حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,21 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3636

د.سيف الدين أحمد الربابعة يكتب: توثيق السردية الأردنية: وصية ولي العهد .. وبوصلة الأجيال

د.سيف الدين أحمد الربابعة يكتب: توثيق السردية الأردنية: وصية ولي العهد .. وبوصلة الأجيال

د.سيف الدين أحمد الربابعة يكتب: توثيق السردية الأردنية: وصية ولي العهد ..  وبوصلة الأجيال

20-11-2025 08:24 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. سيف الدين أحمد الربابعة
في قلب محافظة الطفيلة، حيث تروي جبالها شهامة الرجال وعراقة التاريخ، وبين أحضان ضانا التي تشهد على إرث أردني عريق، جاء توجيه سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ولي العهد، ليضع أيدينا على جوهر قضية مصيرية: "توثيق السردية الأردنية". لم يكن هذا التوجيه مجرد حديث في لقاء عابر، بل كان تأشيرة طريق نحو المستقبل، وخريطة طريق تستدعي كل أبناء وبنات الوطن من مختلف المؤسسات للمشاركة في نحت سرديتنا الوطنية بيدين أردنيتين.

ويأتي هذا التوجيه في زمن تكاثفت فيه العواصف الإعلامية وتشابكت فيه الروايات، أصبح امتلاك روايتنا الوطنية سلاحاً وجودياً. السردية الأردنية ليست مجرد سجل تاريخي يجمع الوقائع، بل هي وعاء للهوية، وحافظة للذاكرة الجمعية، ومرآة تعكس صورة شعب صنع من الصحراء نبعاً للحضارة، ومن التحديات سُلماً للصعود. إنها قصة الثورة العربية الكبرى واستقلال المملكة، وهي حكاية الجندي على الحدود والمهندس في المصنع والمدرس في الفصل. إن توثيق هذه السردية يعني أننا نرفض أن يُروى تاريخنا إلا بأقلامنا، وأن تُفهم تجربتنا إلا عبر رؤيتنا.
لقد حوّل سمو ولي العهد عملية التوثيق من مهمة رسمية قد تقتصر على النخب والمؤرخين، إلى مسؤولية وطنية شاملة. عندما يدعو كل الأردنيين للمشاركة، فإنه يرفع هذه القضية من مستوى "الواجب" إلى مستوى "المسؤولية". فكل مواطن يحمل في جعبته قصة تخدم السردية الوطنية؛ الجدة التي تحكي عن بساطة الحياة وعظم التضحيات، والطبيب الذي سطر ملحمة في جائحة كورونا، والشاب الذي حوّل فكرته إلى مشروع وطني. هذه المشاركة الشعبية هي التي ستجعل السردية حية تنبض بتفاصيلها الصغيرة قبل كبرياتها.
لا ينفصل توثيق السردية عن مسؤولية البناء. فالأمة التي تنسى ماضيها تفقد بوصلة مستقبلها. وعندما تتعرف الأجيال الجديدة على حجم التضحيات التي بذلت لبناء الأردن، سيدركون أنهم ليسوا فقط أصحاب حق في هذا الوطن، بل هم أصحاب واجب نحوه. هذا الوعي هو الذي يصنع الفرق بين مواطن يعيش في الوطن ومواطن يعيش للوطن. إنها مسؤولية البناء التي تنتقل من جيل المؤسسين إلى جيل المواصلين.
توثيق السردية الأردنية، كما رسم ملامحها سمو ولي العهد، هو أكثر من مشروع ثقافي أو أكاديمي؛ إنه مشروع وجودي يمسك بخيوط الهوية ويحافظ على كينونتنا في عالم متلاطم الأمواج. إنها الدعوة التي تجعل من كل أردني مؤرخاً لزمانه، وكل أردنية كاتبة لقصتها. إنها الاستثمار في أعظم رأس مال نملكه: الإنسان الأردني الذي يحمل في عقله وقلبه أكبر المخزونات من القصص والبطولات والإنجازات.
فلنكن جميعاً كتاباً لهذه السردية، ولنجعل من توثيقنا لها وقوداً يدفع الأجيال القادمة لتحمل مسؤوليتها في بناء الأردن الذي حلم به الآباء والأجداد، وستكمله الأبناء والأحفاد، بعزيمة لا تلين، وإيمان لا يخبو.











طباعة
  • المشاهدات: 3636
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
20-11-2025 08:24 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم