بقلم :

ذات يوم، وفي بلادٍ بعيدة، كنتُ مع واحدٍ من أصدقاءِ الغُربةِ نُكابدُ الشوقَ للأردن ونحاول تسلية النفس عن مواجع الغيابِ والبعد عن ترابِ الأردنِ الطهور بلعبِ الشطرنج. وفي إحدى الجولات، أحكم صديقي الحمايةَ حول ملِكه، فبذلتُ جهداً كبيراً - دون طائل-  في محاولةِ تهديده، وتهديدُ الملكِ في لعبة الشطرنج لمَنْ لا يعرفون،  يُسمى "كش ملك" أو  " Check mate  ". عندها لاحظ صديقي رغبتي في تهديد ملكه وعمل "كش ملك" لكنه نظر إليّ وأشار إلى ملكِه قائلاً لي بطريقة ما زلتُ أذكرها "هذا الملك لا يُمكن كَشّهُ" فضحكتُ مطولاً لفرادةِ وطرافةِ الجُملة التي قالها رغم ما فيها من ثقةٍ وقتلٍ للروح المعنوية عندي.

لا أدري لماذا خطرت على بالي الحادثة عندما فكّرت في الصفاقة الإسرائيلية تجاه الأردن وكيف يجبُ أن يكونَ عليه الردُ الأردني على تخرصات الصهاينة في نواياهم  الراميةِ إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن وفلسطين معاً ومناقشة إقتراح صهيوني يعتبر الأردنَ وطناً للفلسطينيين، فهل يتعين على الأردنِ الإكتفاء بإتخاذ الإجراءات المعروفة في عام الدبلوماسية والسياسة من إحتجاجٍ إلى أستدعاء السفير – وهو ما حصل فعلا- أو التصعيد أكثر وهو ما أراه ضرورياً لوضع حدٍ لغطرسةِ "إسرائيل" وتجاهلها "معاهدة السلام" التي أبرمناها معهم  - كُرهاً على كُره- على منذ أربعة عشر عاماً وأكثرْ.

لقد مارسَ الأردنُ ضبطاً كبيراً للنفس، ودبلوماسيّةً رفيعةَ المستوى والتهذيب في التعامل مع الصلف الإسرائيلي خلال سنوات ِالمعاهدةِ العِجاف،  واكتفى مؤخراً بإستدعاء سفير"إسرائيل" لإبلاغه احتجاجَ الأردنِ على الأفكارِ الخرقاء التي تدور في عقول متطرفيها وأروقة كنيستها، ولكن التحدي الصهيوني لوجودِ الأردن وأمنه وصل مداه،  ويتعينُ القيام بشيءٍ ما إزاء ذلك، فلا أقل من أن يُفكرَ الأردن في إستدعاء سفيره في "إسرائيل" للتشاور والتنسيق أو حتى منحة" إجازةً مفتوحةً يقضيها في ربوع الأردن العزيز، فهذا قد يكون إجراءً غيرَ مُكلفٍ للدولة، أو هو بطبيعةِ الحال أقل كُلفةٍ من أي إجراءٍ يتصلُ بسفير "إسرائيل" في عمّان سواء تمثلَ هذا الإجراء بإستدعائه وإبلاغه الإحتجاج أو بطرده أو "كَشّّهِ"  من دُرةِ التاج الهاشميّ  عمّان، لأنني صِرتُ أخشى أن هذا السفير – بالذات-  لا يُمكن كَشّْهُ، تماماً مثلَ ملكِ صديقي في لعبة الشطرنج تلك.

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا