04-12-2025 10:47 AM
بقلم : د. زياد جلال الحنفي
في زمن تتسارع فيه التحولات التقنية وتتغير فيه طرق التواصل بين الفرد ومؤسسات الدولة، لم يعد التحول الرقمي مجرد خطوة إدارية، بل أصبح جزءاً من بنية العلاقة الحديثة بين المواطن ووطنه. ومع توسّع الخدمات الإلكترونية واعتماد الهوية الرقمية في معظم المعاملات اليومية، ظهر مفهوم الثقة الرقمية بوصفه الركيزة الأهم لأي تجربة رقمية ناجحة. هذه الثقة لا تُبنى من طرف واحد، بل تنشأ من تفاعل مسؤول بين الدولة والمواطن، حيث يتحمل كل منهما دوراً أساسياً في حماية هذا الفضاء الجديد.
تبدأ مسؤولية الدولة من لحظة تصميم البنية الرقمية التي تضمن للمواطن خدمات آمنة وسريعة وشفافة، وتحوّل المعاملات التقليدية إلى تجربة رقمية مريحة تُشعره بأن الدولة قريبة منه حتى دون أن يخطو خارج منزله. فكلما كانت التشريعات واضحة، والأنظمة آمنة، والبيانات محمية، شعر المواطن بأن وجوده الرقمي مؤمّن ومصان، وبأن الدولة تحترم خصوصيته وحقوقه كما لو كانت تحترم وثائقه الورقية التقليدية.
في المقابل، يساهم المواطن بدور لا يقل أهمية. فالثقة الرقمية لا تكتمل دون وعي يضمن استخداماً آمناً للتقنيات، وحفاظاً على الخصوصية، واحتراماً للضوابط التي وضعتها الدولة. إن التزامه بالسلوك الرقمي المسؤول، وتفاعله الإيجابي مع المنصات الحكومية، يجعله شريكاً فعلياً في بناء فضاء رقمي ناضج يعبر عن قيم المجتمع ويعكس حضارته.
وحين تتكامل جهود الطرفين، تتحول الهوية الرقمية من مجرد وسيلة تقنية إلى امتداد حقيقي للهوية الوطنية، ويصبح الفضاء الرقمي جزءاً من المجال العام الذي يتفاعل فيه المواطن مع دولته بثقة وسلاسة. وبذلك تُعاد صياغة علاقة المواطن بالمؤسسات في زمن التكنولوجيا، ليس كطرف متلقٍ للخدمة فقط، بل كشريك في بناء المستقبل الرقمي للوطن.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-12-2025 10:47 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||