حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,27 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 7227

ماجد الفاعوري يكتب: وصفي التل… حين يتقد اسم الوطن في رجل

ماجد الفاعوري يكتب: وصفي التل… حين يتقد اسم الوطن في رجل

ماجد الفاعوري يكتب: وصفي التل… حين يتقد اسم الوطن في رجل

27-11-2025 02:39 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : ماجد الفاعوري
ليس في تاريخ هذا الوطن اسم يشعل الذاكرة كما يشعلها اسم وصفي التل ذلك الفارس الذي لم يأت من رغوة الكلام ولا من رخام المناصب بل خرج من صلصال الأرض من تراب القرى وعرق الفلاحين وحجارة السهول فصار هوية تمشي على قدمين وشهادة ميلاد لزمن أردني لا يساوم على كرامته ولا يفاوض على شرفه كان وصفي إذا وقف وقف معه الوطن وإذا تكلم احمرّ وجه الحقيقة وإذا غضب توقفت اللغة على أطراف أصابعها كي لا تزلّ أمام صلابته
ولم يكن وصفي مجرد رئيس وزراء ولا مجرد مسؤول عابر بل كان الحيّز الذي تجتمع فيه شخصية الأردن القوي الصلب الذي يحمي ولا يخون الذي يعطي ولا يساوم الذي إذا قال فعل وإذا وعد نفذ وكان رحمة الله عليه كما قالوا عنه
“رجلاً تختبئ في صمته معارك وفي ابتسامته قرى كاملة من الطمأنينة”
وكان هو من قال في إحدى خطبه
“الأردني لا يعرف أنصاف المواقف… إمّا أن يكون وإما ألا يكون”
وكان يردد
“إن خدمة الأردني شرف لا يتحمله الضعفاء”
وصفي التل لم يكن سياسيًا بل كان مشروعًا أخلاقيًا بنكهة تراب هذا الوطن رؤية تمشي على قدميها وخارطة تتنفس وتقاتل وتبني ففي حضوره كان الأردني يشعر أنه أعلى قامة وأصلب جذراً وأوضح معنى كان وصفي يعرف جيدًا أن الدولة ليست أوراقًا وأختامًا بل هي رجال إذا رأوا الخطر تقدموا وإذا رأوا الوطن ينزف جعلوا أرواحهم سدًّا أمامه
وفي ذروة صعود الفوضى وتكاثر الخارجين عن القانون وتجرؤ الجماعات المختلة على هيبة الدولة يقف اسم وصفي كصهوة فرس تعود فجأة في الليل ترفس الظلام بحدّ حوافرها وتوقظ الرجولة في عروق الرجال كأنه يصرخ من عمق الغياب
“الوطن لا يحميه الخائفون ولا يرفعه المترددون ولا يحرسه المتاجرون بزمنه”
يا أيها الواقفُ في جفنِ البلادِ سنابلًا
يا من حملتَ الأرضَ فوقَ جبينِها أجيالًا
جئناكَ في زمنِ الخديعةِ موطنًا
جئناكَ نارًا لا تُهادنُ شعلتُها أبطالًا
ما هنتَ يومًا حين خانَ زمانُنا
ما كنتَ إلا السيفَ إذ يتكسّرُ الأنذالُ
يا وصفيًا لو يعودُ صهيلُه
لارتدّ عن أرضِ الحسينِ كلُّ من استطالوا
وكان وصفي كما رُوي عن رفاقه “لا يرى الأردني فردًا وإنما قبيلة من الكبرياء” وقد قال أحد كبار القادة عنه “كان يمشي بيننا كأنه صفحة غير قابلة للمحو لا يتردد ولا يهادن ولا يقبل أنصاف الرجال” وقال آخر “كان وصفي هو الرجل الذي تخاف منه الفوضى وتخجل أمامه الخيانة”
وصفي ليس ذكرى ولا صورة على جدار ولا اسم شارع ولا فصلًا من كتاب بل هو ذلك اللهيب الذي كلما ظنت الفتنة أنها استوطنت في وطننا اشتعل من تحته تراب الأردن وصاح صائح الغياب
“قف أيها الوطن فأبناؤك ما زالوا على العهد”
إنه الرمح الذي كلما حاولت يدٌ آثمة أن تكسره انكسرَتْ هي
وهو البرق الذي إذا لمع في سماء الأردن تراجعت كل ظلال الخوف
وهو الصوت الذي إذا دوّى في الذاكرة أقام الرجال من سباتهم
وصفي التل ليس ماضيًا بل نبوءة باقية لا تخبو
ظلٌّ يمشي خلف الدولة
ونارٌ تمشي أمامها
وطنٌ في رجل
ورجلٌ لا يشبهه وطن








طباعة
  • المشاهدات: 7227
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-11-2025 02:39 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم