حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,3 مايو, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 15137

إن غاب وصفي فلدينا غيره

إن غاب وصفي فلدينا غيره

إن غاب وصفي فلدينا غيره

28-11-2011 05:21 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

مع اقتراب ساعات المساء أستلم الرقيب مفلح ابن البادية الجنوبية واجبه العسكري خلف الرشاش على ظهر سيارة الهمر ، لا تظهر إلا عيونه ذات اللون الأخضر اللامع بعد أن تلطم بالشماغ الأحمر الذي يعلوه شعار الجيش العربي وأحاطه  بالعقال الأسود المبروم ، فبرد الصحراء ليس له مثيل إلا برد سيبيريا وخاصة بعد أن تغفو الشمس في الركن الغربي من المعسكر خلف احد أبراج الحراسة .....،حركة رأس مفلح  تشبه حركة الرادار المثبت فوق البوارج البحرية ، حركة مستمرة تغطي ما مساحته نصف دائرة وأكثر من المحيط....،  درجة عالية من اليقظة والانتباه لا ينشغل بشيء فهو مؤتمن على حماية حدود الوطن وهي أمانة وهو على ثغرة من ثغور الوطن فلا يؤتين من قبله...، بينما كان زميله الجندي طراد ممسكا بمقود الهمر وسلاحه الشخصي على مثبت على (القايش) وبوريته السوداء تعلو رأسه (وفلدته المموهه تغطي جسمه النحيل) وضع بين عدادات السيارة صورة أطفاله الثلاثة وهم بعمر الورد يبتسمون له ...، نظرة إليهم ونظرة للحدود ، وبعد مرور برهة من الوقت مر بهم عريف الخفر بوشاحه الأحمر يتفقد الوظيفة طرح التحية ودار حول السيارة وودعهم وبخار الماء يخرج من فمه من شدة برودة الطقس ، وما يزال الأفق واضحاً والأسلاك الشائكة ظاهرة للعيان تلمع كلما تكونت عليها قطرة ندى ....

شد انتباه مفلح ثلاثة أشخاص يركضون بين المنطقة الحدودية الفاصلة وتبعه انطلاق صوت أعيرة نارية كثيفة على الجانب الآخر، وقف مفلح منتصبا على قدميه وهو ممسك بالرشاش وصاح بزميله طراد (الدخيل ، الدخيل يا طراد احمي الدخيل اخوي ..اخوي يا طراد فكهم... فكهم.. عفية عليك...وهو يردد يا الله ..يا الله)...وعلى الفور تحركت الدماء الأردنية وتحرك مؤشر النخوة وخفق فؤاد طراد لصيحة مفلح ، ولمعت صورة أطفاله بين عينة  فانطلقت الهمر باتجاه الأسلاك الشائكة وخرج الجنود من تحت الشوادر ومن الثكنات تركوا الدفء والفضائيات يلبون نداء الدخيل ، تحركت السيارات المصفحة وأطلقت الأعيرة النارية والقنابل المضيئة في المكان ...

فكان مفلح وزميله أول الواصلين إلى (الدخيل) أب وأم وطفلين ، أصيبت الأم بقدمها والدم ينزف فأوقف طراد الهمر بين العائلة وحرس الحدود السوري بينما أبقى مفلح رشاشه مصوبا عليهم ، فهبط طراد كنسر جارح على الأرض وحمل إلام بين ذراعيه وهي تتألم وصراخ الأطفال يملئ المكان ويزيد الأجواء ألماً ، صعد الأطفال مع والدهم وغبار المسافة يغطيهم ،برد وجوع وساعات من المشي المضني في صحراء قاحلة وخوف ورائحة موت وبراءة أطفال ...

لحظات وأمتلئ المكان بالسيارات  المصفحة التي  تحمل شعار الجيش العربي وليس الجيش الأردني.... نشامى أشاوس تعطروا من تراب الوطن بترابه،  تربوا في بيوت الشعر وناموا على صوت النجر وقبلة الدلة للفنجان ، يعرفون مذاق القهوة جيداً ومعاني الفناجين ، وأسماء الخيل ، وحق الضيف ، وقص الأثر، وأنواع الأعشاب ،ومواسم المطر ووقت الربيع ، هؤلاء هم أبناء العشائر الذين يتهمون بالتخلف والتعصب وإثارة النعرات ، هؤلاء هم الذين رعوا الغنم كما فعل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وداست أقدامهم تراب رم وشربوا من ماء باير ، وباتوا عند بئر مذكور ، يعرفون حدود الوطن من شماله لجنوبه داست أقدامهم مناطق لا نعرفها إلا من "جوجل" فخدموا على (الواجهة والشريعة والإكيدر والريشه) هؤلاء هم الذي لا يميزون بين مضاربهم في الجنوب وحدود الوطن في الشمال ، هؤلاء هم الذي لا يرفعون السلاح إلا على من تحدثه نفسه بالتطاول على تراب الوطن فهم له بالمرصاد ....لا يزايدون على الوطن ولا يساومن عليه ، لا يطمعون بكرسي أو منصب أو مكانه ، رضعوا به ورضي بهم ورضي عنهم ....

لمفلح وزملائه أقول فعلتم ما يمليه عليكم الواجب ولمثل هذا اليوم أنجبتكم أمهاتكم وأرضعتكم من حليب السباع أمهات ذخرنكم لتحموا أمهات ، وأطفالكم ودعوكم لتحموا أطفالاً، لا تهنوا ولا تحزنوا أنتم الأعلون بعون الله وإن غاب وصفي فلدينا مفلح وطراد وغيرهم الكثير  .حمى الله الأردن وأهله من شر العاديات .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 15137
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
28-11-2011 05:21 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم