حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,23 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6040

د. هيثم علي حجازي يكتب: الثقافة المؤسسية في القطاع العام: المفهوم والمسؤولية ووحدة المنهج

د. هيثم علي حجازي يكتب: الثقافة المؤسسية في القطاع العام: المفهوم والمسؤولية ووحدة المنهج

د. هيثم علي حجازي يكتب: الثقافة المؤسسية في القطاع العام: المفهوم والمسؤولية ووحدة المنهج

23-11-2025 11:58 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. هيثم علي حجازي
تُعدّ الثقافة المؤسسية من الركائز الجوهرية لنجاح المؤسسات العامة والخاصة على حد سواء، إذ تمثل الإطار القيمي والسلوكي الذي يوجّه العاملين ويعكس هوية المؤسسة وطريقتها في العمل. وقد أولت خطة تحديث القطاع العام في الأردن أهمية خاصة لهذا المحور، باعتباره أحد الأسس التي تمكّن من تحقيق التحول الإداري والحوكمة الفاعلة.
تُعرف الثقافة المؤسسية بأنها مجموعة القيم والمعتقدات والسلوكيات والرموز والمعايير التي يتبناها العاملون في المؤسسة، والتي تشكل نمطا عاما لطريقة التفكير والعمل واتخاذ القرار داخلها. وتُعدّ الثقافة المؤسسية بمنزلة “الروح” التي تحدد كيفية تعامل الموظفين مع بعضهم البعض ومع المواطنين، وكيفية استجابتهم للتحديات والتغييرات التنظيمية.
في القطاع العام، تكتسب الثقافة المؤسسية أهمية مضاعفة لعدة أسباب: (1) تحسين الأداء والخدمات، فهي تخلق بيئة عمل تشجع على الإبداع والمسؤولية والمساءلة (2) تعزيز النزاهة والشفافية عبر ترسيخ قيم العمل العام والانتماء للوطن (3) دعم تنفيذ السياسات الحكومية من خلال توحيد السلوك الإداري مع الأهداف الوطنية (4) الحد من مقاومة التغيير، إذ تسهم الثقافة الإيجابية في قبول مبادرات التحديث والإصلاح.
عادة تقوم الجهات المركزية المسؤولة عن الإدارة العامة والإصلاح الإداري بوضع الإطار العام للثقافة المؤسسية في القطاع العام. وتتولى هذه الجهة تحديد: (1) القيم الوطنية المشتركة مثل: النزاهة، العدالة، خدمة المواطن، الكفاءة، المساءلة (2) المعايير العامة للسلوك المهني في الخدمة العامة (3) المبادئ الإرشادية التي يجب أن تنعكس في ثقافات المؤسسات الفرعية.
في الوقت ذاته تقع على عاتق كل مؤسسة حكومية مسؤولية تطوير ثقافتها المؤسسية الخاصة ضمن هذا الإطار العام، بحيث تعبّر عن خصوصية مهامها وطبيعة جمهورها وأهدافها التشغيلية. فالثقافة المؤسسية ليست قالبا واحدا يُفرض من الأعلى، بل نظاما مرنا يستند إلى قيم مشتركة، ويُترجَم داخل كل مؤسسة بما يناسبها. وبالتالي، يجب عدم فرض ثقافة مؤسسية واحدة صارمة على جميع مؤسسات القطاع العام، لأن ذلك يتجاهل تنوّع الأدوار والوظائف بين الوزارات والمؤسسات. لكن في المقابل، يجب أن توجد ثقافة وطنية جامعة تشكّل الإطار القيمي العام الذي تستند إليه جميع المؤسسات، بحيث: (1) توحّد الرؤيا والسلوك العام اتجاه خدمة المواطن (2) تضمن الانسجام بين أهداف الحكومة والجهات التنفيذية (3) تسمح بالتنوع الثقافي الداخلي بما يعكس طبيعة عمل كل مؤسسة. وعليه، فإن المطلوب هو مستويان من الثقافة المؤسسية: (1) ثقافة وطنية عامة موحدة تحددها الحكومة (2) ثقافة فرعية مؤسسية تتطور داخل كل جهة لتلائم خصوصيتها.
ولا بد من التأكيد على أن الثقافة المؤسسية أداة استراتيجية لبناء جهاز إداري فاعل ومستدام. وفي السياق الأردني، فإن مسؤولية ترسيخها تقع على عاتق الحكومة عبر تحديد الإطار العام، وعلى المؤسسات الحكومية عبر تفعيل هذا الإطار بما يتناسب مع هويتها ووظائفها. إن التوازن بين الوحدة القيمية والمرونة المؤسسية هو المفتاح الحقيقي لتأسيس ثقافة داعمة للتحديث والإصلاح الإداري في القطاع العام الأردني، وتحقيق رؤيا جلالة الملك في أن يكون القطاع العام في الأردن قطاعا يتسم بالتميز والتنافسية.
أمين عام ديوان الخدمة المدنية الأسبق / أمين عام رئاسة الوزراء الأسبق.








طباعة
  • المشاهدات: 6040
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
23-11-2025 11:58 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم