18-11-2025 08:59 AM
بقلم : د. خالد السليمي
في اللحظة التي يخرج فيها رجل أعمال بحجم المهندس زياد المناصير ليقول إن هناك من يحاول ابتزازه أو عرقلة مسيرته الاستثمارية، فهذا لا يكشف أزمة فرد، بل أزمة دولة بكاملها، الاستثمار ليس مالاً فقط؛ إنه أمن وطني، وكرامة اقتصادية، ورافعة حياة لملايين الأردنيين، أي محاولة لابتزاز مستثمر وطني، أو تهديده، أو تعقيد أعماله، تعني بمنتهى الوضوح محاولة لزعزعة ثقة المستثمرين، وتخريب بيئة الاقتصاد، وتدمير مستقبل آلاف الأسر العاملة، السؤال الكبير اليوم: هل نحن أمام حالات فردية… أم أمام شبكات مصالح مريضة تعيش على عرقلة النمو؟، الواجب الوطني يقتضي كشف الحقيقة كاملة، لأن صمت الدولة في مثل هذه الحالات يعني السماح للمرض بالانتشار، وفتح الباب أمام كل من يريد ضرب الأردن من الداخل.
من يحاول طرد الاستثمار؟ أسئلة بلا إجابات حتى الآن
الأسئلة التي تفجرت عقب تصريحات المناصير ليست عابرة ولا يمكن تمييعها، هل هنالك من يعمل بإرادة داخلية لتعطيل الاستثمار؟ هل يتحرك البعض بدوافع شخصية؟ هل هناك حسابات ضيقة أو شبكات فساد تحاول حماية مصالحها عبر ضرب المستثمرين؟ أم أن هناك جهات خارجية تريد تعطيل الأردن اقتصادياً؟، فالأردن اليوم في قلب إعادة تشكيل اقتصادية إقليمية، وأي ضربة للاستثمار تعني خسائر فادحة للأمن القومي، لذلك فإن السؤال لم يعد مادة للتحليل فقط، بل أضحى عبارة عن إنذار وطني: من يعبث بمستقبلنا؟ ومن المستفيد من خلق حالة خوف لدى المستثمرين المحليين والأجانب؟
من حق الأردنيين أن يعرفوا، ومن واجب الدولة أن تكشف.
شائعات مدفوعة… أم حرب اقتصادية مقصودة؟
انتشار الشائعات التي تستهدف المستثمرين بات ظاهرة تهدد هيبة الدولة، شائعات تطال رجال أعمال، مؤسسات وطنية، شركات كبرى، وتُصاغ كلها بهدف واحد: ضرب الثقة، الشائعة ليست كلاماً على وسائل التواصل؛ إنها قنبلة اقتصادية إذا تركت دون تفكيك، وعندما يتم استهداف أسماء كبيرة ومشاريع ضخمة، فهذا يعني أن هناك من يتعمد خلق صورة سوداوية عن الأردن بهدف تخويف المستثمر الأجنبي وإفقاد المستثمر المحلي ثقته، هل يشكل ذلك عملاً فردياً؟ مستحيل، هل هو سوء فهم؟ غير منطقي، إنها حرب اقتصادية ناعمة يجب أن تتعامل معها الدولة كما تتعامل مع التهديدات الأمنية، لأن الاستثمار اليوم ليس خياراً فردياً… بل "معركة اردنية شاملة" لا تقل أهمية عن حماية الحدود.
هل نقف متفرجين؟ أم نتحرك كدولة وشعب لحماية اقتصادنا؟
الوقوف صامتين أمام محاولات ضرب بيئة الاستثمار يعني قبول الانهيار ببطء، على الدولة بأجهزتها كافة أن تدرك أن الاستثمار هو أحد أعمدة الأمن الوطني، وأن صونه واجب لا خيار، لكن الدولة وحدها لا تكفي، المجتمع الأردني أيضاً يجب أن يعي أن حماية الاستثمار ليست خدمة لرجل الأعمال، بل خدمة لآلاف العائلات التي تعيش من هذه المشاريع، نحن أمام منعطف خطير: إما أن نكون دولة تحمي المستثمرين أو نتحول إلى بيئة طاردة تنهشها الإشاعات والمصالح الخاصة، والتاريخ أثبت أن الشعوب التي لا تدافع عن اقتصادها تسقط قبل أن تسقط جيوشها.
أين دور الإعلام الوطني؟ هل نترك الساحة لمن يشوّه الحقائق؟
أحد أخطر مظاهر هذا الملف هو صمت كثير من وسائل الإعلام الوطنية، وكأن الاستثمار ليس جزءاً من أمن الدولة، الإعلام (المرئي والمسموع والمكتوب والإلكتروني) يفترض أن يكون خط الدفاع الثالث بعد الأمن والاقتصاد، لكنه تراجع في دوره، وترك الساحة لحسابات وهمية و"مؤثرين" يصنعون الفوضى، أين الحملات الوطنية التي تشرح للمواطن أهمية حماية المستثمر؟ أين البرامج التي تواجه الإشاعات وتُعيد الثقة؟ أين التحقيقات المهنية التي تكشف المتورطين بالابتزاز والتخريب؟ للأسف… الصمت الإعلامي أخطر من الشائعة نفسها، لأنه يمنح العابثين غطاءً لمواصلة ضربهم للمشهد الاقتصادي.
المطلوب من الدولة: الضرب بيد من حديد بلا مجاملة ولا محاباة
إذا كان هناك من يبتز المستثمرين أو يعرقل مشاريعهم أو يهددهم، فهؤلاء يشكلون خطراً على الأمن الوطني، ويجب أن يخضعوا للمحاسبة الفورية، على الحكومة، وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، ودائرة المخابرات العامة، أن تعلن بوضوح: لا أحد فوق القانون، ولا حماية لأحد، ولا حصانة لأحد، المطلوب فتح تحقيق شامل، وكشف نتائج شفافة، ومحاكمة كل من يثبت تورطه، الأردن لا يحتمل العبث، ولا يمكن أن يكون رهينة لأصحاب مصالح أو قلباً مفتوحاً للتدخلات الخارجية، القانون يجب أن يُطبق بقسوة على كل من يجرؤ على تهديد اقتصادنا، مهما كان اسمه أو منصبه أو علاقاته.
دعوة للشعب الأردني: حماية الاستثمار واجب وطني
نشامى الوطن الأردنيين من كافة أصولهم واطيافهم ومواقعهم الاستثمار ليس شأناً حكومياً فقط، بل معركة وطنية مشتركة، عندما تنتشر شائعة، أو يُشوه مستثمر، أو تُضرب سمعة مشروع وطني، فذلك يرتد على لقمة عيش كل أسرة أردنية، لذلك، المطلوب من الشعب أن يتعامل مع هذا الملف بمسؤولية، لا بتهويل ولا بتجاهل: لا تنشروا الإشاعات، لا تسمحوا لأحد بتشويه المستثمرين دون دليل، دافعوا عن اقتصاد وطنكم كما تدافعون عن حدوده، الأردن بلدنا جميعاً، ومستقبلنا مرتبط بثقافة تحافظ على الاستثمار وتدعم الإنتاج لا الهدم.
حماية المستثمرين… حماية لمستقبل الأردن الاقتصادي
المستثمرون، سواء كانوا أردنيين أو أشقاء عرب أو أجانب، هم شركاء في بناء الدولة، وليسوا ضيوفاً أو "أثرياء" يبحثون عن امتيازات، إذا شعر هؤلاء بأن الأردن بيئة غير آمنة… سيرحلون، ومعهم آلاف فرص العمل ومليارات الدنانير، ولذلك، يجب أن تبعث الدولة رسالة واضحة: "الأردن بلد الاستثمار… ومن يمسه يمسّ أمن الوطن"، والتجارب العالمية تؤكد:
الدول التي رعت المستثمرين نجت… والدول التي سمحت بابتزازهم انهارت، نحن بحاجة لإعادة بناء الثقة، وإصدار قوانين صارمة، وخلق بيئة لا يمكن لأي فاسد أو صاحب نفوذ أن يعبث بها.
الأردن أقوى… عندما نواجه الحقيقة ولا نخاف منها
القضية ليست المناصير وحده، ولا مشروعاً واحداً، بل نمطاً خطيراً بحاجة إلى مواجهة، الأردن دولة قوية بمؤسساتها، وبشعبها، وبقيادتها، لكنها بحاجة إلى مواجهة جذرية مع كل من يعطل مسيرة التحديث الاقتصادي، إعادة ضبط المشهد تتطلب: صراحة، شفافية، محاسبة، وإرادة سياسية لا ترتجف، وعندما يرى المستثمر أن الدولة تواجه العبثيين بصرامة، سيزداد يقينه بأن الأردن بيئة آمنة وجاذبة، الأردن قادر على الانتصار في هذه المعركة… فقط إذا قرر أن يواجه، لا أن يجامل.
جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين… الحارس الأول للاستثمار وضمانة الثقة الوطنية
جلالة الملك عبدالله لم يكن يوماً مراقباً بعيداً عن ملف الاستثمار، بل كان وما زال المحرّك الأول له، والضامن الحقيقي لاستقراره، والحامي الأعمق لبيئة الاقتصاد الوطني، فمنذ أكثر من عقدين، والرؤية الملكية تتمحور حول جعل الأردن نقطة جذب استراتيجي للمشاريع الكبرى، وتحويله إلى مركز إقليمي للتجارة والطاقة والنقل، ولولا هذا الثبات الملكي الذي لا يتغير رغم الأزمات لانكمشت المشاريع، وتراجعت الثقة، ولما تجرّأ أي مستثمر على ضخ دينار واحد في بلد صغير بحجمه، كبير باستقراره، لكن الملك وحده لا يستطيع حماية الاستثمار إن لم تقف الدولة، بكل مؤسساتها الأمنية والاقتصادية، خلف توجيهاته، الدولة التي لا تصطف خلف الملك في حماية المستثمرين، دولة تسمح للعابثين بأن يشوّهوا صورتها، ويضربوا سمعتها، ويقايضوا مستقبلها بمصالح شخصية، نحن اليوم أمام لحظة حاسمة: إما أن نثبت بأن الأردن بقيادته دولة جاذبة للاستثمار، قوية، حاضنة، عادلة أو نترك الساحة لفوضى الإشاعات، وسماسرة النفوذ، ونخسر الثقة التي بنيناها عبر عقود، والخطير هنا أن أي مساس بالمستثمر سواء كان المهندس زياد المناصير أو غيره ليس استهدافاً لشخص، بل استهدافاً مباشراً لهيبة الدولة ولرؤية الملك ولقدرة الأردن على الاستمرار في مشروعه الاقتصادي الوطني، لذلك فإن واجب الحكومة والأجهزة الأمنية والإعلام والشعب، هو حماية هذه الثقة الملكية التي بُنيت بالعرق والوقت والمصداقية الدولية.
في الختام… نحن لسنا أمام خلافات شخصية، ولا أمام مناوشات استثمارية عابرة، بل أمام معركة على هوية الأردن الاقتصادية، وعلى مستقبل التنمية، وعلى قدرة الدولة أن تقول للعالم: (هنا وطن آمن، هنا مستقبل يمكن الاستثمار فيه، هنا قيادة تحمي ولا تساوم)، إن الصمت لم يعُد خياراً لنا والتردد لم يعُد مقبولاً لدينا، والمجاملة أصبحت جريمة بحق الوطن، إذا كنا نريد اقتصاداً قوياً، فلابد أن نواجه الحقيقة: هناك من يحاول تخويف المستثمرين، وهناك من يسعى لإفشال رؤية الدولة، وهناك من يعتقد أن نفوذه أكبر من القانون، وهؤلاء يجب أن يعرفوا اليوم وليس غداً بأن الأردن دولة مؤسسات، وأن الأجهزة الأمنية والرقابية والقضائية قادرة على اقتلاع كل من يتاجر بسمعة الوطن أو يبتز المستثمرين أو يهدد الاستقرار الاقتصادي، هذا الوطن بُني بالتضحيات، لا بالابتزاز، ونهض بالمخلصين، لا بالباحثين عن دور زائف، وسيبقى أردنّنا قوياً لأن خلفه ملكاً لا يساوم، وشعباً لا يخاف، ودولةً تحمي كل من يضع قرشاً واحداً من أجل ازدهاره، ولْيعلَم كل من يحاول العبث بمقدرات الأردن بأن النار التي يعبثون بها هي نفسها التي ستحرق مشاريعهم السوداء، الأردن أكبر والدولة أعمق والقيادة أقوى ولن يكون المستقبل إلا لمن يخدم هذا الوطن، لا لمن يتاجر به.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-11-2025 08:59 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||