هل الإرث الجيني قدر مقدّر لا مفرّ منه ؟

18-09-2020 04:20 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : هويدا ناصيف
قبل البدء بالحديث عن الجينات والوراثة سنعرف بشكل ملخص ما هو ال DNAوال RNA او الحمض النووي ؟

يوجد الحمض النووي في نواة الخلايا الحية، حيث يأخذ شكل سلم لولبي مزدوج مكون من شريطين، مشكلا الكروموسومات التي تحمل الصفات الجسمية والخَلقية للكائنات الحية. وتضم الكروموسومات ما يسمى "الجينات" التي يحمل كل واحد أو مجموعة منها معلومات وراثية محددة.

الأحماض النووية جزيئات مسؤولة عن تخزين وترجمة المعلومات الوراثية في الكائنات الحية. ويوجد منها نوعان: الحمض النووي الرايبوزي المنقوص الأكسجين (دي أن أي DNA)، والحمض النووي الرايبوزي (آر أن أي RNA). ويسمى الحمض النووي أيضا "المادة الوراثية".

هل مصيرنا الجيني وُشم أبدي؟

إن مصيرنا الجيني ليس بالضرورة منقوشاً على جباهنا ؛ يمكن أن يتأثر بعدة عوامل ، مثل العوامل الاجتماعية ، وكذلك التأثيرات البيئية التي نعيش فيها ، بما في ذلك أي شيء من الضوء ودرجة الحرارة إلى التعرض للمواد الكيميائية. يمكن أن تؤدي البيئة التي ينشأ فيها الشخص إلى التعبير عن السلوك الذي يكون الشخص مهيأ له وراثيًا ، بينما قد يُظهر نفس الشخص الذي نشأ في بيئة مختلفة سلوكًا مختلفًا.

هل الجينات أم البيئة تتحكم بسلوكيات الانسان ؟

دارت مناقشات طويلة الأمد حول فكرة العامل الأكثر أهمية ، الجينات أو البيئة. هل الشخص مقدر له أن يكون له نتيجة معينة في الحياة بسبب تركيبته الجينية ، أو هل يمكن للبيئة (والأشخاص الموجودين فيها) العمل لتغيير ما يمكن اعتباره جينات "سيئة"؟ اليوم ، من المتفق عليه عمومًا أنه لا الجينات ولا البيئة تعمل بمفردها ؛ بدلاً من ذلك ، يعمل الاثنان جنبًا إلى جنب لإنشاء الأشخاص الذين نصبح عليهم في النهاية.

ثبت أن العناصر البيئية مثل الضوء ودرجة الحرارة تحدث تغييرات معينة في التعبير الجيني ؛ بالإضافة إلى ذلك ، يمكن أن يؤثر التعرض للعقاقير والمواد الكيميائية بشكل كبير على كيفية التعبير عن الجينات. غالبًا ما يرث الأشخاص الحساسية لتأثيرات عوامل الخطر البيئية المختلفة ، وقد يتأثر الأفراد المختلفون بشكل مختلف بالتعرض لنفس البيئة بطرق مهمة طبيًا. على سبيل المثال ، يكون للتعرض لأشعة الشمس تأثير أقوى بكثير على مخاطر الإصابة بسرطان الجلد لدى البشر ذوي البشرة الفاتحة مقارنةً بالأفراد ذوي الميل الوراثي للحصول على بشرة داكنة. لون بشرة الشخص وراثي إلى حد كبير ، لكن تأثير البيئة سيؤثر على هذه الجينات بطرق مختلفة.

يمكن تفسير الارتباطات بين الجينات والبيئة ، والمعروفة باسم RGE ، بثلاث طرق محددة - سلبية أو مثيرة أو نشطة.

كيف تظهر الارتباطات السلبية بين الجينات والبيئة؟

في الارتباط السلبي بين البيئة الجينية ، يوجد ارتباط بين التركيب الجيني للشخص والبيئة التي نشأ فيها. بعبارة أخرى ، يتم تحديد بيئة الشخص ، لا سيما في حالة الأطفال ، إلى حد كبير من خلال الخصائص الجينية للوالد. يخلق الآباء بيئة منزلية تتأثر بخصائصهم الوراثية. عندما يؤثر النمط الجيني للأطفال على سلوكهم أو نتائجهم المعرفية ، يمكن أن تكون النتيجة علاقة مضللة بين البيئة والنتيجة. على سبيل المثال ، من المرجح أن يخلق الوالد الذكي بيئة منزلية غنية بالمواد والخبرات التعليمية. نظرًا لأن الذكاء متوارث بشكل معتدل ، يمكن القول أن الذكاء لدى الطفل موروث وليس عاملاً من عوامل البيئة المنزلية التي أنشأها الوالدان. من غير الواضح نسبيًا ما إذا كانت العوامل الجينية أو البيئية لها علاقة أكبر بنمو الطفل.

ما هي الارتباطات الاستفزازية بين الجينات والبيئة؟

يحدث الارتباط الاستفزازي بين البيئة والجينات عندما يثير سلوك الفرد (الموروث) استجابة بيئية. على سبيل المثال ، قد يعكس الارتباط بين الصراع الزوجي والاكتئاب التوترات التي تنشأ عند التعامل مع الزوج المكتئب بدلاً من التأثير السببي للنزاع الزوجي على خطر الإصابة بالاكتئاب.

كيف تترجم الارتباطات النشطة بين الجينات والبيئة؟

في الارتباط النشط بين البيئة والجينات، قد يؤدي التركيب الجيني للشخص إلى اختيار بيئات معينة. على سبيل المثال ، من المرجح أن يختار الشخص الخجول أنشطة هادئة وبيئات أقل صخبًا من الشخص المنفتح. من المرجح أن يقضي وقتًا في المكتبة أكثر منه في نادٍ للرقص.

هل يؤثر السلوك على الجينات العكس صحيح؟

إن تأثير الجينات على السلوك راسخ في المجتمع العلمي. إلى حد كبير ، من نحن وكيف نتصرف هو نتيجة لتركيبنا الجيني. في حين أن الجينات لا تحدد السلوك ، إلا أنها تلعب دورًا كبيرًا في ما نقوم به ولماذا نقوم به.

إضافة الى ذلك يمكن أن يؤثر السلوك على التعبير الجيني لدى البشر والحيوانات عن طريق التنشيط او عدمه . يمكن أن يكون للسلوك تأثير على التركيب الجيني ، حتى في وقت مبكر مثل فترة ما قبل الولادة. من المهم أن نفهم آثار السلوك على التركيب الجيني من أجل تقليل التأثيرات البيئية والسلوكية السلبية على الجينات.

كيف نُعرِّف علم الوراثة السلوكية؟

علم الوراثة السلوكية يدرس وراثة الصفات السلوكية ، ويتداخل مع علم الوراثة وعلم النفس وعلم السلوك (الدراسة العلمية لسلوك الإنسان والحيوان). يلعب علم الوراثة دورًا كبيرًا في وقت وكيفية حدوث التعلم والنمو والتطور. على سبيل المثال ، على الرغم من أن البيئة لها تأثير على سلوك النطق للرضع والأطفال الصغار ، فإن الأطفال غير قادرين على النطق على الإطلاق قبل سن محدد مسبقًا بواسطة جينومهم. ومع ذلك ، في حين أن التركيب الجيني للطفل يحدد النطاق العمري للوقت الذي سيبدأ فيه النطق ، فإن التأثيرات البيئية تحدد كيف سيحدث الحدث في وقت مبكر أو متأخر ضمن هذا النطاق.

يمكن التلاعب بالجينات عن طريق التربية الانتقائية ، والتي يمكن أن يكون لها تأثير هائل على السلوك. على سبيل المثال ، يتم تربية بعض الكلاب خصيصًا لتكون مطيعة ، مثل المستردون الذهبيون ؛ يتم تربية البعض الآخر ليكون وقائيًا ، مثل كلب الراعي الألماني.

الارتباطات بين الجينات والبيئة: الطبيعة أم التنشئة؟

تتمتع فحوصات EEG و PET بالقدرة على الإظهار لعلماء النفس كيف تؤدي بعض السلوكيات إلى ردود فعل في الدماغ. وقد أدى ذلك إلى اكتشاف جينات معينة ، مثل تلك التي تؤثر على سلوكيات الإدمان. لقد ثبت أن مجموعة متنوعة من السلوكيات تؤثر على التعبير الجيني ، بما في ذلك - على سبيل المثال لا الحصر - تعاطي المخدرات ، والتعرض للعناصر ، والعادات الغذائية.
ويمكن أن يتأثر التعبير الجيني بعوامل اجتماعية مختلفة ، فضلاً عن العوامل البيئية ، من الضوء ودرجة الحرارة إلى التعرض للمواد الكيميائية.

بالنهاية الانسان وسلوكه وشخصيته وذكائه وتصرفاته هم نتاج تفاعل جيني سلوكي تحت تأثير طبيعة محيطة وبيئة نشأ فيها و أفراد يحيطون به ويؤثرون عليه سلباً أم إيجاباً .