22-11-2025 01:36 PM
بقلم : د. خالد السليمي
الأردنيون يتكلمون… وهذا ما يريدونه من دولتهم في المرحلة القادمة: كرامةٌ معيشية، وعدالة اقتصادية، وخطة إنقاذ وطنية
شعب ينتظر… ودولة مطالبة بأن تُعيد الثقة للمستقبل حيث يمرّ الأردن اليوم بلحظة فارقة، لحظة تتقاطع فيها الضغوط الاقتصادية مع تطلعات شعب صابر تجاوز حدود الاحتمال، ومع كل أزمة، يزداد سؤال الأردنيين وضوحاً وشرعية: "ماذا نريد من دولتنا في المرحلة القادمة"، الأردنيون ليسوا شعباً يطلب المُستحيل، هم شعب واقعي، صلب، يعرف ما يريد، يريد الأردنيون: دولة عادلة، حكومة فعّالة، اقتصاد يخلق فرصاً، واستقرار معيشة يليق بكرامتهم، وما بين خطابات جلالة الملك التي تُكرر بوضوح ضرورة الإصلاح، وتمكين المواطن، وحماية الطبقة الوسطى، وبين الواقع الذي يعيشه الناس، تبقى الفجوة بحاجة إلى إرادة سياسية وإدارية تعيد بناء الثقة المفقودة.
الخلاص من دائرة الفقر… بداية كل إصلاح حقيقي
لا يمكن لأي دولة أن تنجح اقتصادياً إذا بقيت نسب الفقر على حالها، فالأردنيون اليوم لا يبحثون عن مساعدة مؤقتة، بل عن خطة وطنية شاملة تعالج أسباب الفقر لا نتائجه فقط فالمطلوب الآن: (رفع الدخل الحقيقي للمواطن، ضبط الأسعار، دعم السلع الأساسية، استهداف الفئات الأكثر هشاشة بسياسات مستدامة لا حملات موسمية)، فالفقر لم يعُد رقماً في التقارير بل أصبح تهديداً للأمن الاجتماعي والاستقرار الأسري، فالمواطن الأردني يريد اليوم دولة تُعيد الاعتبار للطبقة الوسطى، وتمنع انزلاق المزيد من الأسر نحو الفقر، وتحول الاقتصاد إلى بيئة عادلة تكافئ الجهد وتوفر الكرامة المعيشية.
جلب الاستثمارات… وليس انتظارها او محاولة تطفيشها
الأردن لا ينقصه العقول ولا ينقصه الموقع ولا ينقصه الأمن ما ينقصه هو جرأة استثمارية وحماية حقيقية للمستثمرين، فالشعب يريد رؤية مشاريع عملاقة، مناطق اقتصادية حقيقية، شراكات عربية ودولية، وقوانين استثمار لا تتغير كل عام، فالبطالة لن تتراجع بالشعارات بل بالاستثمار، ولن تُحل بمشاريع صغيرة فقط، بل بمشاريع إنتاجية كبرى تُعيد الأردن إلى خريطة الاقتصاد الإقليمي، المطلوب اليوم: (تسهيل الإجراءات، كسر البيروقراطية، حماية المستثمر من الابتزاز، دعم الاستثمارات الوطنية كالتي يمثلها المهندس زياد المناصير، ...الخ)، هذا هو الطريق الوحيد لخلق الوظائف وتوسيع الطبقة الوسطى.
تخفيض الضرائب… استعادة أنفاس المواطن والاقتصاد معاً
لم يعد الأردنيون يحتملون هذا العبء الضريبي المعقد، الذي يضغط على المواطن وعلى الشركات وعلى النشاط الاقتصادي، فالضرائب على (الكهرباء، الوقود، الاتصالات، المبيعات، المُسقفات … الخ) جميعها لم تعُد منطقية مقارنة بدخل المواطن، فالمطلوب من الدولة بشكل عاجل: (إعادة هيكلة جذرية للنظام الضريبي، توحيد الضرائب وتخفيض نسبتها، توسيع القاعدة الضريبية بدل استنزاف طبقة واحدة، تشجيع الاستثمار بدل معاقبته بالضرائب، ... الخ)، فدولة الضرائب لا يمكن أن تكون دولة الاستثمار، وتقليل الضرائب ليس خسارة للدولة… بل استثمار في اقتصادها.
العفو العام… تصحيح مسار وبناء ثقة
الأردنيون ينتظرون عفواً عاماً حكيماً يخفف الاحتقان، ويمنح آلاف الأسر فرصة جديدة، فالعفو العام ليس مجرد قرار سياسي بل هو مشروع إصلاح اجتماعي يعالج قضايا مالية وتعثرات كبرى، ويفتح أبواباً مغلقة أمام المواطنين، فالمطلوب عفو يشمل: (المخالفات المالية المتراكمة، القضايا البسيطة، القضايا التي عطّلت حياة آلاف الشباب، ... الخ)، هذا العفو سيُعيد الثقة بالدولة، وسيمنح المجتمع فرصة للعودة إلى الإنتاج بدل الغرق في السجون والديون.
دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة… قلب الاقتصاد النابض
لا اقتصاد بدون مشاريع صغيرة ومتوسطة، هذه المشاريع هي التي تشغل أكبر نسبة من الأردنيين، وهي الأكثر حاجة للدعم والتحفيز والتمويل، ما يريده الأردنيون اليوم: يتمثل بـ (صناديق تمويل بفوائد مخفضة، إعفاءات ضريبية، حماية من المنافسة غير العادلة، حاضنات أعمال للشباب، ... الخ)، فالمشاريع الصغيرة ليست هامشاً بل هي العمود الفقري للاقتصاد، فالدول التي تنهض إنما تنهض من القاعدة من الشباب الذي يبدأ مشروعاً صغيراً، ومن المرأة التي تؤسس عملاً منزلياً، ومن أصحاب الورش الصغيرة الذين يسعون لإعالة أسرهم.
الزراعة… شريان الأمن الغذائي المهدور
الزراعة ليست قطاعاً هامشياً، بل هي أمن قومي، فالأردنيون يريدون دعماً حقيقياً للمزارعين، لا تصريحات موسمية، المطلوب بشكل عاجل وفي الخطط الاستراتيجية القريبة: (دعم مستلزمات الإنتاج، توفير المياه بأسعار عادلة، حماية المنتجات المحلية، فتح أسواق جديدة للتصدير، الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية الحديثة، ... الخ)، فالزراعة تستطيع خلق آلاف الوظائف، وتقليل فاتورة الاستيراد، ورفع دخل الريف والبادية إذا أُديرت بطريقة صحيحة، فالزراعة ليست الماضي بل أحد أهم مفاتيح المستقبل.
الصناعة الوطنية… كنز لم يُفتح بعد
الصناعة الأردنية تمتلك عقولاً، وكفاءات، وقدرات، لكنها تحتاج إلى (تخفيض كلف الطاقة، تشجيع الإنتاج المحلي، اتفاقيات تصدير جديدة، حماية من البضائع الرديئة والمجهولة، ...الخ)، فالصناعة هي الطريق الأقصر للنمو، وكلما توسع الإنتاج الصناعي، توسعت فرص العمل، وارتفعت الصادرات، وانخفض العجز، فالشعب يريد رؤية مصانع جديدة، منتجات أردنية تنافس عالمياً، وسياسات واضحة تحمي المنتج الوطني.
إعادة هيكلة القطاع العام… دولة حديثة فعلاً لا قولاً
ما يريده الأردنيون ليس "ترشيداً إدارياً" فقط بل دولة فاعلة، قطاع عام يعمل بكفاءة، موظف يحصل على تدريب، خدمات إلكترونية حقيقية، ودوائر لا تهدر الوقت والمال، الإصلاح الإداري ليس بذخاً وترفاً بل ضرورة، فالاستثمار لا ينهض في ظل بيروقراطية بطيئة، والخدمات لا تتحسن دون قيادة حكومية جريئة، والمواطن لا يستعيد ثقته إلا عندما يرى مؤسسات تعمل بوضوح وشفافية.
حماية الطبقة الوسطى… واجب وطني لا خيار سياسي
الطبقة الوسطى هي العمود الفقري لأي دولة، وضعفها يؤدي إلى فقدان الاستقرار، وزيادة الاحتقان، وانخفاض الإنتاجية، فالأردنيون يريدون سياسات تُعيد قوتهم الشرائية، وتدعم تعليمهم وصحتهم، وتمنحهم فرصاً حقيقية لمستقبل أفضل، فبدون طبقة وسطى قوية لن يكون هنالك لا اقتصاد ولا إصلاح ولا استقرار، وإعادة بنائها مسؤولية وطنية يجب أن تتقدم كل الأولويات.
جلالة الملك… البوصلة التي تشير دائماً نحو الوطن والمواطن
جلالة الملك عبدالله الثاني هو أكثر من تحدث بوضوح عن الاقتصاد، عن التحديث، عن دعم الطبقة الوسطى، وعن حماية المواطن، فخطابات جلالته كانت دائماً تؤكد ضرورة تحسين المعيشة وتخفيض البطالة ودعم الاستثمار والمزارعين والصناعة ومحاربة البيروقراطية وحماية الدولة من الفساد ومن مراكز التعطيل، والملك هو حامل لواء التحديث، وهو الضامن الأكبر لمستقبل اقتصادي أفضل، وعلى الحكومة أن تكون على مستوى هذه الرؤية الملكية العميقة.
في الختام ... الأردنيون قالوا كلمتهم ... الآن دور الدولة ونحن لا نريد معجزات بل نريد دولة عادلة، حكومة تعمل، اقتصاداً يُنصفهم، وقرارات تلامس حياتهم اليومية، لقد حان الوقت لخطة وطنية تعيد الثقة، وتفتح الأبواب، وتعيد للأردنيين شعورهم بأن المستقبل لهم لا عليهم، من حق الشعب أن يعيش بكرامة، ومن حق الدولة أن تستمع، ومن واجب الحكومة أن تعمل وبأقصى سرعة، الأردن يستحق الأفضل… والأردنيون قادرون على بناء الأفضل عندما تُمنح لهم الفرصة.
توصيات استراتيجية لأصحاب القرار في المملكة الأردنية الهاشمية:
1. إطلاق برنامج وطني شامل لمحاربة الفقر يعتمد على الدخل المنتج، وليس المساعدات المؤقتة.
2. تحويل هيئة الاستثمار إلى "جهاز وطني سيادي" يملك سلطة القرار ومنع التعطيل.
3. إعادة هيكلة الضرائب بالكامل ووضع سقف ضريبي لا يُمسّ طبقة ذوي الدخل المتدني والمتوسط.
4. إطلاق عفو عام منضبط يعالج آلاف القضايا المالية ويُعيد آلاف الشباب لسوق العمل.
5. صندوق وطني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بفوائد مخفضة ودعم تقني وكبح جماح التعثر والافلاس والتصفية لهذه المشاريع (نبض الاقتصاد الأردني).
6. خطة استراتيجية للنهوض بالزراعة تعتمد على التكنولوجيا والمياه البديلة.
7. برنامج حكومي لدعم الصناعة الوطنية وربطها بأسواق الخليج وأوروبا.
8. خطة لإصلاح القطاع العام تعتمد على الكفاءة الرقمية والحوكمة.
9. حماية الطبقة الوسطى عبر ضبط الأسعار، دعم الخدمات الأساسية، ورفع الدخل الحقيقي.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-11-2025 01:36 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||