حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,24 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3258

جهاد المنسي يكتب: أحزاب وطن لا معركة نفوذ

جهاد المنسي يكتب: أحزاب وطن لا معركة نفوذ

جهاد المنسي يكتب: أحزاب وطن لا معركة نفوذ

24-11-2025 09:07 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : جهاد المنسي
منذ اللحظة التي أعلن فيها جلالة الملك عبد الله الثاني مسار التحديث السياسي، بات واضحاً أن الأردن يقف أمام فرصة تاريخية لا تتكرر بسهولة وهي الانتقال من حالة سياسية تقوم على الفردية وردود الفعل، إلى حالة مؤسسية حديثة تُدار عبر أحزاب برامجية قادرة على التأثير وصناعة القرار.


فلم تكن الرؤية الملكية مجرد خطاب أو رغبة إصلاحية عامة، بل مشروع دولة متكامل يقوم على قاعدة واحدة لا لبس فيها وهي لا تحديث سياسي بلا حياة حزبية حقيقية، ولا مشاركة شعبية فاعلة بلا تنظيم سياسي مؤسسي.
كانت تلم رؤية واضحة محددة لا تحتمل التأويل إلا أن بعض من اعتاد على الكلاسيكية في التفكير، أولئك يتعاملون مع الأحزاب بمنطق الشك، وكأنها خصم أو عبء، لا رافعة وطن.
هذا التفكير التقليدي لم يعد مقبولاً ولا ملائماً لمرحلة تسعى فيها الدولة لتوسيع المشاركة السياسية، وتمكين الشباب والنساء، وبناء برلمان برامجي يعكس مصالح الناس لا مصالح الأفراد، فالإصلاح طريق سرنا فيه ولم يعد موضوع خلاف، بل خيار وطني ملزم، وركن أساسي في استقرار الدولة ومستقبلها، ولذلك فان من نلمسه أحيانا من مماطلة أو تضييق أو تأخير غير مبرر في دعم الأحزاب، لا يمكن تفسيره إلا باعتباره إعاقة لمسار وطني واضح، وأولئك عليهم التعامل مع حقيقة ثابتة مفادها ان الإصلاح السياسي ليس مشروع حكومة أو مجلس نيابي بعينه، بل مشروع دولة ممتد نحو المستقبل، وأولئك الكلاسيكيون عندما يعرقلون مساره إنما يعرقلون رؤية التطور، ويريدون إبقاء الحياة السياسية رهينة الفردية التي أثبتت محدوديتها عبر عقود.
بالمقابل، فإنه علينا معرفة أن دعم الأحزاب لا يقتصر على إزالة العقبات الإدارية والقانونية فقط، بل يتطلب أيضاً تطوير الثقافة الحزبية نفسها، فمن غير المقبول أن تبقى بعض الأحزاب مجرد قوائم موسمية (فك وتركيب)، تظهر قبل الانتخابات وتختفي بعدها، أو تتشكل بطريقة ارتجالية بهدف ملء فراغ قانوني أو تحقيق مكاسب آنية، فالإصلاح الذي تحدث عنه جلالة الملك يتطلب أحزاباً حقيقية تمتلك برامج واضحة، وتصل للناس، وتفهم همومهم اليومية، وتقدّم حلولاً واقعية لقضاياهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، فنحن لا نريد واجهات حزبية أو شعارات براقة، بل نريد مؤسسات سياسية تشبهنا، تعبر عن تطلعاتنا، وتدافع عن مصالحنا، أحزاب تمتلك رؤية برامجية في كيفية معالجة البطالة، وتحسين التعليم والصحة، وتطوير النقل والخدمات، وتحقيق نمو اقتصادي يشعر به المواطن، أما الأحزاب التي لا تقوم على مشروع أو هوية، فهي تسيء لفكرة العمل الحزبي وتخلق انطباعاً بأن التجربة شكلية لا أكثر.
اما أولئك الذين يتخوفون من التجارب الحزبية فإن عليهم معرفة حقيقة مفادها ان التجارب العالمية اثبتت بأن الأحزاب ليست عبئاً على الدولة، بل ضمانة للاستقرار السياسي، لأنها تنظّم المشاركة وتحوّلها من مبادرات فردية متفرقة إلى برامج مؤسسية قابلة للتنفيذ، والدول التي نجحت في تطوير اقتصادها وتعزيز ديمقراطيتها، لم تفعل ذلك عبر تفتيت العمل السياسي، بل عبر أحزاب قوية تتنافس ببرامج وروى.
دعونا نسير في طريق الإصلاح بلا عوائق ونسهل عمل الأحزاب الجادة، ونشجع انخراط الشباب والنساء في الحياة السياسية، ونفتح المجال أمام منافسة برامجية تعيد الاعتبار لدور البرلمان، فالديمقراطية لا تُبنى بالنيات، بل بالممارسة، ولا تتقدم بالتردد، بل بالشجاعة السياسية والإيمان بضرورة التغيير.
جلالة الملك وضع خريطة طريق واضحة، وأكد أن الوقت ليس في صالح المترددين، وعلى كل مسؤول وصاحب قرار أن يدرك أن الإصلاح لا يحتمل التباطؤ ولا الانتقاء، وعلينا ترجمة الرؤي الاصلاحية إلى واقع، بعيداً عن العقليات التي تخشى التغيير وتقاومه، ونؤمن أن الأحزاب ليست صراع نفوذ، بل رافعة وطن ومسار إصلاح لا رجعة عنه.











طباعة
  • المشاهدات: 3258
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
24-11-2025 09:07 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم