بعيد بأنه يحن على خبزها والى قهوتها والى تلك الأرض التي شهدت صرخته الأولى في الحياة . مشوار طويل بين الهجرة والشعر بين الحب الحزين والمرآة المفجوعة وأحزان لا تسمح للحب أن يتسمر قليلا في قلوبنا وحصار يلاحقه من بيت إلى بيت أخرجه من فلسطين وحاصره في بيروت وأخرجه منها ووضعه في لندن لسنوات يكثر من محاولة نسيان وداعا يا فلسطين.... وداعا يا امي و وداعا يا لبنان وداعا أيتها الثورة .......ليقول قلبه في النهاية وداعا أيتها الحياة فلم أقدر على تحمل الوداع وطال الشوق لشجر الزيتون أشعاري وأكملوا رسالتي واتركوني أنام بين شجر الزيتون وكفننوني بأوراقها . عاد نزار قباني إلى ياسمين دمشق قبل ما يقارب العقد من الزمن وغادر ياسمين الشعر إلا أن النساء تحررن من سلطة أبي لهب ولم يعد التراب يدفنهن أحياء ومع مسيرة مشابهة لمحمود درويش تنتهي بين أشجار الزيتون فهل سنعود لنأكل خبز أمهاتنا فوق أراضينا .......... أرجوك أيها التاريخ لا تنسى أني عربي فسجل لدى مستقبلك هذا .. واستمع قليلا لدرويش وهو يخاطب الظل العالي في أروع ما قيل في قصة زيتون ودع أحبائه ........ المشوار لم ينتهي فهو ما يزال بينيا حتى لو غادر كفراشة بسلام حاملا معه إلى عالم آخر أوراق الزيتون وما كتب بعدها مما تركته الفراشة على أوراق زيتون فلسطين وياسمين دمشق وأرز لبنان وجبال عمان السبعة . _ shaheen78@yahoo.com Omar








طباعة
  • المشاهدات: 24764
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
16-08-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم