07-12-2025 11:10 AM
بقلم : د. سالم نايف الكركي
تزدحم الشاشات بين الحين والآخر بوجوهٍ يعرفها الأردنيون جيدًا وجوهٍ شغلت مواقع القرار لسنوات طويلة، ثم غادرتها دون أن تترك أثرًا يوازي حجم الثقة التي مُنحت لها ومع ذلك، تعود اليوم لتقدّم نفسها “كخبراء” في الإدارة والإصلاح، وتقدّم رؤى كان الأولى بها أن ترى النور يوم كانت السلطة بأيديهم، ويوم كانت القدرة على الإنجاز ملكًا لهم، لا بعد أن غادروا مواقعهم واكتفوا بالحديث عمّا كان ينبغي أن يتحقّق ولم يتحقّق.
لقد استمع الأردنيون طويلًا إلى الشعارات ذاتها التي لم تُترجم إلى إنجاز فلم يشهد المواطن إصلاحًا حقيقيًا، ولا تقدّمًا ملموسًا، ولا أثرًا مستدامًا يبرّر حجم الخطابات التي تُعاد وتُكرّر الآن والمفارقة أن بعض هؤلاء يتحدثون اليوم بثقة لافتة، وكأن الذاكرة الوطنية قصيرة، وكأن الذاكرة الوطنية تُغفل ما عجزوا عنه يوم كانت السلطة بأيديهم.
اليوم، يكشف المشهد جانبًا دقيقًا من حضور المسؤولين السابقين؛ فبعضهم عاد ليظهر بمظهر الخبير الذي يمتلك الإجابات لكل الأسئلة، يتحدث بثقة ويحلّل الملفات الكبرى، وكأن السنوات التي قضاها في المنصب لم تكن كافية لطرح هذه الرؤى أو تحويلها إلى قرارات.
وفي الجهة الأخرى، يقف من جعل النقد المتأخر منهجًا يوميًا، يعلّق على كل خطوة ويتساءل عن كل قرار، وكأن توجيه الملاحظات الآن يمكن أن يُعيد ما فاته حين كانت المسؤولية بين يديه وكان الفعل ممكنًا وواجبًا.
والحقيقة أن كلا الاتجاهين يلتقيان في نقطة واحدة تجاوز لحظة الحقيقة التي كان فيها القرار مسؤولية وليست رأيًا، وكان فيها التنفيذ واجبًا لا خيارًا. فالكلام اليوم مهما بدا واثقًا أو مبنيًا على خبرة لا يملك قيمة قرار واحد لم يُتخذ في وقته، ولا يعوّض غياب خطوة حاسمة كان يمكن أن تصنع فارقًا للوطن والمواطن.
ويعرف الجميع أن جلالة الملك، عبر مراحل متعددة، منح مسؤولين كثرًا مساحة واسعة لاتخاذ قرارات جريئة وحاسمة. لكن بعضهم فضّل الحذر على الجرأة، والمكانة على المبدأ، والظهور على الإنجاز. وعندما تُقدَّم الحسابات الشخصية على مصالح الوطن، تضيع الفرص وتتعثر مسارات الإصلاح.
إن الأردن اليوم أكبر من أن يُعاد إلى الخلف، وأكبر من أن تُثقل مسيرته بخطابات استهلكها الزمن. فالمرحلة تتطلب وعيًا جديدًا، ودماءً شابة، وشجاعة لا تتردد أمام لحظة الحقيقة.
أما من عاد اليوم ليعلّمنا كيف تُدار الدولة وتُبنى المؤسسات، فليتذكّر حقيقة واحدة لا تقبل الجدال لو كان في جعبتكم خير حقيقي للوطن، لأثبتُّم ذلك وأنتم في مواقعكم حين كانت القدرة والمسؤولية بيدكم أما اليوم… فالكلام أصبح بلا وزن، ولا يغيّر شيئًا من واقع لم تُنجزوه حين كان بوسعكم.
حفظ الله الأردن وشعبه وقيادته الهاشمية
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-12-2025 11:10 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||