23-11-2025 09:14 PM
سرايا - لا تزال قضية الطفلة البيروفية لينا مدينا، التي أصبحت أصغر أم موثّقة في التاريخ بعد إنجابها وهي في الخامسة من عمرها عام 1939، تشغل الأوساط الطبية والصحافة العالمية باعتبارها واحدة من أكثر الوقائع غرابة وغموضاً في تاريخ الطب الحديث.
وبدأت تفاصيل القضية حين لاحظ سكان قريتها النائية في جبال الأنديز انتفاخاً غير طبيعي في بطنها، ما دفع أسرتها الفقيرة للجوء إلى معالجين شعبيين ظناً بأنها تعاني حالة عارضة، قبل أن يأخذها والدها إلى مستشفى بيسكو بعد فشل كل التفسيرات.
وتوصّل الأطباء بداية إلى احتمال إصابتها بورم، لكن الفحوصات أكدت أنها كانت في شهرها السابع من الحمل، لتخضع في 14 مايو (أيار) 1939 لعملية قيصرية بسبب صغر حجم حوضها الطفولي، وتلد طفلاً بصحة جيدة وزنه 2.7 كيلوغرام، أطلق عليه اسم "جيراردو".
وكبر الطفل معتقداً أن لينا شقيقته، ثم عرف الحقيقة في سن العاشرة، قبل أن يتوفى لاحقاً في عام 1979 عن عمر 40 عاماً جراء مرض في نخاع العظم.
وكشفت السجلات الطبية أن لينا كانت تعاني من بلوغ مبكر شديد، مع توثيق حدوث أول دورة شهرية لها في عمر ثمانية أشهر، وظهور علامات نمو جنسي مكتمل قبل بلوغها الخامسة.
وبحسب صحيفة "دايلي ميل" البريطانية، أسهمت التقارير الطبية وصور الأشعة ووثائق المستشفى في تأكيد صحة الواقعة، التي حظيت لاحقاً باعتراف الكلية الأمريكية لأطباء النساء والولادة كأصغر حالة أمومة مثبتة في العالم.
وبعد إعلان الحمل، فتحت السلطات البيروفية تحقيقاً باعتبار أن الطفلة كانت ضحية اعتداء جنسي، وتم توقيف والدها أياماً قبل الإفراج عنه بسبب غياب الأدلة، بينما امتدت الشبهات إلى أحد أقاربها وعامل حديقة اختفى وقت انتشار الخبر، في حين أشارت روايات أخرى إلى احتمال تعرضها لاعتداء خلال احتفال شعبي قريب من قريتها.
وانتهى التحقيق دون تحديد هوية الجاني، ولم تكشف لينا طوال حياتها عن أي تفاصيل تخص الشخص الذي تسبّب في حملها.
اللافت أن القضية حظيت باهتمام تجاري وإعلامي واسع، إذ وقّعت شركة أمريكية لمنتجات الأطفال اتفاقاً لتوفير دعم مالي مقابل استخدام القصة في دعاية محدودة، لكن الحكومة البيروفية ألغت العقد لاحقاً، ووضعت الأم ورضيعها تحت وصايتها بهدف حمايتهما من الاستغلال.
وتعهد الرئيس آنذاك بمنح لينا وابنها إعانة مالية دائمة، لكن الوعود لم تُنفذ، لتعود الأسرة لاحقاً إلى قريتها وتعيش في فقر شديد.
كما ذكرت صحيفة أمريكية في عام 1939 أن شركة سينمائية عرضت خمسة آلاف دولار مقابل حقوق إنتاج فيلم عن القضية، لكن الأسرة رفضت أيضاً.
وفي سنوات لاحقة، انتقلت لينا إلى ليما حيث عملت سكرتيرة في العيادة نفسها التي وُلد فيها ابنها، وساعدته على استكمال تعليمه، وتزوجت لاحقاً وأنجبت طفلاً ثانياً وهي في الثامنة والثلاثين، ثم سافرت مع أسرتها إلى المكسيك قبل أن تعود إلى بيرو في الثمانينيات، واستقرت في حي فقير بالعاصمة يُعرف بـ"شيكاغو الصغيرة"، بينما يُعتقد أن ابنها الثاني بقي في المكسيك.
وفي عام 2002، حاول طبيب التوليد خوسيه ساندوفال، الذي درس قضيتها وألّف كتاباً عنها، مخاطبة الرئاسة البيروفية لمنحها معاشاً دائماً كتعويض عن الإهمال الذي تعرضت له، وأبدت السلطات استعداداً للنظر في الطلب، لكنها لم تتمكن من التواصل معها لأنها رفضت الحديث لأي جهة رسمية أو إعلامية، بما في ذلك طلب مقابلة رسمياً من وكالة رويترز في العام نفسه، مؤكدة رغبتها في عدم الخوض مجدداً في الماضي.
ولا يُعرف بشكل مؤكد ما إذا كانت لينا لا تزال على قيد الحياة أم لا، إذ يُفترض أنها اليوم في الثانية والتسعين من عمرها، بينما تواصل قصتها إثارة الجدل والدهشة باعتبارها من أكثر الوقائع التي لم تُكشف كل خيوطها حتى اليوم.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-11-2025 09:14 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||