حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,15 ديسمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6686

د. زياد الحنفي يكتب: (الدراية الإعلامية في عصر التحول الرقمي .. وعيٌ يحمي العقول قبل أن يواكب التقنية)

د. زياد الحنفي يكتب: (الدراية الإعلامية في عصر التحول الرقمي .. وعيٌ يحمي العقول قبل أن يواكب التقنية)

د. زياد الحنفي يكتب: (الدراية الإعلامية في عصر التحول الرقمي ..  وعيٌ يحمي العقول قبل أن يواكب التقنية)

15-12-2025 11:51 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. زياد جلال الحنفي
لم يعد التحدي الأكبر في عصر التحول الرقمي هو الوصول إلى المعلومة، بل القدرة على فهمها، وتمييزها، وتفسيرها، والتعامل معها بوعي. ففي عالم تتدفق فيه الأخبار بلا توقف، وتتداخل فيه الحقيقة مع الرأي، والمعلومة مع التضليل، باتت الدراية الإعلامية إحدى أهم أدوات حماية المجتمعات، لا تقل أهمية عن أي بنية تحتية رقمية أو تشريع تقني.

لقد غيّر التحول الرقمي قواعد اللعبة الإعلامية بالكامل. لم تعد وسائل الإعلام حكرًا على المؤسسات الكبرى، ولم يعد الجمهور متلقيًا سلبيًا للمحتوى، بل أصبح كل فرد يمتلك هاتفًا ذكيًا قادرًا على أن يكون ناقلًا للمعلومة، أو صانعًا للرأي، أو دون أن يدرك أداة لنشر محتوى مضلل. هنا، تبرز الدراية الإعلامية بوصفها خط الدفاع الأول في مواجهة الفوضى المعلوماتية.

الدراية الإعلامية لا تعني فقط معرفة استخدام المنصات الرقمية، بل تعني امتلاك القدرة على التفكير النقدي:
أن يسأل الفرد عن مصدر الخبر، ونيّة الناشر، وسياق المعلومة، وأثرها المحتمل. إنها مهارة عقلية قبل أن تكون تقنية، وسلوك ثقافي قبل أن تكون مادة تعليمية. وفي غياب هذا الوعي، تتحول المنصات الرقمية من مساحة للتواصل والمعرفة إلى بيئة خصبة للشائعات، والتحريض، وتشويه الوعي العام.
وفي المجتمعات التي تشهد تحولات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، تزداد خطورة ضعف الدراية الإعلامية. فالمعلومة المضللة قد تُربك الرأي العام، وتخلق انقسامًا، وتُضعف الثقة بالمؤسسات، وتؤثر في السلم المجتمعي. ومن هنا، تصبح الدراية الإعلامية جزءًا من الأمن المجتمعي والفكري، وليست مجرد مهارة اختيارية.
الشباب، بوصفهم الفئة الأكثر حضورًا في الفضاء الرقمي، يقفون في قلب هذا التحدي. فهم الأكثر تفاعلًا، والأسرع انتشارًا للمحتوى، والأكثر تأثرًا بما يُنشر. ومع ذلك، فإنهم في الوقت ذاته الأكثر قدرة على التحول إلى قوة إيجابية إذا ما امتلكوا أدوات الوعي الإعلامي. فالشاب الواعي رقميًا لا يكتفي بإعادة النشر، بل يُحلل، ويُدقق، ويدرك مسؤوليته تجاه مجتمعه.
من جهة أخرى، تتحمل المؤسسات التعليمية والإعلامية مسؤولية كبرى في ترسيخ ثقافة الدراية الإعلامية. فإدماج هذا المفهوم في المناهج، وتدريب المعلمين، ورفع كفاءة الإعلاميين، وبناء حملات توعوية مستمرة، كلها خطوات أساسية لمواكبة العصر الرقمي. فالمعركة اليوم ليست على سرعة النشر، بل على جودة الوعي.
إن التحول الرقمي الحقيقي لا يُقاس بعدد التطبيقات أو المنصات، بل بقدرة المجتمع على استخدامها بوعي ومسؤولية. والدراية الإعلامية هي الجسر الذي يربط بين التقنية والإنسان، وبين المعلومة والحكمة، وبين حرية التعبير وحماية الحقيقة.
وفي زمن أصبحت فيه المعلومة قوة، يصبح الوعي بها ضرورة. فالمجتمعات التي تستثمر في الدراية الإعلامية، لا تحمي عقول أفرادها فحسب، بل تبني مستقبلًا أكثر توازنًا، وأكثر قدرة على مواجهة تحديات عصر رقمي لا يتوقف عن التغيّر.











طباعة
  • المشاهدات: 6686
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
15-12-2025 11:51 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تجر فرنسا وبريطانيا وألمانيا أوروبا لحرب مع روسيا رغم خطة ترامب لحل النزاع بأوكرانيا؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم