حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,7 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3286

الفلسفة أم التَّفَلسُف .. بريق زائف أم وعد هادف؟

الفلسفة أم التَّفَلسُف .. بريق زائف أم وعد هادف؟

الفلسفة أم التَّفَلسُف ..  بريق زائف أم وعد هادف؟

07-12-2022 10:17 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم :
كنت قد تناولت في مقال سابق ما عرض لعودة تدريس مادّة الفلسفة في مرحلة التّعليم العامّ من عوَر واضطراب، وأنّها عودة حِييّة واهنة، لم تستند إلى إجراء علميّ أو دراسة موثّقة موجبة لعودتها، وقد فصّلت القول في ما دفّعني إلى ذلك القول الفصْل. وفي هذا المقال أتناول جانبًا من القول آخر. ولكن بداءة ذي بدْء أرنو إلى ألّا يعتقدَنَّ أحد أنّي ابن خلدون في مناهضتة الفلسفة، ولا أبو حامد الغزاليّ في جموحه تهافت الفلاسفة.
ولعلّه ليس من مُتَّفق القول ما يتردّد في أوساط ذوي العِلم أنّنا سندرِّس الفلسفة أو نعلِّمها، وفي الحقيقة لا أحد يستطيع أنْ يعلّم الفلسفة أو يدرّسها، إنمّا الذي يمكن تعليمه وتدريسه هو التفلسف لا الفلسفة؛ ذلك أنّ الفلسفة ما هي إلّا مجرّد فكر ذهنيّ قائمٍ على علم لم يكن واقعًا، أي ليس بعلم قائم بذاته ذي أطُر علميّة، فالفلسفة لا تربوا على أنْ تكون ممارسة فكريّة محضة، اللهمّ، إلّا أنْ نكون قد عنَّيْنا كَدّ الذهن بمسألة تاريخ الفلسفة لا الفلسفة ذاتها على حدّ رأي (كانت) الذي شقّ له (هيجل) عصا الطاعة فرآها علمًا يُدرّس. فَأَنَوَدُّ أنْ نخرّج فيلسوفًا أم سفسطائيًّا أم متكلّمًا ماهرًا في علم الكلام؟
ومن جهة أخرى، طال ما يتشدّق به المشتغلون في مجال الفلسفة بأنّها مِهاد الاستقرار ووَأْد الفتن، والمخلِّص من ويلات التطرُّف والعبثيّة، ومن ثمّ تهذيب النّفس وإصلاح ذات الحال وبَسْط الانقياد، وأنّها مفتاح الحضارة وسلّم النّهضة، وأنّها مرفأ كلّ سؤال، ومحقّق كلّ مآل، فنقول لأمثال هؤلاء متسائلين سؤال العارفين، والفلسفة بحثٌ وتساؤل:
ما تفسيركم لنشوء الحروب واندلاعها في البلاد الأوروبيّة ومنذ أيّام الأغريق في عهدها الأوّل، تلك الأيّام التي شهدت نشوء الفلسفة وازدهارها، وفي القارّات الأخرى التي لم تخلُ من بُؤَر الاحتراب؟
ما قولكم في بلاد الغرب مهْد الفلسفة وولّادة الفلاسفة، وهي تعاني فراغًا فكريًّا وصراعًا طائفيًّا مقيتًا، ومادّيًّا محضًا خالصًا ومفرَّغًا من القيم المثلى، وقيم الحقّ والخير والجمال؟
لماذا لم تهتدِ الميتافيزيقيّة الأفلاطونيّة وعقلانيّة الفلسفة الغربيّة وحكمتها الأوروبيّة إلى إيجاد مخارجَ آمنة للتناحُر الآيدولوجيّ البراجماتيّ أو الوجوديّ وغير ذلك من آيدولوجيّات آنيّة قاصرة الطّرف محدودة الأفق وضبابية التجلّيات.
... بل ما حال بعض دول الجوار حولنا في انكسارات الرّبيع العربيّ، وتناحر شعوبها ورُعاتها، وقد قطعت شوطًا في تدريس الفلسفة في مدارسها العامّة والخاصّة؟ ففي الشقيقة الجمهوريّة العربيّة السوريّة التي يتغنّى كثيرون في تصدُّرها عالم الفلسفة عربيًّا: ألَمْ يَرَوْا ما جرّت عليهم من دمار وويلات وفتن وتقهقر حضاريّ؟ أَلَمْ ينظروا حال جمهوريّة مصر العربيّة، وحال دول المغرب العربيّ (الجمهوريّة التونسيّة - مثالًا)؟ فأين هي الحكمة والعقلانيّة والعقليّة الفلسفيّة بعصاها السحريّة – على حدّ زعمهم - ذات الروافد الإبستمولوجيّة والفلسفيّة في الإدارة والتسييس؟
وأين الفضائل الأخلاقيّة وفضاء المبادئ وعالم المثل، بل أين ضمير الفلسفة وعقلنتها من اغتصاب الصهاينة المحتلّين أرضَ فلسطين وتشريد أهلها، وترويعهم والتنكيل بهم، من غير أدنى وجه حقّ؛ فهم لا يعرفون سوى التّلمود المتحجِّر بمنشاته وجماراته مصدرًا لأصولهم العنصريّة الرّذيلة المركوزة في جبلّتهم؟
وقبل ذلك كلّه: أتأمّل هؤلاء " المتفائلون" واقعَ مجتمعنا الأردنيّ بعد سطوع الفلسفة في مدارسنا وأفولها عنها: فقد درَّسنا الفلسفة وامتنعنا عنها من قبلُ ومن بعدُ، فما التغيُّر الذي طرأ؟ أو على أقلّ تقدير: أُكنّا أصحاب فكر ظلاميّ، فجاءت الفلسفة فهذّْبَته ورَدّت الحقوق إلى أهليها، حتّى عاش الناس في رخاء ونعيم؟ ثمّ بعد أنْ غابت غاب معها السلام وأظلم الليل وادلهمّ الخَطْب؟ أمّ أنّنا كنّا نهيم في بحر لجيّ من الرجعيّة ثمّ عَلَوْنا بساطَ الرّيح فارتقينا سطح المريخ، وما فتئنا أنْ هبطنا منه تارة أخرى هبوط آدم وحواء من رياض الجنّة.
ما لكم كيف تحكمون؟ أليس منكم رجل رشيد؟؟!!








طباعة
  • المشاهدات: 3286
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
07-12-2022 10:17 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم