10-06-2020 06:15 PM
بقلم : المستشار القانوني رايق عياد المجالي
لقد كانت قناعتي دائما فيما يتعلق بتغيير الحكومات أو بحل مجلس النواب أو الدعوة للإنتخابات أو تأجيلها وبما أنها صلاحيات للملك بأن الإنشغال أو الإنهماك بالتكهن ونسج التوقعات التي تتحول إلى إشاعات وأحاديث تبدو كأنها تسريبات أو معلومات من مصادر موثوقة هو نوع من العبث وإضاعة الوقت وهو جهد ذهني لا داعي له وذلك للأسباب التالية :
أولا : إن القرارات التي يتكهن البعض بها هي صلاحيات دستورية للملك وتخضع أيضا لإجراءات دستورية وقانونية وتأتي ضمن سياق عام سياسي وإقتصادي وأمني أحيانا وتخضع لمعطيات وظروف داخلية وخارجية ,مما يعني أنها ليست قرارات مزاجية أو ترتبط بالمزاج العام للشارع الأردني ولا تحاكي الرأي العام الذي يتكون لدى الشعب والذي تساهم في تكوينه جهات ليست على إطلاع كامل على كل المعطيات والحقائق داخليا وخارجيا .
ثانيا : إن تشكيل الحكومات عبر التعيين أو تشكيل مجالس النواب عبر الإنتخابات تخضع لإستحقاقات دستورية وقانونية كما تخضع لإستحقاقات سياسية وإقتصادية وتلك الإستحقاقات هي ما تكون بحسبان القيادة العليا في الدولة وهي التي تتشكل على أساسها قناعات رأس السلطات وهي التي تحدد سياسات النظام .
ثالثا : من المعروف أنه لكل سياسات محددات وتنفذ تلك السياسات بموجب قرارات على صعيد القيادة العليا على شكل إرادات ملكية بالموافقة على تنسيبات مجلس وزراء ولكل قرار أيضا قنواته وإجراءاته القانونية والدستورية وبما أن جلالة الملك هو الضامن للدستور الأردني فإن قراراته هي الأكثر إلتزاما بالدستور وبالإجراءات والقنوات والأحرص على مواكبة المتغيرات والأخذ بالمحددات وتنفيذ الإستحقاقات الدستورية والسياسية .
رابعا : إن جلالة الملك المعظم ومنذ جلوسه على العرش والذي يصادف يوم أمس ذكراها الواحد والعشرون قد إنتهج سياسة راسخة في قيادة الوطن جوهرها سيادة القانون وقد عبرت مسيرة حكمه -حفظه الله - على مدى عقدين دائما بالفعل والقول عن إيمانه بهذا المبدأ بدليل تضمينه لمحتوى الورقة النقاشية السادسة من أراق جلالته النقاشية ولم ينفك يؤكد على هذا المبدأ في كل تكليف لحكومة وكل خطاب أو حديث يطل فيه على الشعب والحكومة والعالم وفي كل المحافل الدولية .
لذلك وإستنادا لما سبق ذكره وشرحه وعلى ضوء المعطيات الداخلية والخارجية الحالية وعلى رأسها ما يمر به العالم والوطن من ظروف إستثنائية بسبب جائحة الكورونا فإنني أتكهن بأنه لا رحيل لهذه الحكومة هذه الآونة وكذلك لا حل لمجلس النواب للأسباب والمعطيات التالية :
1- لغايات إستكمال الخطط الذي وضعت لمجابهة الوباء وما نتج عنه من آثار على المستوى الإقتصادي ولكون الملف الصحي وسلامة الوطن والمواطن تتقدم في هذه الظروف على أي ملف ولكون إستحقاق حماية الوطن من هذه الجائحة مقدم على أي إستحقاق آخر ولكون مثل الإستحقاق الدستوري لإجراء الإنتخابات البرلمانية محكوم أيضا بمحدادات ومعطيات قد لا يستقيم في ظلها ومعها إجراء الإنتخابات في موعدها الدستوري .
2- حيث أنه لا رحيل لهذه الحكومة كما ذكرت فإن مجلس النواب باق كإستحقاق دستوري وتماشيا مع النص الدستوري الذي يوجب رحيل الحكومة مقترنا بحل مجلس النواب لأن الإرادة الملكية تأتي بالموافقة على تنسيب مجلس الوزراء بالحل محكومة بالنص الدستوري الذي يقول بوجوب رحيل الحكومة التي تنسب بحل مجلس النواب .
3- فيما يتعلق بالإستحقاق الإنتخابي فللملك وفقا للدستور الحق في التمديد لمجلس النواب لمدة لا تزيد عن سنتين لمقتضيات المصلحة العليا للدولة وقد جاء هذا النص على هذه الصلاحية في نفس المادة التي تتحدث عن مدة مجلس النواب الدستورية ودون تقييد لهذا الخيار أو القرار أو ممارسة جلالة الملك لهذه الصلاحية بأي شرط أو قيد بل ربطت بمقتضيات الصالح العام والمصلحة العليا للدولة والتي ((تقدرها القيادة العليا للدولة المتمثلة برأس السلطات )).
وعليه فإنني أتكهن سندا للدستور والقانون وللسياق العام وحسب الظروف والمعطيات الماثلة بأنه لا رحيل لهذه الحكومة ولا رحيل لمجلس النواب قبل نهاية هذا العام وقبل أن تتضح ملامح وإتجاه الحرب مع هذا الوباء وتنجلي الضبابية التي أصبحت تلف العلم أجمع في جميع الملفات دوليا وإقليميا ومحليا .
والله أعلم ...؟؟؟