11-06-2016 01:34 PM
سرايا - سرايا -كشف المرصد العمالي ان إحصائية اظهرت أن عمالة الأطفال على دراسة مسحية اجرتها منظمة العمل الدولية تفيد أن عمالة الأطفال في الأردن وصلت الى ما يقارب 100 الف طفل،
في عام 2009 تراوحت ما بين 36-40 الف طفل.
واضاف في تقرير بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال والذي يصادف في الثاني عشر من حزيران من كل عام مناسبة وفرصة للوقوف على حالة عمالة الأطفال في الأردن، وفرصة لمراجعة السياسات ذات العلاقة اليوم العالمي للاطفال انه لرغم من النصوص الواضحة في التشريعات الأردنية التي تحظر تشغيل الأطفال الذي لم يكملوا سن 16 عاما، وعدم تشغيل الأطفال ما بين سن 16-18 عاما في الأعمال الخطرة، الا أن الواقع أقوى من مختلف هذه التشريعات والسياسات. فأعداد الأطفال المنتشرين بكثرة في سوق العمل الأردني كفيل بإعطاء صورة أكثر واقعية من المؤشرات الاحصائية الرسمية وغير الرسمية التي يتم تداولها بين المعنيين من صناع السياسات والباحثين والمختصين والمؤسسات الرسمية والدولية.
والرقم الذي يتم الحديث عنه (33) الف طفل تم تطويره في عام 2006 لم يعد له علاقة بالواقع، ويمكن تفسير الارتفاعات المتتالية في عمالة الأطفال في الأردن الى عدة أسباب منها عوامل داخلية مرتبطة ببنية وطبيعة الواقع الاجتماعي والاقتصادي في الأردن، وأسباب خارجية مرتبطة بوجود مئات آلاف اللاجئيين السوريين خلال السنوات القليلة الماضية.
حيث تفاقم التفاوت الاجتماعي وعدم المساواة، وضعف مؤشرات العدالة الاجتماعية، والتي نجمت بشكل أساسي عن تنفيذ سياسات اقتصادية لا تأخذ بعين الاعتبار النتائج والآثار الاجتماعية لهذه السياسات، والتي تركزت خلال العقود الماضية على تحرير الاقتصاد الوطني، والامعان بتنفيذ سياسات مالية تقشفية متنوعة.
والذي أدى على أرض الواقع الى تراجع المستويات المعيشية لقطاعات كبيرة من الأسر الأردنية والتي برزت مؤشراتها بشكل واضح في ازدياد رقعة الفقراء، فالمؤشرات الرسمية ذات العلاقة تفيد الى أن نسبة الفقر في الأردن ارتفع من 13.3% عام 2008 الى 14.4% عام 2010، واقترابها من 20% في عام 2014، (نتائج لم تعلن من قبل الحكومة)، ناهيك عن نسبة "الفقراء العابرين" الذين عاشوا الفقر ثلاثة اشهر على الأقل في السنة، وهم الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى، والتي تشير أرقام البنك الدولي الحديثة أن نسبتهم تقارب 18.6% من المجتمع. وللأسف لا يوجد مؤشرات حديثة ونحن الان في منتصف عام 2015 توضح مستويات الفقر في الأردن. والأطفال العاملين عادة ما يكونوا من أسرة فقيرة، تضطر لدفع أبنائها الى سوق العمل للمساهمة في توفير دخل للأسرة، و/أو غير قادرة على الاستمرار في الانفاق على اطفالها في المدارس.
ونظرة سريعة على بعض المؤشرات الاجتماعية ذات العلاقة، توضح بما لا يدع مجال للشك أن مستويات الفقر وشروط الحياة في الوقت الحالي ضعيفة، اذ أن ما يقارب 75 بالمائة من الأردنيين العاملين يحصلون على رواتب شهرية تبلغ 500 دينار اردني فما دون، ويبدو واضحا أن مستويات الاجور المنخفضة في الأردن تلعب دورا اساسيا في زيادة عدد الأطفال العاملين. يضاف الى ذلك استمرار معدلات البطالة عند مستوياتها المرتفعة، والتي وصلت في الربع الأول من العام الجاري 2016 الى 14.6%. يضاف الى ذلك ارتفاع معدلات التسرب من المدارس في المرحلة الأساسية، والتي تقارب (0.5%) سنويا، وفي العديد من المناطق تزيد عن 1.%، والذي يعود للعديد من الأسباب، ويساهم ذلك في انخراط الأطفال في سوق العمل.
أما تأثيرات اللجوء السوري على زيادة عمالة الأطفال، فقد لعبت دورا اساسيا في مضاعفة أرقام عمالة الأطفال، بسبب ضعف الخدمات الأساسية التي تقدمها المنظمات الدولية ذات العلاقة للاجئين السوريين، بحيث لا تكفي المساعدات التي تقدمها لهم هذه المنظمات بمستويات مقبولة من شروط الحياة اللائقة، الأمر الذي يدفع هذه الأسر الى تشجيع أطفالها للانخراط بسوق العمل. ومع ازدياد تدفق اللاجئين السوريين الى الأردن خلال السنوات الماضية، تفاقمت هذه المشكلة بشكل ملموس، حيث أصبح واضحا للعيان كثافة تواجد الأطفال السوريين في سوق العمل الأردني وفي أعمال مختلفة، وخاصة في المناطق التي يتكثف فيه وجود اللاجئين، في مناطق شمال الأردن، وبدرجات أقل في مناطق الوسط. .
وتفيد القراءات التي طورها فريق المرصد العمالي في مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، في ضوء متابعته لسوق العمل، أن عمالة الأطفال الأردنية والسورية تتكثف بين الذكور وفي القطاع غير المنظم، حيث هنالك أعداد كبيرة يعملون كبائعين في الشوارع وعلى الإشارات الضوئية وفي العديد من الحرف مثل النجارة والحدادة وتصليح المركبات وأعمال الدهان وتنظيف السيارات والمطاعم والمخابز، الى جانب العديد من القطاعات الأخرى.
آثار شخصية ومجتمعية سلبية
يتعرض الأطفال العاملون للعديد من المخاطر أثناء عملهم وأبرزها الضرر من الآلات الثقيلة والأصوات العالية والإضاءة الضعيفة والتعرض للمواد الكيميائية، ولإصابات عمل بحكم عدم موائمة قدراتهم الجسمانية وطبيعة الأعمال التي يقومون بها. هذا بالإضافة إلى أن غالبيتهم يعملون بأجور متدنية جدا، وبساعات عمل طويلة تصل في الكثير من الأحيان الى (10) ساعات يوميا، ناهيك عن سوء المعاملة والاهانات النفسية والجسدية التي يتعرضون لها أثناء عملهم، وفي العديد من الحالات الى اعتداءات جنسية. ويعاني الأطفال العاملين من مشكلات واضطرابات نفسية واجتماعية وجسمية.
كذلك فإن العاملين منهم في المهن الصعبة يتعرضون للعديد من اصابات العمل التي يمكن أن تسبب لهم بعض الإعاقات. وغالبا ما تترك الأعمال التي يمارس فيها سلوكيات استغلالية نفسية وجسدية إلى زرع الإحساس بالدونية والظلم، الأمر الذي يدفع العديد من الأطفال إلى الانحراف والتمرد على معايير وقيم المجتمع. هذا إلى جانب ارتفاع نسب العمالة غير الماهرة في سوق العمل بسبب عدم خضوعهم للتدريب الممنهج، الأمر الذي يجعل إنتاجيتهم متدنية.
التوصيات
هنالك ضرورة ملحة لاعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي تم تطبيقها في الأردن خلال العقود الماضية وما زالت تطبق، وهي التي أدت الى زيادة معدلات الفقر، إذ أن أغلبية الأطفال العاملين ينتمون الى أسر فقيرة، تدفعهم حاجتهم لإخراج أطفالهم من مقاعد الدراسة، أو التساهل في تسربهم من المدارس بهدف المساهمة في توفير مداخيل اضافية تساعد هذ الأسر على تلبية حاجاتها الأساسية.
هذا الى جانب تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه اللاجئين السوريين، للحؤول دون اضطرارهم لدفع أطفالهم الى سوق العمل لمساعدة اسرهم في تغطية نفقاتهم الأساسية.
تفعيل سياسات مكافحة الفقر الذي يشكل السبب الرئيسي لهذه المشكلة، وتطوير شبكة حماية اجتماعية عادلة توفر الحياة الكريمة للفقراء بمختلف أنواعهم. واعادة النظر بسياسات الأجور باتجاه رفعها بما يتوائم مع مستويات الأسعار المرتفعة في الأردن.
تطوير العملية التربوية والتعليمية خلال المرحلة الأساسية للحد من عمليات تسرب الأطفال من مدارسهم.
تشديد الرقابة من قبل المؤسسات الرسمية على الأماكن التي تتركز فيها عمالة الأطفال، والعمل على تطبيق القوانين التي تحظر عمل الأطفال، ووضع عقوبات رادعة لحق المخالفين وعدم الاكتفاء بدفع غرامات بسيطة، هذا إلى جانب تفعيل الحملات التوعوية حول الآثار السلبية الناتجة عن عمل الأطفال في المدارس والأسر.
ضرورة تطوير قاعدة بيانات دقيقة يتم تحديثها دوريا لعمالة الأطفال في الأردن.