26-11-2025 08:18 AM
بقلم : أ. علي الزينات
حزين عليك يا وطن، لأننا كل عام نعيش نفس الطقوس ونحفظ نفس المسرحية ، السماء تلوح بالمطر … فيهرع المسؤولون إلى كاميرات الإعلام ليعلنوا بملء الثقة “جميع كوادرنا على أهبة الاستعداد… ولدينا خطة طوارئ شاملة… وتم فتح العبارات وتنظيف المناهل” وما أن تنزل أول “شتوة” حتى تخرج الحقيقة من تحت الأرض… حرفياً.
فتطفح المناهل، وتنسد العبارات، وتتحول الشوارع إلى فروع مصغرة من نهر الأمازون ، نعم الأمازون، يا لقوة التيار الذي استطاع جرف شاحنة بالزرقاء وباص ركاب نحمد الله انه فارغ.
استعدادات؟ نعم… لكن على الورق فقط!
الحكومة تعلن الطوارئ المستوى “ الأعلى "
البلديات تعمل بنظام “الطوارئ القصوى"
والناس تعمل بنظام " اللهم نستودعك أنفسنا وممتلكاتنا وسياراتنا وبيوتنا"ففي اللحظة التي تبدأ فيها الأمطار، نكتشف أن استعداداتهم عبارة عن:
جرافة معطلة من السنة الماضية.
خط ساخن لا يردّ إلا بعد أن تغرق نصف المدينة.
“فريق ميداني” وصل متأخراً لأن السيارة علقت بالمياه.
وعبارة عمرها من عمر الاستقلال… لم تنظف منذ وعدوا بتنظيفها قبل الشتاء السابق، والذي قبله، والذي قبله...
تتعذر البلديات دائما “نزل المطر فجأة”!
وكأن المطر في بلادنا يأتي من دون موعد.
وكأن الدورات الفلكية تتغير على مزاجنا.
وكأن نشرة الطقس تأتي بالشفرة.
بعد كل فيضان تسمع الجملة الشهيرة: “الهطول كان غير مسبوق… وكميات الأمطار كانت استثنائية.”
يا جماعة، كل سنة نفس الجملة…
إما أننا نعيش في عصر الطوفان المستمر، أو أن كلمة “استثنائي” أصبحت الحل السحري للهروب من المسؤولية. واصبح المواطن البطل الوحيد بلا “خطة طوارئ”
نعم المواطن يعرف جيداً أنه لا يمكنه الاعتماد على البلدية ولا على الطوارئ، فيعتمد على نفسه ، يرفع سيارته فوق البلوكات، يغلق باب البيت بأكياس الرمل، ويترك الأطفال في مهمة مراقبة الشباك “للتأكد إذا باس الماء الباب”.
ثم بعد انتهاء المطر، تخرج الحكومة ببيان تقول فيه:
“لم يتم تسجيل أي تقصير… وجميع الجهات عملت وفق الخطة.”
والمواطن ينظر للشوارع التي أصبحت بحيرات، وللمحال التي غرقت، وللسيارات التي راحت،ومشاريع كلفته تحويشة العمر....
البلد لا يحتاج إلى “غرفة طوارئ” كل شتاء، بل يحتاج إلى غرفة ضمير تعمل على مدار السنة ..
ولا يحتاج إلى تصريحات… بل إلى تعزيل المناهل قبل أن يصبح الشارع مسبحا أولمبيا ...
ولا يحتاج إلى “خطط خريفية وشتوية " بل يحتاج إلى إدارة تعترف أن المشكلة ليست المطر…
المشكلة أننا نغرق كل عام بنفس الأخطاء.
حزين عليك يا وطن… نعم حزين ...
وحزين علينا، لأننا كل شتاء ننتظر الغرق ونحن نسمع نفس الوعود…
ثم نقول: “الله يستر من هالشتوة ".
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
26-11-2025 08:18 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||