18-11-2025 09:07 AM
بقلم : م. صلاح طه عبيدات
لقد ظهر جنسٌ جديد من المخلوقات في مملكة مواقع التواصل :
مخلوق يعيش على النصوص كما يعيش الطفيلي على دم العائل…
لكن باختلاف بسيط:
الطفيلي على الأقل يعترف بأن الدم ليس له.
أما هؤلاء…
فيلتقط أحدهم نصًا من هنا، وجملة من هناك، ومقطعًا من شاعر مات قبل 300 سنة،
ثم يقف أمام الجمهور وقفة نسرٍ يحلّق فوق جبل،
معلِنًا:
"كتبت قبل قليل…"
قبل قليل!
والرجل نقل النص من قبل كاتبٍ لم يمرّ “قليله” على البشرية إلا منذ زمن الأندلس!
ولأن السخرية لا تنتهي،
فهذا نفسه الذي يسرق النصوص بلا خجل،
هو ذاته الذي يكتب منشورًا آخر بعنوان:
"احترام حقوق الملكية الفكرية ضرورة!"
ولو كان للوقاحة وزن…
لأغرق القارة كلها.
وما إن تسأله:
"من صاحب هذا القول الجميل؟"
حتى يرفع حاجبيه بثقة فيلسوف اكتشف المتحور الجديد للجهل، ويجيب:
"والله ما بعرف… وصَلني!"
وصَلني؟
وكأن النصوص تأتي بالبريد… أو تسقط من السماء مثل الأمطار الموسمية!
وبعضهم أكثر تطورًا؛
يأخذ النص كما هو…
لا يغيّر فيه سوى حذف النقاط ووضع "فاصلة" من عنده،
ثم يكتب في النهاية:
"بقلمي".
بقلمك؟
يا رجل، حتى قلمك لو نطق لاستقال!
ولك أن تتخيل شدة ثقتهم بالنفس:
لو أنك واجهت أحدهم بنصّه “المسروق”،
سيقول لك ببرود ثلاجة:
"يعني شو المشكلة؟ أهم شي الفائدة تنتشر!"
نعم… الفائدة تنتشر،
ومعها ينتشر الكذب، والانتحال، والكسل، وحبّ الظهور…
بالتقسيط المريح.
إنهم قومٌ يريدون مجدًا بلا جهد،
وشهرةً بلا موهبة،
وأتباعًا بلا كلمةٍ واحدة خرجت من عقولهم.
تجد أحدهم يكتب يوميًا عشرين منشورًا…
ولا يستطيع كتابة جملة دون خطأ إذا انقطع الإنترنت عنه.
يا سيدي،
لو استمرت الظاهرة،
سنجد يومًا ما أحدهم يسرق سورة من القرآن
ويكتب تحتها:
"إهداء مني لكم في هذا الصباح الجميل."
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-11-2025 09:07 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||